شبان سودانيون: نقاتل إلى جانب الجيش الذي عارضناه بالأمس
<
div class=”wysiwyg wysiwyg–all-content” aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>
سلطت صحيفة لوموند الفرنسية الضوء على التحول الذي شهدته مجموعة من النشطاء السودانيين الذين كانوا معارضين لنظام الرئيس السابق عمر البشير، ثم لنظام الجنرالات بعده، حيث انضموا الآن إلى صفوف الجيش لمواجهة مليشيا الدعم السريع.
قصة كمال الدين النور
وفي تقرير كتبه إليوت براشيه، تروي الصحيفة قصة الشاب كمال الدين النور الذي كان يجلس على سطح أحد المباني، يتأمل الدخان الأسود المتصاعد من مناطق القتال في الخرطوم بحري، حيث نشأ. وقبل ثلاثة أعوام، كان النور جزءاً من مجموعة “غاضبون” التي شاركت في المظاهرات ضد ما اعتبروه “انقلاباً” يقوده الجنرالان عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي).
عودة إلى السلاح
الآن، وبعد مرور ثلاث سنوات، يحمل أعضاء هذه المجموعة السلاح ويقاتلون في الخطوط الأمامية. يقول كمال الدين النور: “الآن نحن في حرب وجودية تفترض تدافعنا عن وحدة السودان، وعلينا الدفاع عن شعبنا، ولذلك حملنا السلاح. نحن نقاتل الآن إلى جانب الرجال الذين قاتلونا بالأمس، ولكن الأمر يتركز حول تحديد الأولويات”.
الجيش أهون الشرّين
وفي سياق معاناة السودانيين مع الانتهاكات التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع، أصبحت القوات المسلحة في نظر العديد من المواطنين “أهون شرين”. أحد الشباب من “غاضبون”، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أشار إلى أن تجربته كمسجون لدى الدعم السريع دفعته للانضمام إلى الجيش لتحرير منطقتهم من سيطرة رجال حميدتي.
وعلى مسافة قريبة من الخطوط الأمامية، أقامت “غاضبون” قاعدتهم في منزل بحي المنارة في أم درمان، حيث لا تزال آثار الماضي مرسومة على الجدران بطريقة تعكس تاريخهم النضالي.### احتجاجات مستمرة ضد “الانقلاب”
تشهد الساحات شجبًا صريحًا لعناصر النظام العسكري، حيث يتردد صدى عبارات مثل “البرهان إلى السجن” و”حميدتي المجرم”. يقول محمد عبد الرحيم (تيوا): “مطالبنا لم تتغير، وبمجرد أن تنتهي الحرب، سنعود إلى الشوارع للمطالبة بحكومة مدنية. معركتنا مع الجيش تعتبر معركة مؤجلة”.
انتقادات لمنتسبي الجيش
يتعرض من انضموا للجيش لانتقادات لاذعة من بعض أطراف الحركة الثورية، حيث يعتبر العديد من الناشطين، خاصة أولئك من في الخارج، أن دعم الجيش يعد رهانًا محفوفًا بالمخاطر، وفي بعض الأحيان خيانة للمبادئ السلمية التي قادت الانتفاضة الشعبية التي أنهت 30 عامًا من الحكم العسكري.
الحاجة إلى حمل السلاح
في الأثناء، انقسمت الأحزاب السياسية التي كانت جزءًا من الحكومة الانتقالية، حيث انضم معظم أعضائها إلى تحالف جديد يسمى “تقدم”، بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، الذي يسعى لتحقيق حل تفاوضي للصراع. ومع ذلك، فقدت هذه المبادرة مصداقيتها بعد توقيع بعض مسؤوليها التنفيذيين على مذكرة تفاهم مع قوات الدعم السريع في إثيوبيا، حيث تبادلوا التهاني مع زعيمها الجنرال حميدتي، وفقًا لمصادر من لوموند.
تشير الباحثة السودانية رجاء مكاوي إلى أنه لا نهاية تلوح في الأفق للصراع، مما يجعل حمل السلاح هو الوسيلة الوحيدة للبقاء خلال الحرب. وتضيف: “عند انتهاء الحرب، فإن الذين سيتبوأون المراكز هم المقاتلون، وسيؤدي هذا إلى ولادة نخبة جديدة من الرجال المسلحين الذين سيعتقدون أنهم وحدهم الذين يمكنهم المطالبة بالشرعية الشعبية”.
الجيش السوداني واستعداده للعودة إلى الحكومة المدنية
على الرغم من خلفياتهم العسكرية، ينظر إلى شباب “غاضبون” والثوار الذين انضموا إلى صفوف الجيش بشكل إيجابي، كونهم يعرفون المدينة جيدًا. وكما جاء في خطاب الجنرال البرهان الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإن الجيش السوداني مستعد لإعادة الحكم للمدنيين بمجرد انتهاء الحرب. لكن يبدو أن النصر لم يعد في الأفق، ولا توجد مؤشرات على أن المؤسسة العسكرية، التي احتفظت بالسلطة منذ استقلال السودان عام 1956، تعتزم التخلي عن الحكم قريبًا.