عودة إلى المنزل بعد 15 شهرًا من الحرب في غزة
رغم الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمنزل، ظل واقفًا بعد 15 شهرًا من الحرب العنيفة. وعند رؤية منزلهم يوم الإثنين الماضي، جثا نعمان، وزوجته ماجدة، وثلاث من بناتهم الست، وهم يحملون حقائبهم منذ الصباح، على ركبهم وأخذوا بالدعاء قائلين: “الحمد لله، الحمد لله”، بينما كانت الشمس تغرب بألوان برتقالية في السماء.
رحلة معاناة تمتد 477 يومًا
بعد 477 يومًا من المعاناة — من الهروب على طول قطاع غزة، للاختباء من القصف، والمعاناة في الخيام، والبحث عن الطعام والماء، وفقدان ممتلكاتهم — عادوا أخيرًا إلى منزلهم.
تقول ماجدة: “فرحتنا لا تُقارن بأي فرحة أخرى، لا فرحة النجاح ولا الزواج ولا الولادة. هذه فرحة لا يمكن وصفها بالكلمات أو الكتابة أو بأي تعبير.”
في أكتوبر، وبمناسبة الذكرى السنوية الأولى للحرب على غزة، قامت وكالة “أسوشيتد برس” بتتبع رحلة عائلة أبو جرد في رحلتهم عبر القطاع.
هروب الفلسطينيين نحو الأمان
فرّ العديد من الفلسطينيين بحثًا عن الأمان بعد الهجوم الذي شنّته إسرائيل ردًا على هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل. كان من بين هؤلاء نُعمان ومجيدة وعائلتهما الذين أُجبروا على ترك منازلهم بعد أن شملهم النزاع. كانا ضمن حوالي 1.8 مليون فلسطيني أُجبروا على النزوح نتيجة الحملة الإسرائيلية الكبيرة التي أعقبت الهجوم.
العائلة في حالة نزوح متكرر
شهدت العائلة نزوحًا متكررًا، فقد بدأت رحلتهم من الجزء الشمالي من غزة بعد ساعات من بدء القصف الإسرائيلي. مع مرور الوقت، انتقلوا سبع مرات حتى وصلوا إلى رفح في أقصى جنوب غزة. تدهورت ظروفم مع كل مرة، وبحلول أكتوبر 2024، وجدوا أنفسهم في معسكر خيام واسع بالقرب من خان يونس، منهكين ومحبطين دون أمل في العودة إلى ديارهم.

أمل جديد في العودة
استعاد الأمل لدى العائلة عندما توصلت إسرائيل وحماس إلى وقف إطلاق النار الذي طال انتظاره في وقت سابق من هذا الشهر. بحلول 19 يناير، بدأت مجيدة في تجهيز ملابسهم، الطعام، ومقتنيات أخرى. وفي يوم الأحد، جاء الإعلان: في اليوم التالي، ستنسحب القوات الإسرائيلية من طرق رئيسية لتسمح للفلسطينيين بالعودة إلى الشمال.
العودة إلى الشمال
منذ يوم الإثنين، عاد أكثر من 375,000 فلسطيني إلى شمال غزة، العديد منهم سيرًا على الأقدام.
عائلة أبو جرد משיכים رویّתם…
الرحيل من المخيمات في غزة
في صباح يوم الإثنين عند الساعة الخامسة، غادر العشرات من المخيمات في غزة، محملين بأمتعتهم داخل سيارة نقلتهم إلى حدود ممر نتساريم، المنطقة التي حوّلتها القوات الإسرائيلية إلى منطقة عسكرية، والتي كانت تمنع العودة إلى الشمال حتى هذا الأسبوع.
رحلة العودة إلى الشمال
من هناك، ترجلوا وانضموا للجماهير المحتشدة التي تسير على الطريق الساحلي. ولثمانية كيلومترات تقريباً، حمل الرجل البالغ من العمر 49 عامًا، نئمان، حقيبة على ظهره وأخرى بين ذراعيه، بينما تدلّت حقيبتان من مرفقيه. كانوا يتوقفون باستمرار للراحة وإعادة ترتيب الحقائب وترك بعض الأغراض على الطريق.
الصعوبات والفرح في الطريق
قالت ماجدة لوكالة “أسوشيتد برس” التي رافقتها خلال الرحلة: “الطريق صعب جدًا، لكن فرحتنا بالعودة تجعلنا ننسى التعب. يمنحنا الحماس الطاقة للاستمرار في كل خطوة نخطوها.”
الوصول والمخاطر في غزة
عند وصولهم إلى الأطراف الجنوبية لمدينة غزة، استأجروا شاحنة صغيرة، لكنها سرعان ما نفدت من الوقود، فانتظروا لأكثر من ساعة قبل أن يجدوا شاحنة أخرى. أثناء عبورهم المدينة، شهدوا لأول مرة الأثر المدمر للحرب في الشمال.
عودة الفلسطينيين إلى قطاع غزة الشمالي
شهد يوم الاثنين، 27 يناير 2025، عودة آلاف الفلسطينيين المهجرين إلى منازلهم في شمال قطاع غزة، بعد قرار إسرائيل بالسماح لهم بالعودة للمرة الأولى منذ الأسابيع الأولى للحرب التي استمرت 15 شهراً مع حماس.
على مدى 15 شهراً، شنت إسرائيل هجمات متكررة على مدينة غزة والمناطق المحيطة بها، في محاولة للقضاء على مقاتلي حماس الذين كانوا يعملون في كثير من الأحيان داخل الأحياء السكنية المكتظة. عقب كل هجوم، كان المقاتلون يعيدون تنظيم صفوفهم، ليتبع ذلك هجوم جديد.
مشاهد الدمار وتأثيرها على العائدين
تحركت الحافلة عبر شوارع المدينة المدثرة بالركام، محاطة بمباني متضررة أو محولة إلى أكوام من الخرسانة. قال نعمان أبو جارد، وهو ينظر عبر نافذة الحافلة، “دمّروا المزيد في هذه المنطقة”، وهو يغادر مدينة غزة متجهاً نحو بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون، اللتين شهدتا واحدة من أعنف هجمات إسرائيل في الأشهر الثلاثة الأخيرة قبل وقف إطلاق النار.
عندما بدأت الشمس في الغروب، أوصلتهم الحافلة إلى حافة حيهم. وقفت بنات نعمان في حالة من الصدمة؛ إحداهما فغرت فاهها ووضعت يديها على خديها، بينما أشارت أختها نحو حقل المنازل المدمرة. ساروا آخر بضع مئات من الأمتار، عبر أراضٍ محززة ومجرفة.
عودة الأمل والإيمان
على الرغم من الحقائب المعلقة على جسمه، هرول نعمان، وهو سائق سيارة أجرة سابقاً قبل الحرب، برباطة جأش وكرر بصوت مرتفع مليء بالامتنان، “الله أكبر، الله أكبر. الحمد لله”.
عودة عائلة أبو جرد إلى منزلهم المدمر في بيت لاهيا
عادت عائلة نعمان أبو جرد إلى منزلهم في بيت لاهيا بقطاع غزة يوم الاثنين 29 يناير 2025 للمرة الأولى منذ بداية الحرب بين حركة حماس وإسرائيل. كان المنزل لا يزال قائماً، وإن كان كهيكل فارغ ضمن صف من المباني المتضررة. وبعد أن أدوا الصلاة أمامه، اتكأ نعمان على جدار منزله الخرساني وقبَّله بسعادة، ليكتشف أن نبتة متسلقة أمام المنزل قد نجت بأعجوبة. انهمك فوراً في فحص وتنظيم فروعها.
الإحساس بالفرحة والحزن لدى العائلة
أسرع أحد الأطفال إلى داخل المنزل عبر مدخله الخالي من الأبواب، وبدت مندهشة تتنهد قائلة: “يا رب، يا رب”، قبل أن تنفجر في البكاء، وكأن كل الصدمة والحزن والفرحة والراحة تنفجر دفعة واحدة.
التحديات التي تواجه العائدين
مثل غيرهم ممن عادوا إلى شمال غزة، تواجه عائلة أبو جرد سؤالاً حول كيفية البقاء وسط الدمار. الماء والغذاء لا يزالان نادرين، مما يجعل السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية، التي تتزايد تحت الهدنة. لا توجد كهرباء، وعشرات الآلاف بلا مأوى.
آثار الدمار المحيط بمنزلهم
بجوار منزل عائلة أبو جرد، تحول منزل شقيق نعمان ذو الطوابق الثلاثة إلى أنقاض خرسانية بعد تدميره بغارة جوية. تأثر منزل نعمان حين انهار المنزل المجاور، لكنه قال: “الحمد لله، هناك غرفة سليمة سنعيش فيها”. وأكد عزمه إصلاح ما تدمر.
الألم والأمل في ظل الظروف الحالية
يعاني نعمان من ضغط الحرب، فقد دُمِّر منزل عمه وفقد بعض أبنائه. دُمِّرت منازل عدة من جيرانه أيضاً. وأكد نعمان أنه سيضطر للسير عدة كيلومترات للعثور على الماء، مثلما كان يفعل أثناء إقامته في مخيمات النزوح. وقال: “مرة أخرى، سنعيش معاناة وتعبًا”.
رابط المصدر
“`html
العائلة الفلسطنية في مخيم اللاجئين
مجموعة من أفراد عائلة أبو جرد، الذين نزحوا نتيجة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، تجمعوا أمام خيمتهم في مخيم للاجئين الفلسطينيين بمنطقة المواصي في جنوب قطاع غزة، يوم السبت، 18 يناير 2025.
(الصورة من: AP، عبد الكريم حنا)
مساهمة من الكُتاب
قاد التقرير الصحفي مجدي من القاهرة. كما ساهم الكاتب الصحفي لي كيث من القاهرة في إعداد هذا التقرير.
المصدر والمزيد
للتفاصيل الكاملة، يمكن زيارة رابط المصدر.
“`