لا تسهل الكلمات عندما نحتاج لنطقها قبل لحظات من وداع أحبتنا، خاصة عندما يتعلق الأمر بغياب كاتب بارز مثل إلياس خوري، الذي يبقى رحيله في صمت أو ذهول. لقد أصبح الموت حاضراً معنا في ظل الحروب المتزايدة، وآخرها ما يجري في غزة والضفة والجنوب اللبناني، لكنه لم يكن مجرد كاتب عادي حتى نسمح لنفسنا بتجاهل أثره.
منذ أن درست مع إلياس خوري في الجامعة اللبنانية أواخر الستينات، لم أره يوماً مستكيناً. كان شخصية مليئة بالشغف والتمرد، أقرب إلى العاصفة. في تلك الأوقات، لم يكن لطابع موهبته الأدبية والنقدية ظهور واضح، أي أنه كان يعتمد على تعبيراته الجسدية للتعبير عن احتجاجاته.
كانت فلسطين جزءاً مهماً من كينونة إلياس، ما دفع محمود درويش إلى ملاحظة طاقاته الثورية. تعاون معه في تحرير مجلة «شؤون فلسطينية» التي سعت إلى تعزيز الذاكرة الجماعية ونقل صورة حقيقية عن فلسطين.
عُرف إلياس خوري بموهبته السردية الاستثنائية التي لم تقتصر على القضايا السياسية فقط، بل كان يسعى دائماً للارتقاء بأسلوبه الفني. إذا نظرنا إلى رواياته، نجد أن لكل واحدة منها نكهتها الخاصة، مثل «الوجوه البيضاء» و«مجمع الأسرار»، حيث كان يبتعد عن تكرار نفسه.
إدوارد سعيد أشار إلى دور إلياس خوري في تقديم جيل جديد من الروائيين، حيث أضاف قيمة كبيرة إلى إرثه الأدبي بفضل موهبته ووعيه بمعاناة الفقراء والمحرومين. لقد تمكن من تجسيد حكاياتهم في قصص لم يسبق لها مثيل.
غيابك يا إلياس يجعل الحياة موحشة، لكن ذكراك وكلماتك ستظل حاضرة. ما تركته خلفك في ذاكرتنا وأذهاننا يفوق بكثير ما ستأخذه معك. رحيلك جاء في وقت يشهد فيه صراعاً عميقاً يواجه فلسطين، التي أحببتها بلا حدود.
[featured_image]
رابط المصدر