“`html
عباس عراقجي: براغماتي يمهد لدبلوماسية محور المقاومة
عباس عراقجي: دور مؤثر قيادي
يعد عباس عراقجي إحدى الشخصيات البارزة في السلك الدبلوماسي الإيراني، حيث تميزت سياساته بالبراغماتية، مما مكّن إيران من التكيف مع الظروف المتغيرة في الساحة الدولية. وقد شغل منصب نائب وزير الخارجية الإيراني، وله دور فعال في الإشراف على المفاوضات النووية التي شكلت محور السياسة الخارجية الإيرانية.
ردود عراقجي على الانتقادات
في مقال نُشر بجريدة “خراسان” الرسمية، قام عراقجي بالرد على الانتقادات التي طالته خلال السنوات الماضية، وأوضح كيف أن توجهه يعتمد على تحقيق مصالح إيران الوطنية من خلال مزيج من الدبلوماسية القوية والتعاون مع حلفاء محور المقاومة. واعتبر أن هذه الاستراتيجيات تساهم في تعزيز موقف إيران على المستوى الإقليمي والدولي.
تعزيز دبلوماسية محور المقاومة
تركز دبلوماسية عراقجي على توثيق العلاقات مع الدول التي تعتبرها إيران كأصدقاء في محور المقاومة مثل سوريا ولبنان، وذلك بهدف مواجهة التحديات المشتركة وتعزيز القدرة الاستراتيجية. ويُشار إلى أن هذه التحركات تأتي في خضم التوترات المتزايدة مع الولايات المتحدة وحلفائها.
مستقبل الدبلوماسية الإيرانية
يتطلع عراقجي إلى بناء مستقبلاً دبلوماسياً يعتمد على التوازن بين القوة الناعمة والسلوك الحاسم، مما قد يهيئ الطريق لإيران لتحقيق أهدافها على الساحة الدولية. ومع ازدياد الضغوط من الغرب، يبدو أن هذا التكتيك قد يكون الخيار الأنسب لاستمرار السياسة الإيرانية.
“`
تعيين وزير الخارجية الجديد
تُعتبر مناسبة اختيار شخصية سياسية ذات تاريخ مهني متنوع أمرًا نادرًا في إيران، حيث صوّت النواب لصالح تعيين عباس عراقجي كوزير للخارجية في حكومة الرئيس مسعود بزشكيان، الذي تولى رئاسة البلاد بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية المبكرة التي أقيمت في يوليو 2024، عقب وفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة.
تعرّض عراقجي لهجماته من بعض سجلات التيار المحافظ الذين انتقدوه لعدة سنوات بتهمة الإضرار بالمصالح الوطنية خلال قيادته للمفاوضات النووية التي أدت إلى توقيع الاتفاق النووي عام 2015 مع الدول الست الكبرى. ومع ذلك، انقسم النواب المحافظون في آراءهم تجاه تعيينه، حيث رأت أغلبية من الجناح المحافظ قدرته على تولي هذا المنصب.
مناقشة حول مفاعل أراك
النائب أمير حسين ثابتي اعتبر عراقجي “غير دبلوماسي”، مشيرًا إلى الأضرار الناجمة عن الاتفاق النووي الذي أعده مع وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف. وأعرب ثابتي عن استغرابه من دعم بعض النواب لتعيينه على الرغم من معرفتهم بمخاطر الاتفاق على مفاعل أراك، سائلاً: “ما هي الفقرة من الاتفاق التي يمكن الدفاع عنها؟”.

دفاعات واحتجاجات داخل البرلمان
ظهر نواب آخرون مثل محمد رضا أحمدي وميثم ظهوريان، معترضين على تعيين عراقجي، معتبرين أنه يمثل استمرارًا لسياسات محمد جواد ظريف. بينما اقترع عدد من النواب مثل آزادي خواه وهادي قوامي لصالحه، مدافعين عن قدرته على تطبيق سياسات تتماشى مع ماحدده المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي.
تظهر الضغوط السياسية انقسامًا واضحًا ضمن الجناح المحافظ، حيث كان هناك دعم أكبر لعراقجي من المتوقع من الأفراد المنتمين لهذا التيار. كما أعلنت لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية المؤيدة له دعمها التام لتعيينه.
التركيز على دبلوماسية المقاومة

خلال كلمته أمام النواب، أكد عراقجي على اتباعه سياسة “دبلوماسية المقاومة” التي تبناها الجنرال قاسم سليماني، مشددًا على استمرار الدعم الإيراني للقضية الفلسطينية وحركات المقاومة الإسلامية ضد السياسات الصهيونية.
وأبرز عراقجي أن الحكومة الجديدة ستسعى لتعريف العالم بأهداف محور المقاومة من خلال سياسات دبلوماسية فعالة.
مستقبل العلاقات الخارجية
ذكر عراقجي أن إيران ستبني أولويات علاقاتها الخارجية مع الدول الشرقية مثل الصين وروسيا، مشيرًا إلى أهمية دعم القوى الناشئة في العالم.
أكد على استمراره في سياسة حسن الجوار ومبادرات دبلوماسية في المناطق الحدودية، موضحًا أن الأولوية ستظل دائمًا للجوار والسلام.
خفض التوترات مع الدول المجاورة
أوضح عراقجي أن الحكومة الجديدة ستسعى إلى تخفيف حدة التوترات مع دول الجوار، مشيرًا إلى أن سياساته ستكون مبنية على “إجهاض العقوبات” ورفض التفاوض تحت الضغوط، مُعبرًا عن استعداد إيران للحوار مع أوروبا في حال تغيير سلوكها العدائي.

بعد تسع جلسات من المناقشات، حصل عراقجي على 281 صوتاً من أصل 289، مما أظهر ثقته أمام النواب الإيرانيين.
من الحرس الثوري إلى الدبلوماسية الاحترافية
نشأة عباس عراقجي
وُلد عباس عراقجي في 5 ديسمبر 1962 لعائلة محافظة تعمل في التجارة في طهران. فقد والده في سن السابعة عشرة، وبدلاً من السير على خطى عائلته التي اشتهرت بتجارة السجاد، اختار عراقجي مساراً منفصلاً. وانتهت دراسته الثانوية مع انتصار الثورة الإيرانية عام 1979.
عند رغبته في الالتحاق بالجامعة، بدأت الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) مما أدى إلى إغلاق الجامعات. فقرر الانضمام إلى الحرس الثوري وشارك كضابط في ميادين القتال.
في عام 1985، اجتاز اختبار القبول بكلية العلاقات الدولية بوزارة الخارجية وتخرج فيها عام 1988. بعد تخرجه من الحرس الثوري، بدأ مسيرته في السلك الدبلوماسي كخبير في الدائرة الدولية بوزارة الخارجية.
تابع دراساته العليا في “جامعة آزاد إسلامي” وحصل على شهادة الماجستير في العلوم السياسية، كما حصل على منحة لدراسة الفكر السياسي في جامعة كينت ببريطانيا.

مسيرته الدبلوماسية
بدأت مسيرة عراقجي في السلك الدبلوماسي من خلال عمله كقائم بالأعمال في منظمة المؤتمر الإسلامي عام 1994. عُين وزيراً في فنلندا وإستونيا بين عامي 1999 و2003، ثم عاد ليتولى إدارة الدائرة الأولى للسياسة الأوروبية الغربية حتى عام 2004، قبل أن يتولى رئاسة كلية العلاقات الدولية.
بعد تعيين منوشهر متقي وزيراً للخارجية، أصبح عراقجي مساعداً له في الشؤون القانونية والدولية، حيث كان يمثل إيران قانونياً في المفاوضات لفترة طويلة. في عام 2007، عُين سفيراً في طوكيو، وعاد لاحقاً كمعاون لشؤون آسيا.

خلال ولاية روحاني الثانية، عُين عراقجي مساعدًا للشؤون السياسية في وزارة الخارجية حتى عام 2021، حيث استقال بعد ذلك ليعمل في المجلس الاستراتيجي للسياسات الخارجية، قبل أن يحصل على ثقة البرلمان كوزير للخارجية في أغسطس الماضي.
على الرغم من مهارته وكفاءته، فإن عراقجي ارتبط اسمه بالعديد من المفاوضات النووية مع القوى الغربية خلال فترتي رئاسة أحمدي نجاد وروحاني.
الاتفاق النووي وردود الفعل
الاتفاق النووي الذي وقعته إيران في عام 2015 هدف إلى تقليص البرنامج النووي الإيراني لمدة عشرة أعوام بعد 12 عاماً من التوترات. وقد تم تنظيم رفع العقوبات المفروضة على إيران بموجب هذا الاتفاق، مما سمح لها بتطوير برامجها النووية مع حدود معينة.
بعد توقيع الاتفاق، انقسم الرأي العام في إيران بين من اعتبره إنجازاً كبيراً، وأعداد من احتفلوا به، مقابل من وجهوا انتقادات شديدة معتبرين أنه يمثل فشلًا في الحفاظ على المصالح الوطنية. وعبر عراقجي عن رؤيته لهذه الانتقادات في مقال له نُشر في صحيفة “خراسان”، مشيرًا إلى أن الاتفاق كان نصراً للدبلوماسية الإيرانية.

انتقد عراقجي في مقاله التفريط في الإنجازات السياسية الخارجية لصالح مكاسب قصيرة الأجل، مشدداً على أهمية النشاط الداخلي في نجاح السياسة الخارجية.
إسهاماته الأدبية
بالإضافة إلى عمله الدبلوماسي، ألف عباس عراقجي 10 كتب و35 مقالة باللغة الفارسية و7 مقالات باللغة الإنجليزية، حيث ركزت كتاباته على السياسة الدولية. من أبرز أعماله الحديثة “السر المكتوم: الاتفاق النووي” و”دبلوماسية المياه العابرة للحدود”.
كما أصدر كتاب “صراع الهوية في الأزمة اليمنية” عام 2018، والذي تطرق إلى القضايا الأمنية في العالم العربي وغرب آسيا.