عصام العطار.. ترجمة مميزة

Photo of author

By العربية الآن



عصام العطار.. ترجمة مميزة

%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b7%d8%a7%d8%b1 1714828230
الشيخ عصام العطار (الجزيرة – أرشيف)
عند اشراق شمس يوم الجمعة 24/شوال/1445 الموافق/3/ايار-/2024، انتقلت الينا شخصية الرائد والمبشر الاستاذ عصام العطار، الذي انتقل الى جانب الله الكريم بعد حياة طويلة مباركة، مليئة و مشرقة عن سنوات تقدر بالتسعين.

قد وهبته الله جاذبية وصفات الريادة، ليس فقط في سوريا بل في مستوى الامة، ومع رحيله بالنسبة لسوريا، يتم تكميل رحيل جيل الراغبين السوريين عن عالمنا.

عصام العطار واقع فريد للغاية، فمن حيث التشكيل والتعلم والتصوير، تذكرني حالته دوما.بوفاة الكاتب الكبير الأستاذ محمود عباس العقاد رحمه الله، حيث قاما كل واحد منهما بجهد ذاتي منذ شبابه لتعلم المعرفة بنفسه، اتبع كل منهما منهجية شديدة التنوع والاكتمال لبناء قاعدة علمية وثقافية solide. كان لهما مكانة كبيرة بين العلماء والمثقفين.

كان للكاتب عصام العطار دور هام في تاريخ سوريا، حيث واجه بصوت مرتفع ومواقف قوية مؤامرات التغريب والهجرة في سوريا، خلال فترة كانت فيها الصراعات تجتاح جميع المجالات الثقافية والفكرية والسياسية.

هذا بالإضافة إلى تأثره بالكتاب الشيخ علي الطنطاوي والشيخ سعيد الطنطاوي رحمهما الله، حيث لفت الأنظار إليه بخطبه ذات الجودة وصوته القوي وأدائه المميز وكلامه البليغ ومواقفه الرجولية، وقدرته على نشر الحماس وتشكيل الرأي العام.

استمر في الظهور والتألق وتصدر المنصات، خاصة خلال الخمسينيات والستينيات، حيث واجه العلمانيين والليبراليين واليساريين واستطاع صناعة تأثيره في تصوير تحولات سوريا في تلك الفترة المحورية من تاريخها.

وكلف الشيخ علي الطنطاوي بإعداد مؤتمر عالمي للعلماء في مدينة القدس الشريف لمواجهة التحدي الصهيوني، واختار عصام العطار ضمن الشباب الموهوبين للمساعدة، ليكون له دور بارز في معارك تلك الفترة الصعبة.

ترك بصمته وتأثيره في تاريخ سوريا، وواجه بقوة الانظمة المستبدة والطائفية والقومية، وكان يعارض بشجاعة خططهم لنهب وتقسيم بلادهم. واستطاع من خلال خطبه ومواقفه الوقورة جذب الجماهير إليه للتأثير فيهم بفكره وروحه النقية.

كان كلماته وخطاباته مؤثرة للغاية ترسخت في قلوب الناس، وكانت تلك الأفكار والقيم التي نقلها تأثيرها بارزًا على المجتمع السوري بأسره. وبالرغم من محاولات اغتياله المتكررة، كان قلمه يبقى تشع بالحق والعدالة.

فقام ببرامج تلفزيونية تحليلية تفتح عيون المجتمع للمشاكل والتحديات التي تواجهه، وعندما اتُهم بجريمة لم يرتكبها، ظل وفيًّا لقناعاته ومبادئه حتى آخر لحظة من حياته.والتتبع، لتعم الاستفادة منه جميعًا في تقويم ذاتي، إننا اليوم في حاجة ماسة إليه.

عصام العطار عنصر من ذاكرة تاريخ الإسلام والدعوة، ومن تاريخ مقاتلة الشعوب الحرة الشجاعة، ومن تاريخ البشر.

بالنسبة لإقامته في الشتات، كان عصام العطار صوت الإسلام الحكيم، المتكلم في المنابر والمراكز والمؤتمرات والمناسبات، وله أثره الفكري والدعوي المشهود في الغرب.

وعلى الرغم من تعرضه لصعوبات متعددة وشاقة جدًا بسبب مُطاردة طغاة البعث والطائفيين له، منذ الانقلاب اللعين في سوريا حتى وفاته رحمه الله، إلا أنه قدم للأمة وللإنسانية أعظم الأمثلة في التمسك بالحق، والتفوق على جميع الإغراءات التي تلهث إليها بعض الناس، وكان دائمًا الأمين للإسلام والدعوة والحرية والكرامة والعدالة والشجاعة والشرف لشعبه وأمته، ولم يتغير أبدًا.

وإذا أردتم معرفة بعضًا عن شخصيته، فقوموا بقراءة ذكريات علي الطنطاوي، ستجدونه حاضرًا فيها، وسترون مراجعاته وحديثه. عصام العطار عنصر من ذاكرة تاريخ الإسلام والدعوة، ومن تاريخ مقاتلة الشعوب الحرة الشجاعة، ومن تاريخ الإنسان.

أشرفت على توثيق مشاركته لي في البرنامج التلفزيوني الوثائقي الذي أعدته حول حياة الأستاذ الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله، والذي تم بثه عبر قناة اقرأ الفضائية وما زال متوفرًا في اليوتيوب. كما شرّفني لقاؤه مرات عدة. أحببته منذ نعومة أظفاري، أحببت شخصيته وجهاده وثباته وبيانه وزعامته ورجولته وكرمه.

أما بالنسبة لدعمه للانتفاضة في فلسطين وقطاع غزة، فلا حاجة للسؤال، حيثما دعي المبادئي أمسك بالفعل مبادرًا مجيبًا مؤيدًا للحق وللمظلومين، وتراه كأسد يهدير في وجه كل الطغاة والمحتلين والمستبدين

عند بداية الثورة السورية في عام 2011، ونحن نحضرها مع الأمين العام السابق لرابطة العلماء السوريين الأستاذ فاروق بطل (رحمه الله) إلى مؤتمر علماء المسلمين الأول الضخم لنصرة الشعب السوري، قلت لهم: “إن ما يساعدنا على نجاح المؤتمر والتجمع لدعم ثورة شعبنا هو استضافة الزعيم الأستاذ عصام العطار، نظرًا لشخصيته ومكانته ومواهبه، ولتوحيد الصف الإسلامي، ولضمان تفاعل سوريا بجميع أطيافها مع هذه الثورة المباركة، من دمشق إلى الجزيرة السورية.”

لقد لاقت الفكرة ترحيبا واستحسانًا، وبعد ساعات قليلة من اجتماعنا وفي منتصف الليل، قام الأستاذ فاروق بطل (رحمه الله) بالاتصال بالأستاذ عصام العطار، وعبر له عن الشوق والتقدير والاحترام، ثم عرض عليه المشاركة في المؤتمر. رحب على الفور على الرغم من مشاكل صحته، وأبدى موافقته، وشرفنا في المؤتمر الضخم بحماسه ودعمه وتأييده، وكان من بين نجوم المؤتمر، حتى قدم لنا طاقات رائعة بسماويّته وثباته وأفكاره.

أما بالنسبة لدعمه للانتفاضة في فلسطين وقطاع غزة، فلا حاجة للسؤال، حيثما دُعي المبادئي كان سريعًا في الاستجابة والمساندة للحق وللمظلومين، وتراه كأسدًا ينبح في وجه جميع الطغاة والمحتلين والمستبدين. فسلام الله عليك يا أستاذنا الجليل عصام العطار يوم وُلدت ويوم عهدت بتقديم الخدمة للدعوة ونصرة الحق وتأييد المظلومين ورفض الاحتلال والطغيان.

وسلام الله عليك عندما تحملت الصبر أمام الصعاب بجميع أشكالها، فأنت بالفعل لم تنحني ولم تتردد، وكنت كصخرة حقٍ تبعث النور. وسلام الله عليك عندما انتقلت إلى لقاء ربك الكريم لتلقى جزاءً منفعلًا بعطفه وكرمه وإحسانه.

أتقدم بأصدق التعازي لأسرة فقيدنا العظيمة ولطلابه ومحبيه ولأقاربه ولأبطال سوريا، ولأبطال العلماء والدعاة في سوريا وفي العالم العربي والإسلامي.

 

الآراء التي ذُكرت في هذا المقال هي آراء الكاتب وقد لا تعكس بالضرورة موقف قناة الجزيرة الرسمي.



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.