غازي الشواشي.. معارض تونسي أنهكه السجن ولم يكتم صوته
تونس/باريس – يبدو أن الناشط السياسي غازي الشواشي، الذي تسجنه السلطات منذ فبراير/شباط 2023 في سجن المرناقية، لم يتوقع أن تكون تكلفة الدفاع عن الديمقراطية باهظة على حريته وصحته، في وقت شهدت فيه تونس تحولات عميقة بعد أزمة سياسية استغلها الرئيس قيس سعيد للسيطرة على جميع السلطات.
واستطاع الشواشي، برفضه للإجراءات الاستثنائية التي أقرها سعيد في 25 يوليو/تموز 2021، أن يبرز ما اعتبره انقلابًا على الدستور والشرعية. وبالرغم من أن سجنه كان عقابًا له، فإن صوته لم يتوقف عن أن يكون مسموعًا.
يُعتبر الشواشي، الأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي، شخصية بارزة تتمتع بشجاعة فكرية عميقة ومؤمنة بمصلحة الوطن. فهو محامٍ مناصراً لحقوق الإنسان، ونائبٌ معارضٌ للحكومة بعد الثورة، ووزيرٌ ناشط في مكافحة الفساد في وزارة أملاك الدولة.
احتجاز قسري
في بداية فبراير/شباط 2023، شنت السلطات التونسية حملة واسعة أدت إلى اعتقال عدد كبير من معارضيها، حيث أُطلق تحقيق في قضايا “التآمر على أمن الدولة”، التي تقول المعارضة إنها تفتقر إلى الأدلة. وكان الشواشي، البالغ من العمر 61 عامًا، من بين المعتقلين الذين يتهمون السلطة باحتجازهم قسريًا دون محاكمة.
يعاني الشواشي في السجن من أمراض مزمنة أثرت على صحته دون أن يتلقى الرعاية الصحية المناسبة، وفقًا لما ذكره ابنه إلياس. وهو يواجه تهماً خطيرة تصل عقوبتها إلى الإعدام طبقًا لما تعتبره المعارضة تهمًا مفبركة تتعلق بمحاولة تغيير النظام والتآمر على أمن الدولة.
في حديثه مع الجزيرة نت، يعتبر إلياس أن والده تعرض للتهم الكيدية دون أي دليل، مبرزًا أن الشواشي يعيش فترة صعبة صحياً وسياسياً وأحيانًا يتعرض للإهمال أو المجاعة. ويحذر من أن في حال استمرار هذه الظروف، فإن حياة والده قد تكون في خطر.
عقوبة جماعية
يؤكد إلياس أن ما يحدث مع والده هو بمثابة عقوبة جماعية لعائلته، مشيرًا إلى تعرض والدته، القاضية السابقة، لانتقامات حيث تم نقلها من محكمة مشهورة إلى محكمة أقل درجة. وخلال فترة اعتقاله، عانى الشواشي من ظروف صحية صعبة منعته من الحركة والاستراحة، وأحيانًا يكون محاموه ممنوعين من زيارته.
كما يبرز إلياس أن معاملة والده القاسية تُعزى إلى رغبة في إسكاته، مشيرًا إلى أن والده هدد السلطة عندما أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في أكتوبر/تشرين الأول من داخل زنزانته.
وفي تصريحات سابقة، اعتبر الشواشي أن تونس بحاجة إلى تغيير شامل للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعيشها، وضرورة العودة إلى مسار الانتقال الديمقراطي.
ترشح مرفوض
لم يتمكن الشواشي من الحصول على الموافقة اللازمة من هيئة الانتخابات لتقديم ملف ترشحه، بسبب اشتراطاتها التعجيزية رغم وجود توكيل عام من ابنه. وتواجه الهيئة انتقادات واسعة من المرشحين الذين تمت إزالتهم من السباق بقرارات تعتبر مخالفة للقانون.
من بين 17 مرشحًا، لم تقبل الهيئة سوى مرشحين هما زهير المغزاوي والعياشي زمال، الذي تم اعتقاله مؤخرًا بتهمة تزوير توقيعات الشهود. ولا تزال التحضيرات قائمة للانتخابات، مع تخوف معظم المرشحين من التعرض لنفس مصير زملائهم.
راسلت عائلة الشواشي العديد من المنظمات الحقوقية لأجل زيارة غازي والاطمئنان على صحته، ولكن لم تتلقَ أي ردود، مما يعتبر علامة على مناخ الخوف الذي تعيشه البلاد.
رابط المصدر