غزة: شقيقة سنغين الأفغانية!

Photo of author

By العربية الآن



غزة توأم سنغين الأفغانية!

استنزاف قوات الاحتياط بالجيش الإسرائيلي بسبب استمرار القتال في غزة (جميع الصور تصوير المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي التي عممها للاستعمال الحر في وسائل الإعلام)
استنزاف قوات الاحتياط بالجيش الإسرائيلي بسبب استمرار القتال في غزة (الجيش الإسرائيلي)
يتذكر الأفغان منشور تهنئة من غزة بمناسبة انتصار حركة طالبان على الاحتلال الأمريكي، وذلك في الذكرى الثانية لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان. كان المنشور مزينًا بصورتين: إحداهما لقبة الصخرة والأخرى لطبق من الحلويات الفلسطينية التقليدية، ويقول المنشور: “من غزة العزة، نشارككم فرحتنا بانتصار أبطال الإمارة الإسلامية في أفغانستان وتحرير العاصمة كابل”.

أما بالنسبة للبريطانيين، فإن ذكرياتهم تظل محفورة في أذهانهم عن سنغين، المديرية الواقعة في ولاية هلمند بجنوب أفغانستان، حيث عانت القوات البريطانية في هذه المنطقة لأكثر من عام دون أن تتمكن من رفع معنوياتها، مما أدى إلى انسحابها في عام 2010 وتسليم المنطقة لقوات مشاة البحرية الأمريكية.

لم تكن قوات الاحتلال البريطانية راضية عن انهيار ما كانوا يطلقون عليه “فاتيكان طالبان”، حيث كانت رؤيتهم تجمع قادة طالبان ومقاتليها في مكان معين، مما أدى إلى منحهم ما اعتبروه مكسباً يحافظون عليه، وينسجم تماماً مع طبيعتهم الدينية.

فاتيكان أفغانستان

وفي محاولة لاستغلال الوقت والسيطرة بطرق غير عسكرية، لجأت القوات البريطانية إلى استقطاب القبائل وفتح حوار غير مباشر مع قادة طالبان. وقد أثبتت هذه الجهود فشلها نتيجة لسوء النية، حيث كانت عقيدة هذه القوات تستند إلى أن الحوار والدبلوماسية القبلية أدوات حرب لتحقيق النصر، وليس لخلق السلام.

تستند هذه السياسة نفسها إلى ما يمارسه الاحتلال الإسرائيلي اليوم في حربه على قطاع غزة، حيث حاول الهروب من المأزق العسكري من خلال استقطاب العشائر الفلسطينية وإقامة حوارات غير مباشرة مع ممثلي المقاومة، ولكن النتائج كانت متطابقة مع نتائج القوات البريطانية في هلمند، حيث واجه المقاومون عنادًا من الاحتلال ورفض الشعب التعاون معه.

توافق زعماء القبائل مع القوات البريطانية ذات مرة على تعيين حاكم لمديرية سنغين، حيث أرادوا تجنيب المنطقة المزيد من العمليات العسكرية، فاصطف زعماء القبائل مع طالبان للحد من هجماتها. إلا أن التفاهم بينهما واجهته القوات الأمريكية، التي ألغت الاتفاق باقتحام اجتماعاتهم.

كانت آخر معارك القوات البريطانية في عام 2010 تُعرف بعملية “بزوغ شمس سنغين”، لكن النجاح لم يكن حليفهم وواجهوا الخسارة قبل الظهيرة.

قدم البريطانيون حلًا لحركة طالبان، حيث وقعوا اتفاقًا ينص على عدم دخول القوات الأجنبية إلى مديرية “موسى قلعة” المجاورة، وإجراء مباحثات لتقديم وصاية دينية لمشايخ طالبان، على أن تكون عاصمتها موسى قلعة، في مقابل ترك السياسة للحكومة الأفغانية الموالية لأمريكا وحلف الناتو، لكن هذا الاتفاق انهار بعد اجتياح القوات الأمريكية لموسى قلعة.

لم تكن القوات البريطانية راضية عن انهيار ما أطلقوا عليه “فاتيكان طالبان”، وكان رأيهم أن تجميع قادة طالبان في مكان واحد هو مكسب لهم، يدعم طبيعتهم الدينية، بدلاً من دفعهم خارج المنطقة ليتشتيتوا في جميع أنحاء البلاد. وقد أشار ضابط بريطاني إلى ذلك بقوله إن موسى قلعة كانت كالبحيرة، فإذا ضغطت على المياه فيها من جانب؛ انتشرت في الأركان الأخرى.

تتشابه ولاية هلمند الأفغانية مع غزة الفلسطينية في عدد السكان، حيث يزيد عدد سكان كل منهما عن مليوني نسمة، إلا أن مساحة هلمند أكبر من ضعف مساحة فلسطين بالكامل.

ملحمة النصر

تعني سنغين “الثقل” أو “الوزن” في لغتي البشتو والفارسية، ولا تزال معركتها علامة بارزة في ذاكرة البريطانيين، حيث تكبدوا خسائر فادحة تجاوزت المئة قتيل، بينما تعد عنوانًا للأفغان في جهادهم ضد الاحتلال الأمريكي وحلفائه، إذ خسرت حركة طالبان 92 ألف شهيد في هلمند وحدها خلال عشرين عامًا من الاحتلال، وفقًا لمصادر طالبان.

تشبه الملحمة الأفغانية المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023 في قطاع غزة، حيث تتصدى مجموعة محاصرة برا وبحرا وجوا للولايات المتحدة وحلف الناتو، الذين يدعمون الاحتلال الإسرائيلي.

يجمع بين ولاية هلمند جنوب أفغانستان وغزة جنوب فلسطين تشابه في عدد السكان يتجاوز مليوني نسمة في كل من المنطقتين، إلا أن مساحة هلمند أكبر بكثير، حيث تزيد عن 58 ألف كيلومتر مربع، بينما مساحة فلسطين كاملة هي 27 ألف كيلومتر مربع، منها قطاع غزة المحاصر الذي يبلغ مساحته 340 كيلومتر مربع.

من منصة الاحتفال في قاعدة باغرام، يبث وزير الداخلية الأفغاني بالوكالة، سراج الدين حقاني، رسائل مشجعة للمقاومة الفلسطينية، مستلهماً تجربته بقوله: “أريد أن أُطمئن كل الشعوب التي تعاني من الظلم والاحتلال، وخاصة الشعب الفلسطيني. كما حصل مع الأفغان بعد خمسين عامًا من الحروب والأزمات، وعشرين عامًا من الكفاح ضد الغزاة، منحنا الله تعالى الحرية بفضل جهود وصبر شعبنا المجاهد. ستحصلون على عيد الاستقلال بطريقة مشابهة يومًا ما، بشرط أن لا تفقدوا همتكم، وندعو الله أن ينعم عليكم بالنصر”.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.