الغضب والحزن في مدينة صور بجنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية
الشوارع خالية والأحاديث تعبر بسرعة
في مدينة صور بجنوب لبنان، تتداخل أحاديث السكان مع خفقات الخوف. لم يعد من الحكمة التوقف في الشوارع، حيث بات عدد الأشخاص الذين يمكن التحدث إليهم في تناقص مستمر. يمكن أن تقطع المحادثات فجأة مع صوت الانفجارات الإسرائيلية، أو نتيجة لإطلاق الصواريخ من قبل حزب الله، الذي قد يجذب نيرانًا عائدة.
تحوم الطائرات الإسرائيلية بدون طيار فوق المدينة، مما يفرض على السائقين الإسراع بدون تجاوز السرعة، مع العلم بوجود أعين تراقب من السماء. وغالبًا ما تكون الطرق خالية، مما يجعلها أكثر عرضة للهجمات. يصل الخوف إلى قلوب المدنيين الذين لا يمتلكون دروعًا واقية، والكثير من اللبنانيين باتوا بلا مأوى، حيث أفاد رئيس الوزراء نجيب ميقاتي أن أكثر من مليون شخص أجبروا على النزوح.
الحروب تعبث بالحياة في صور
لقد أفرغت الحرب هذه المدينة القديمة التي كانت تفخر بآثارها الرومانية وشواطئها الذهبية من الحياة. الشوارع خالية، والمحلات مغلقة، والشاطئ بات مهجورًا. تُشعر غارات الطيران الإسرائيلي النوافذ بالاهتزاز. وُضعت المقرات المحلية للدفاع المدني في حالة ترك، إذ أجبرت الفرق على الإخلاء بعد تلقي تحذيرات هاتفية من إسرائيل.
تزداد الضغوط بسبب تزايد الغارات، حيث يبدو أن صواريخ إسرائيل الأكثر تدميرًا، التي تزن 1000 رطل، تقترب بسرعة من الفندق الذي نقيم فيه.
التأثير الإقليمي على الحياة اليومية
شهدت المدينة أيضًا تأثير حزب الله، الذي يسعى لمواجهة القوات الإسرائيلية مع تحكمه بالمعلومات الإعلامية في صور. ورغم أن الحزب يحد من حركة الإعلام، فليس لديه سيطرة على المحتوى الذي نكتبه أو نبثه.
في المستشفيات، يشعر الأطباء بالتعب والإرهاق، حيث لم يعد العديد منهم يعود إلى منازلهم خوفًا من خطر السفر. ويقدمون خدماتهم للجرحى، من بينهم مريم البالغة من العمر تسع سنوات، التي تعاني من إصابات بليغة، حيث راحت تنام في سريرها بالمستشفى مع رجلها المكسور وذراعها الملفوف بضمادات.
مريم نائمة في سرير المستشفى برجلها المكسورة وذراعها المغلّف بالضمادات.### حياة متأزمة في لبنان
تمتد عيون مريم إلى السقف وهي في سرير المستشفى، حيث قدمت للعلاج برفقة عائلتها المكونة من تسعة أفراد. يوضح الدكتور سلمان عيديبي، المدير التنفيذي للمستشفى، أن خمسة من أفراد عائلتها تم علاجهم أيضًا، وأن مريم قد خضعت لعملية جراحية وتحسنت حالتها. ويتمنى أن يتمكنوا من إعادتها إلى المنزل اليوم. ويشير إلى أن معظم المصابين يتلقون الإسعافات الأولية ويت stabilize في هذا المستشفى، الذي يقع على الخطوط الأمامية.
الضغوط على الطواقم الطبية
يستقبل المستشفى حوالي 30 إلى 35 مصابًا من النساء والأطفال يوميًا، مما يؤثر بشكل كبير على الطاقم الطبي. يقول الدكتور عيديبي: “نحتاج إلى أن نكون إيجابيين أثناء العمل، وعندما نتوقف للتفكير، ونتذكر، هذا هو الوقت الذي نشعر فيه بالعواطف”.
الواقع المحفوف بالمخاطر
وفي حديثه عن المستقبل، جاء ردّه مصحوبًا بعمق قلقه: “نحن في حالة حرب، حرب مدمرة على لبنان. نأمل في السلام، لكننا مستعدون لجميع الاحتمالات”.
إصرار على البقاء
حسن منّا، مواطن لبناني، يصر على البقاء في صور رغم تصاعد حدة الحرب. يدير مقهى صغير منذ 14 عامًا، ويظل أبوابه مفتوحة أمام الزبائن الذين يمرون للتحدث والاستمتاع بفنجان من القهوة الحلوة. يقول حسن: “لن أغادر بلدي، لن أغادر بيتي، سأبقى مع أطفالي. لست خائفًا منهم”.
تأثر حسن عندما تحدث عن المأساة التي قتل فيها خمسة من جيرانه في غارة إسرائيلية خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي. وقد شهد الحادث بنفسه ونجا بإصابة في ذراعه.
قصف على المدنيين
هل كان هناك هدف لحزب الله في تلك المنطقة؟ حسن يشكك في ذلك، ويقول إن القتلى كانوا جميعًا من المدنيين وأفراد من عائلة واحدة. تقول إسرائيل إن هدفها هو مقاتلو حزب الله ومرافقهم وليس الشعب اللبناني، ولكن العديد هنا – بما في ذلك الأطباء والشهود مثل حسن – يقولون خلاف ذلك.
يؤكد حسن: “لم يكن هناك شيء يستحق القصف هناك. لو كان هناك، لكنا غادرنا المنطقة. كانت المرأة في الخامسة والسبعين من عمرها”.
بعد الضربة، استمر في البحث عن الناجين بين الأنقاض حتى انهار وأُخذ إلى المستشفى. وعندما يتحدث عن جيرانه، تنفجر صوته بالغضب والحزن، وتملأ عيونه بالدموع. “إنه غير عادل تمامًا، نعرفهم. لقد وُلِدوا هنا. أقسم أنني أتمنى لو كنت قد مُت معهم”.
تأثير الحرب على المجتمع
منذ عشرة أيام، قمنا بزيارة منطقة مسيحية قرب الحدود، حيث تشهد المنطقة أجواء مشحونة. قالت سيدة محلية، فضلت عدم ذكر اسمها، إن الجميع يعيشون في حالة تأهب دائم. “الهاتف لا يتوقف عن الرنين. لا يمكننا معرفة متى ستأتي الهجمات الإسرائيلية. الوضع دائمًا مشحون، وكثير من الليالي لا نستطيع النوم”.
وقد تم مقاطعتها بصوت غارة جوية إسرائيلية، مما أرسل الدخان يتصاعد من التلال البعيدة. أشارت إلى قائمة من القرى القريبة من الحدود، التي أصبحت الآن مهجورة ومدمرة بسبب تبادل الهجمات بين حزب الله وإسرائيل على مدار السنة الماضية. وأضافت: “إذا أراد الناس العودة لاحقًا، فلا توجد منازل ليعودوا إليها”.### ألم ومستقبل غامض في لبنان
“لا يوجد منزل لم يفقد أقارب”، تقول إحدى النساء، مضيفة “إما أقارب قريبين أو بعيدين. جميع الرجال هم من حزب الله.”
توقعات مقلقة
قبل نشوب الحرب، لطالما كان هذا الجماعة المسلحة “يتباهى بأسلحته، ويقول إنه سيقاتل إسرائيل إلى الأبد”، كما أخبرتني. “لكن الآن، حتى مؤيديهم انصدموا من نوعية وكمية الهجمات التي تشنها إسرائيل.”
مصير مبهم
قليلون هنا يجرؤون على التخمين بمستقبل الأحداث. “لقد دخلنا نفقاً”، تقول، “وحتى الآن لا يمكننا رؤية النور.”
من تل أبيب إلى طهران إلى واشنطن، لا أحد يستطيع التنبؤ بما هو قادم، وكيف سيبدو الشرق الأوسط في اليوم التالي.
تقرير إضافي من محمد ماضي
تغطية إضافية
- المستشفيات اللبنانية تغلق مع تعرض المنشآت الصحية للقصف الإسرائيلي رابط
- ضربة إسرائيلية تستهدف طريقاً رئيسياً يستخدم للهروب من لبنان رابط
- سفن وطائرات حربية أمريكية تستهدف مواقع الحوثيين في اليمن رابط
علامات التصنيف
- إسرائيل
- حزب الله
- لبنان