غيرترود بيل: الجاسوسة التي خانت العرب لصالح الإنجليز

Photo of author

By العربية الآن


غيرترود بِيل.. الجاسوسة التي سلمت العرب للإنجليز

غيرترود بيل الجاسوسة التي خانت العرب لصالح الإنجليز الجاسوسة التي خانت العرب الجاسوسة التي خانت العرب
غيرترود بيل في نزهة مع ملك العراق فيصل (الثاني على اليمين) عام 1922 (شترستوك)

<

div class=”wysiwyg wysiwyg–all-content css-1vkfgk0″ aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>على مدى قرون، كانت الدولة العثمانية تسيطر على مناطق واسعة تمتد من المغرب إلى إيران، مع هيمنة كبيرة على المواقع البحرية الأوروبية. لكن في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، بدأت القوى الأوروبية، خاصة روسيا، في توسيع نفوذها على حساب العثمانيين، مما أدى إلى صراعات مع النمسا وحلفائها في البلقان، وزيادة التوسع الفرنسي في شمال أفريقيا.

في مصر، أسس محمد علي باشا ولاية مستقلة، لكن ذلك انتهى باحتلال البلاد من قبل البريطانيين عام 1882 عقب إفلاسها. ورغم عدم استقرار الوضع السياسي في العالم العربي، استمر الأوروبيون في التخطيط لتفكيك الدولة العثمانية.

وبالأخص، كانت الأنظار متوجهة نحو الخليج العربي وبلاد الشام والعراق لتأمين المصالح البريطانية في شبه القارة الهندية، التي اعتُبرت جوهرة الإمبراطورية.

غيرترود بيل وسنوات الخبرة بالشرق

مع بداية القرن العشرين، أظهرت بريطانيا اهتمامًا متزايدًا بالمعلومات عن الشرق الأوسط، حيث اعتمدت على جواسيس ذوي خبرة تاريخية، من بينهم غيرترود بيل.

ولدت غيرترود في عائلة أرستقراطية بريطانية ودرست التاريخ في جامعة أكسفورد. على غرار لورنس العرب، درست التاريخ والفنون في الشرق، وسافرت إلى إيران وتعلمت اللغة الفارسية، حيث ترجمت 30 قصيدة من الشاعر حافظ الشيرازي.

بدأت رحلتها إلى العالم العربي بزيارة القدس عام 1899، وتبعت ذلك برحلات إلى الأردن ودمشق ولبنان، حيث عاشت مع البدو وتعلمت عاداتهم. عادت إلى البلاد في عام 1902 للدراسة، وألفت كتابها “سورية، الصحراء والأرض الزراعية” الذي نشر عام 1908.

خلال السنوات التالية، زارت العديد من المواقع العربية والتقت بالقبائل المحلية، وقدمت معلومات استثنائية حول مناطق تواجد المياه وعادات القبائل.

غيرترود بيل تقف خارج خيمتها في بابل ابريل -نيسان 1909 المصدر: كتاب في أثر الملوك والغزاة جيرترود بيل وأركيولوجيا الشرق الأوسط
غيرترود بيل تقف خارج خيمتها في بابل 1909 (من كتاب في أثر الملوك والغزاة)

غيرترود بيل والسطو على أراضي العرب

غيرترود بيل: الجاسوسة البريطانية التي ساهمت في تشكيل مصير العرب

بداياتها ودورها في الحرب العالمية الأولى

تعلمت غيرترود بيل اللغتين الفارسية والعربية، وأقامت علاقات وثيقة مع شيوخ القبائل، مما مكنها من التعرف على خبايا مضاربهم. في عام 1914، ومع بدء الحرب العالمية الأولى، كانت غيرترود في إنجلترا، حيث كتبت تقريرًا بالغ الأهمية بعد شهرٍ من اندلاع الحرب، وقد تم رفع هذا التقرير إلى إدارة العمليات العسكرية البريطانية ومن ثم إلى وكيل وزارة الخارجية.

في تقريرها، الذي نُشر لاحقاً في بحث للكاتب محمود حسن صالح عام 1971 في المجلة التاريخية المصرية، استعرضت غيرترود الوضع السياسي في شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام. كان لهذا التقرير تأثير كبير على صناع القرار البريطانيين في تلك الفترة.

محتوى التقرير وأهميته

لم يكن التقرير مجرد سرد لجهات وشخصيات سياسية عربية بل كان تحليلاً معمقاً توقع ردود الفعل في تلك المنطقة في حال انضمت الدولة العثمانية إلى الحرب ضد بريطانيا. كما تطرقت فيه إلى مواقف حكام الكويت وشيخ المحمرة في الأحواز ونجد.

أشارت غيرترود أيضًا إلى احتمال ميل السوريين، وبشكل خاص الجنوبيين منهم، إلى البريطانيين بسبب كراهيتهم للفرنسيين. وعرفت الإدارة البريطانية الأهمية الاستراتيجية لفلسطين، نظرًا لقربها من مصر، كما أن العراق كان يمثل أهمية خاصة بسبب قربه من الهند.

الجاسوسة التي غيرت مجرى الأحداث

ذكرت غيرترود في تقريرها الشخصيات السياسية النافذة في العراق، مثل السيد طالب النقيب، وأوضحت كراهيتهم للبريطانيين. وقد أقر المسؤولون البريطانيون بأهمية تقريرها واعتبروه مكملًا لتقارير الجواسيس الآخرين.

في عام 1915، استدعت لندن غيرترود للاستفادة من خبرتها الكبيرة، والتي كانت تتعلق بعلاقاتها الجيدة مع القبائل العربية. وقد بدأت عملها في تزويد المخابرات البريطانية بمعلومات关于 القبائل المسلحة.

التوجه نحو الشرفاء ومحاولات استمالتهم

حرص البريطانيون على استمالة العرب وتحريضهم ضد العثمانيين، ونجحت غيرترود في التواصل مع العديد من زعماء القبائل. كان الهدف الرئيسي هو إقناع الشريف حسين في مكة بحصوله على دعم بريطاني.

اشترط الشريف حسين على البريطانيين إقامة مملكة عربية تمتد من سوريا إلى الجزيرة العربية، وهو ما يعكسه ما يعرف بمراسلات “الحسين- ماكماهون”. في سياق الضغوط الفرنسية في ذلك الوقت، لجأت الإدارة البريطانية إلى غيرترود للحصول على آرائها الخبيرة.

التقارير واستراتيجيات الماكرة

أعدّت غيرترود تقريرًا مفصلًا يمثل وجهتي نظر الشريف حسين والفرنسيين، حيث اقترحت أنها إذا تمكنت من الإبقاء على صلة مع الشريف حسين، فلن يكون هناك خوف من نشوب حركة دينية كبرى. وأوصت أيضًا بخداع الفرنسيين من خلال تقديم وعود كاذبة.

كما اعتبرت أن العرب غير مؤهلين لحكم أنفسهم، وهو ما يعكس مستوى التعالي الذي كانت تراه غيرترود. أدركت الإدارة البريطانية أهمية أفكارها، فتم استغلال خبرتها في توقع ردود الفعل العربية.

الأنشطة الأخيرة وتأثيرها في العراق

لم تتوقف مهام غيرترود عند تقديم التحليلات، بل اعتبرت أن مكتب المخابرات البريطاني في القاهرة يحتاج إلى المزيد من الدعم. سافرت إلى الهند لتعزيز التعاون بين الأطراف، وعادت إلى العراق في عام 1916، حيث التقت برئيس المكتب البريطاني برسي كوكس، والذي استمرت صداقتها معه حتى نهايات حياتها.

1735707401 288 غيرترود بيل الجاسوسة التي خانت العرب لصالح الإنجليز الجاسوسة التي خانت العرب الجاسوسة التي خانت العرب
الشريف حسين اشترط على بريطانيا إقامة مملكة عربية تمتد من سوريا شمالا وحتى الجزيرة العربية (مواقع التواصل)
1735707401 267 غيرترود بيل الجاسوسة التي خانت العرب لصالح الإنجليز الجاسوسة التي خانت العرب الجاسوسة التي خانت العرب
غيرترود بيل ولورانس (يمين) في أبريل/نيسان 1921 (شترستوك)

رابط المصدر

# غيرترود بيل: الجاسوسة التي لعبت دورًا حاسمًا في العراق

استمالة أمير حائل

بعد عشرة أعوام من زيارته للعراق، حاولت غيرترود بيل استمالة أمير حائل، ابن الرشيد، الذي ظل مخلصًا للدولة العثمانية. لكنها فشلت، وكتبت في 15 يوليو/تموز 1916 رسالة غاضبة إلى عائلتها وصفت فيها الأمير بـ”الحمق الذي لا يتصوره عقل”، معبرة عن أملها في أن يتحدى أهل شمّر سلطته ويعينوا أميرًا آخر. ومن هنا، ركزت اهتمامها على التعرف على العراق وقبائله، بمساعدة ضباط المخابرات والسياسة الإنجليز في البصرة، مثل الكابتن إيدي.

البحث عن المعلومات

لتكتسب فهمًا عميقًا للواقع العراقي، كانت غيرترود تتنقل مع ضباط بريطانيين, تزور القرى وتتناول الطعام مع أعيانها. كما كانت تستدعي الأهالي في المساء للحصول على المعلومات التي تحتاجها، مستخدمة أساليب متعددة لجذبهم، مثل المال والقهوة والسجائر.

المعركة وتبعاتها

تلقى البريطانيون هزيمة في معركة كوت العمارة عام 1916 أمام العثمانيين، مما دفعهم إلى تغيير خطتهم تحت قيادة الجنرال مود، الذي استطاع السيطرة على بغداد في وقت لاحق.

دخول بغداد وتكوين الصداقات

في 15 أبريل/نيسان 1917، دخلت غيرترود بغداد وبدأت ببناء علاقات جديدة مع شخصيات عربية. حصلت على معلومات من مكتب القاهرة حول أحوال المناطق العربية، وكتبت بدورها عن العراق، معتقدة بأن السياسة البريطانية في الشرق الأوسط هي وحدة متكاملة.

1735707402 314 غيرترود بيل الجاسوسة التي خانت العرب لصالح الإنجليز الجاسوسة التي خانت العرب الجاسوسة التي خانت العرب
حين دخلت غيرترود بغداد بدأت على الفور في تكوين صداقات جديدة مع كثير من الشخصيات العربية (جامعة نيوكاسل)

تأثيرها ونشاطها

قامت غيرترود بزيارة كبار مراجع الشيعة في النجف وكربلاء والبصرة، ونجحت في التقرب من كبار الملاك الزراعيين، حتى أصبحت معروفة باسم “الخاتون”. كما أشرفت على مجلة “العرب”، التي كانت تروج لصورة بريطانيا في العراق.

الثورة العراقية

على الرغم من جهدها، أدى الأسلوب القاسي للمعتمد البريطاني السير أرنولد ويلسن في التعامل مع العراقيين إلى اندلاع الثورة في نهاية عام 1919، تزامنًا مع أحداث الثورة في مصر. انقسمت الآراء بين ضباط المخابرات البريطانيين؛ حيث اعتقد ويلسون أن القوة هي الوسيلة الأفضل للسيطرة، بينما نادت غيرترود بيل ولورانس العرب بضرورة تعيين ملك هاشمي لضمان الاستقرار.

1921-08-23 Gertrude Bell. Dignitaries - including Gertrude Bell, (left of centre holding eye glasses) Lady Cox, the Garbetts and Mrs Slater, and Officers at the Coronation of King Faisal in Sarai Courtyard - Government buildings. (نيوكاسيل)
غيرترود بيل (يسار تحمل نظارة) وكبار الشخصيات في حفل تتويج الملك فيصل (جامعة نيوكاسل)

تقدمت غيرترود باقتراح حكومة بريطانية بتتويج فيصل بن الحسين ملكًا على العراق. في النهاية، اعتمد البريطانيون نصيحتها في إطار محاولتهم إصلاح الأوضاع بعد الاضطرابات.

دورها حتى النهاية

من العام 1920، أصبحت غيرترود السكرتيرة الرئيسية للسير بيرسي كوكس، وأحد الأسماء البارزة في السياسة العراقية. لكن مع مرور السنوات، تعرضت للتهميش، وأُصِيبت بالاكتئاب، حتى توفيت بسبب جرعة زائدة من الدواء في يوليو/تموز 1926، عن عمر 57 عامًا، ودُفنت في مقبرة الإنجليز ببغداد، في وقت كانت فيه قد أسهمت في تعزيز النفوذ البريطاني في المنطقة.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.