فن لعالم مضطرب.. معرض في باريس عن السريالية في مئويتها
افتتح في باريس هذا الأسبوع معرض يسلط الضوء على الحركة السريالية، بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيسها، حيث يضم مجموعة من الأعمال لأبرز الفنانين مثل سلفادور دالي، ورينيه ماغريت، وجورجيو دي كيريكو، وماكس إرنست، ودورا مار، وليونورا كارينغتون، ودوروثيا تانينغ.
يقام المعرض في مركز بومبيدو على مساحة 2200 متر مربع، ويعرض حوالي 500 عمل فني، تشمل اللوحات، المنحوتات، الرسومات، النصوص، الأفلام، والوثائق، بالإضافة إلى بعض الأعمال المعارة من مؤسسات أخرى.
يستمر المعرض حتى 13 يناير/كانون الثاني المقبل، ويظهر أن السريالية، التي انطلقت في عام 1924 على يد شعراء مثل أندريه بريتون، كانت تتسم برؤية مميزة وما زالت قادرة على مواكبة الزمن من حيث سعيها لتغيير العلاقة بين البشر والطبيعة.
تزامنت بدايات الحركة السريالية مع معاناة العالم من تداعيات الحرب العالمية الأولى، وعلى أعتاب حرب عالمية ثانية، بينما اليوم يتجدد الجدل حول العالم في ظل مخاوف من نشوب حروب جديدة.
تاريخ السريالية ونشأتها
انطلقت الحركة السريالية في فرنسا خلال العشرينيات والثلاثينيات، واستقطبت فنانين من مجالات متعددة كالرسم، النحت، الأدب، السينما، والموسيقى.
يسعى الفن السريالي إلى استكشاف العقل الباطن وعوالم خيالية، من خلال تقديم صور غير تقليدية ومتناقضة. يعتمد فنانو السريالية على تكتيكات تهدف إلى تحرير الفكر من القيود التقليدية، مستخدمين أحلامهم وتداعياتهم الحرة، بالإضافة إلى الرموز الغامضة والمشاهد الغير منطقية، مما يجعل الفن السريالي بمثابة انتفاضة ضد العقلانية والقواعد الثابتة.
متاهات سريالية
يمكن للزوار التعرف على بعض الأعمال السريالية البارزة التي تُعرض عادة في مدريد وسان فرانسيسكو وستوكهولم ونيويورك، ومنها “المستمني العظيم” لسلفادور دالي، و”القيم الشخصية” و”إمبراطورية الأضواء” لرينيه ماغريت، و”عقل الطفل” و”غناء الحب” لجورجيو دي كيريكو، و”الغابة الكبرى” لماكس إرنست، و”كلب ينبح على القمر” لجوان ميرو.
سبق أن أقيم هذا المعرض، على نطاق أصغر، في بروكسل وانتهى في يوليو/تموز، ومن المحتمل أن ينتقل لاحقًا إلى مدريد وهامبورغ ثم فيلادلفيا.
تعتمد سينوغرافيا المعرض على الوهم البصري، وهو أحد العناصر الرئيسية في أعمال السرياليين، حيث صُمم المعرض بشكل متاهة. يدخل الزوار قاعة دائرية كبيرة تحتضن المخطوطة الأصلية لـ “البيان السريالي” لأندريه بريتون، بينما يسلط العرض السمعي البصري الضوء على نشأة الحركة وفلسفتها.
أشارت ماري ساريه، المنسقة للمعرض بالتعاون مع نائب مدير المتحف الوطني للفن الحديث ديدييه أوتينجيه، إلى أن “السريالية ليست مجرد عقيدة جمالية، بل هي فلسفة تمثل مجموعة من الرجال والنساء الذين يؤمنون بعلاقة مختلفة مع العالم”.
وأضاف أوتينجيه أن الهدف من المعرض هو تقديم صورة شاملة عن السريالية بعد مرور أكثر من 20 عامًا على آخر معرض خاص بها في مركز بومبيدو في عام 2002، من خلال التركيز على تأثير هذه الحركة على مراحل التاريخ والصراعات السياسية في أوروبا، وكذلك على رؤيتها لنوع آخر من العلاقة بين الإنسان والكون.
يستعرض المعرض أيضًا “انتشار السريالية عالميًا منذ ثلاثينيات القرن العشرين”، مشيرًا إلى ترجمات نصوص لمؤلفين مهمين مثل أراغون وبريتون إلى اللغة الصينية، وفقًا لأوتينجيه.
تتضمن الأعمال المعروضة أيضًا لفنانين من مختلف الدول، مثل تاتسو إيكيدا من اليابان، وويلهلم فريدي من الدنمارك، وروفينو تامايو من المكسيك.
كما يسلط المعرض الضوء على دور المرأة في حركة الفن الحديث، مع التركيز على شخصيات بارزة مثل ريميديوس فارو من المكسيك، وإيثيل كولكوهون من بريطانيا، وتوايان من فرنسا، ودورا مار، ودوروثيا تانينغ من الولايات المتحدة.
رابط المصدر