قبرص وموجات اللجوء بين الترحيب والترحيل
23/8/2024
|
آخر تحديث: 23/8/2024 08:24 م (بتوقيت مكة المكرمة)
بينما تدهور الوضع الأمني، أصبحت قبرص -التي تبلغ مساحتها حوالي 9 آلاف كيلومتر مربع- وجهة رئيسية للاجئين الذين يفرون من الحرب والأزمات الاقتصادية، بحثاً عن فرصة للاستقرار أو العبور إلى دول الاتحاد الأوروبي.
لكن تاريخ قبرص مع أزمة اللاجئين يثير تساؤلات حول مدى قدرتها على التوازن بين التزاماتها اللوجستية والإنسانية.
خطط الحكومة للإيواء والترحيل
في مايو الماضي، أوضح وزير الخارجية القبرصي كونستانتينوس كومبوس خطة الحكومة لاستقبال وإيواء وترحيل اللاجئين، والتي تعتمد على استراتيجيتين أساسيتين.
- خطة إستيا
تحدد خطة إستيا خطوات استقبال وإيواء وإعادة مواطني دول ثالثة الذين يغادرون مناطق الأزمات. وأكد كومبوس أن “قبرص جاهزة لتنفيذ خطة إستيا”، مشيراً إلى اتخاذ التدابير اللازمة في حال إجلاء المواطنين من لبنان بسبب الوضع المتفاقم في الشرق الأوسط.
تشمل التحضيرات تجهيز أسرّة في المدارس في مدينة لارنكا وتوفير مرافق النظافة والسكن المؤقت حتى مغادرة القادمين إلى بلدانهم الأصلية. ومع ذلك، سيتعين على السلطات مواجهة حالات طارئة غير متوقعة.
- خطة نافكراتيس
تتعلق خطة نافكراتيس بترحيل مواطني دول الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى من لبنان، وتنظيم تدفق اللاجئين إلى قبرص. ويؤكد الخبراء أن بيان السلطات يقترح استقبال الفارين من الحرب بشكل مؤقت بهدف إعادتهم إلى وطنهم.
تستهدف هذه الخطط بشكل رئيسي المدنيين في لبنان من دول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي أو من دول مثل كندا.
وبجانب دورها كمكان إجلاء، تلعب قبرص دوراً لوجستياً هاماً في حركة الطيران المتجه نحو إسرائيل، بعد تعليق العديد من شركات الطيران العالمية لرحلاتها إلى هناك.
لكن تبقى الحكومة ملتزمةً بلعب دور “الحياد” سياسياً، حيث ترفض أن تكون طرفاً في الصراع، وسط تهديدات من حزب الله اللبناني بالتدخل إذا انطلقت أعمال عدائية من أراضيها.
الأسوأ لم يأت بعد
ومع بداية عام 2024، شهدت السلطات القبرصية زيادة كبيرة في أعداد طالبي اللجوء، حيث تجاوز العدد 25 ألفاً مما أدى إلى تجاوز طاقة الاستيعاب القصوى لمراكز الإيواء. وقد انتقدت منظمة العفو الدولية أوضاع الإيواء التي تتسم بالضيق والمشابهة للسجون.
كان المهاجرون سابقاً يصلون عبر “الخط الأخضر” الذي يفصل قبرص عن الأراضي التركية، لكن مع تصاعد التوترات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، زاد عدد السوريين الذين يصلون عبر البحر.
المسؤولون في قبرص يخشون أن تكون التبعات أكثر سوءاً مع استمرار التطورات الأمنية والسياسية وتحذيرات المنظمات الدولية للمدنيين بالمغادرة.
صرّح رئيس دائرة اللجوء القبرصية أندرياس جورجيادس أن الأعداد المرتفعة من السوريين تشكل تهديداً، وأنه في حال انهيار لبنان، ستواجه قبرص أزمة كبيرة.
بلد الطرد
يمثل المهاجرون وطالبو اللجوء في قبرص حوالي 7% من إجمالي سكان البلاد، وهي أعلى نسبة في دول الاتحاد الأوروبي. تطالب الحكومة بروكسل بتقديم مزيد من الدعم لمواجهة هذه الموجات.
الخبيرة كيلي بيتيلو تشير إلى أن قبرص مستعدة لتكون ملاذاً آمناً ولكن تتخذ إجراءات صارمة لمنع الفارين، خصوصاً السوريين، من الوصول إلى البلاد.
وفق تقارير مجلس اللاجئين القبرصي، تصل نسبة رفض طلبات اللجوء إلى 93%، مما يؤدي إلى تصعيد إجراءات الطرد، حيث يتم إصدار أوامر الطرد تلقائياً عند رفض الطلب.
خلال عام 2023، تم ترحيل 12,750 مهاجراً، ويعكس ذلك زيادة في عمليات الطرد مقارنة بالأعوام السابقة.
حديقة خلفية
تعتبر قبرص عادة حديقة خلفية لميسوري الحال في لبنان، لكن الأوضاع الاقتصادية والأمنية لها تأثير على هذا التدفق.
تقدم الجزيرة، العضو في الاتحاد الأوروبي، حوافز متعددة مثل تسهيلات للإقامة والاستثمار، مما يجعلها مقصداً جذاباً. أزمة لبنان الاقتصادية في 2019 أثرت على الوضع، حيث أصبحت البلاد غير قادرة على تحمل عبء اللجوء السوري.
ازدادت الموجات خلال الصراعات، حيث لجأ اللبنانيون إلى قبرص هرباً من الأوضاع هناك، وتاريخياً شهدت قبرص تدفق اللاجئين اللبنانيين خلال الحروب والأزمات. ومع ذلك، فإن الوضع الآن يختلف وقد يثير مشكلات جديدة إذا اندلعت حروب جديدة.
رابط المصدر