تعيينات ترمب المثيرة للجدل تهيمن على إدارته الجديدة
شهد الأسبوع الأول بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية سلسلة من التعيينات، بعضها توقعنا حدوثه، والبعض الآخر أثار تحديات تقليدية في ساحة السياسة بالعاصمة واشنطن. لطالما كان ترمب منخرطاً في مواجهة ما يسميه «الدولة العميقة» و«مستنقع واشنطن»، وهذا ما يتجلى في اختياراته المفاجئة، مثل تعيين مذيع «فوكس نيوز» وزيراً للدفاع وإيلون ماسك بمنصب جديد في إدارته، ما أدى إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي للبيت الأبيض.
تعيينات «مفاجئة»
أبدى بو روثتشايلد، المدير السابق للتنسيق الجمهوري في مجلس النواب، دهشته من اختيار ترمب للنائب الجمهوري المثير للجدل مات غايتس وزيراً للعدل، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن هذه التعيينات لا يمكن أن تكون مفاجئة. وقد أكد روثتشايلد أن غايتس يعد من أبرز مؤيدي ترمب، مضيفاً أنه يسعى لتكون إدارته متنوعة من حيث الأفراد الذين يمكنهم تنفيذ أجندته.
وتوافق كايت مارتيل، مراسلة صحيفة «ذي هيل»، على أن اختيار ترمب لشخصيات قادرة على التواصل هو أمر متعمد، مشيرة إلى أن أكثر التعيينات المثيرة للدهشة تضمنت مات غايتس وتولسي غابرد في منصب مدير الاستخبارات الوطنية، وبيت هيغسيث وزيراً للدفاع.
وعن هيغسيث، أكدت مارتيل أنه لا يمتلك خبرة عسكرية واسعة، ولكنه كان مقاتلاً سابقاً في العراق وأفغانستان. رغم غيابه عن العمل في وزارة الدفاع، إلا أن روثتشايلد يرى أن ترمب يفضل تعيين الأشخاص الذين لديه معهم علاقات شخصية أكثر من أولئك الذين يمتلكون خبرة متعمقة.
عمليات ترحيل مرتقبة
عزز ترمب من ملف الهجرة وأمن الحدود كأحد أولوياته بشكل واضح من خلال تعيين شخصيات معروفة بمواقفها الصارمة، بما في ذلك كريستي نوم وزيرة للأمن القومي، وتوم هومان كـ«قيصر للهجرة». يتوقع روثتشايلد أن تنفذ إدارته عمليات ترحيل واسعة كما وعد سابقاً، مستشهداً بدور هومان في إدارة باراك أوباما في تنفيذ عمليات ترحيل مماثلة.
إيلون ماسك و«الكفاءة الحكومية»
أحد التعيينات المثيرة للاهتمام كان إيلون ماسك، الذي تم اختياره لرئاسة وكالة جديدة تحت اسم «وكالة الكفاءة الحكومية». تُشير مارتيل إلى أن وجود ماسك في هذا المنصب الرسمي، بينما يظل الرئيس التنفيذي لكل من «SpaceX» و«Tesla»، يعد أمراً غير معتاد، لا سيما أن نطاق هذه الوكالة وصلاحياتها لا يزال غامضاً. قد يكون من المثير للاهتمام مشاهدة كيف سيلعب ماسك دوراً في إدارة ترمب بينما تتكون تلك الوكالة.
توجه ترمب بعدد من التعيينات الغير تقليدية يظهر مسعاه لإحداث تغيير جذري في الفضاء السياسي للولايات المتحدة، ومن المتوقع أن تطرأ المزيد من المفاجآت خلال فترة إدارته.### التحديات أمام ماسك وراماسوامي
تناولت التوقعات المتعلقة بالأهداف التي يضعها إيلون ماسك وفاي شراماسوامي، مشيرةً إلى نية الوكالة الجديدة في تطوير أساليب لتقليص عدد الموظفين في الحكومة. غير أن هذه المهمة تواجه تحديات كبيرة، إذ أوضحت التقارير أن الأسئلة المتعلقة بذلك ستبقى كثيرة، نظراً لعدم سهولة التنفيذ كما هو الحال في الشركات الخاصة. وقد أشاد ترامب بما حققه ماسك من خفض في عدد العاملين في تويتر (إكس) من دون الإضرار بأداء الشركة، مما ساهم في تأسيس هذه الوكالة بهدف تطبيق نفس النموذج في القطاع الحكومي. لكن الواقع سيكون أكثر تعقيداً في الحكومة الفيدرالية، حيث يعتبر الاستغناء عن بعض المناصب أمراً ليس باليسير، مما يبرز مدى اتساع نطاق هذه المبادرة رغم عدم وجود فهم كامل لصلاحيات الإدارة الجديدة.
آراء الخبراء حول فعالية المبادرة
شارك بيشوب بموافقته على صعوبة المهمة التي تواجه ماسك وراماسوامي، فقال: “لدي ثقة بأنهما سيحققان بعض النجاح في تقليص الإنفاق الحكومي وزيادة الكفاءة، ولكن لا أعتقد أنه سيكون هناك نجاح واسع النطاق”. وأعرب عن أمله في تحقيق النجاح، مشيراً إلى محاولات سابقة لمؤسسات كبيرة واجهت صعوبات في هذا المجال. كما حذر روثتشايلد من العواقب السلبية لفقدان الأشخاص لوظائفهم، قائلاً: “سيكون الأمر صعباً، لكنني أتمنى لهما النجاح”.
التعيينات المثيرة للجدل
في سياق التعيينات المثيرة للجدل، أشار ترامب إلى استعداده لاستعمال صلاحياته لإقرار تعيينات خارج إطار الكونغرس، المعروفة بتعيينات الإجازة. وشرح بيشوب هذه الثغرة الدستورية استناداً إلى خبرته الطويلة في مجلس الشيوخ، موضحاً أن الرئيس يمكنه تعيين مرشح لمدة سنتين خلال عطلة المجلس. وأكد أنه لا يعتقد أن ترامب سيعتمد على هذه الصلاحية لتعيين مرشحين مثيرين للجدل مثل مات غايتس، مشيراً إلى أن المسؤولين الأميركيين سيسعون لفرصة التصويت الرسمي على تلك التعيينات.
كما أيد روثتشايلد رأي بيشوب في أن ترامب لن يلجأ إلى الإجراء نفسه لتعيين شخصيات مثيرة للجدل، لكنه أشار إلى غرائز ترامب، قائلاً: “الرئيس يميل إلى اتخاذ قرارات تتماشى مع ما يتحدث به حدسه، وهذا ما يسعى إليه الشعب الأميركي أيضاً”.