قطاع السفر يواجه تباطؤا مع تزايد حذر المستهلكين
وأشارت الوكالة، في تقريرها، إلى أن المسافرين يشدون الأحزمة، ويصبحون أكثر تحيزًا عند حجز العطلات، وينتظرون العروض والخصومات.
تحوّل في سلوك المستهلكين
يسلط التقرير الضوء على أن عندما يواجه المستهلكون حالة من الشك الاقتصادي، يبتعدون عن الرحلات الطويلة التي كانت ميزة للمرحلة التي تلت مباشرة بعد الجائحة.
اشار نيكولاس جونز، المحلل في شركة “ستيزين سيكيورتيز” الاستشارية، في مقابلة مع وكالة الأنباء، إلى أن “الطلب على السفر قد تراجع. نحن نشهد عودة إلى أنماط السفر الطبيعية التي كانت موجودة قبل الجائحة”.
تتجلى دلائل هذا التحول بأشكال متعددة كما ذكرت الوكالة. فسجلت منصة الحجز عبر الإنترنت “إير بي إن بي” انخفاضاً تاريخياً بعد تحذيرها من تباطؤ نمو الحجوزات، حتى خلال ذروة موسم الصيف.
من بين الشركات التي عدلت توقعاتها هي شركة “ريان إير”، الناقلة الأوروبية ذات التكلفة المنخفضة، حيث حذرت من أن أسعار التذاكر ستكون “أقل بكثير” بسبب المستهلكين الذين يسعون لتوفير المال.
بالمثل، أعادت شركة “إكسبيديا” المتخصصة في حجوزات الفنادق تقييم توقعاتها السنوية للانخفاض للمرة الثانية هذا العام.
تأثيرات على شركات السفر
حسب “إمبارك بيوند” للاستشارات في مجال السفر، تراجع متوسط مدة الرحلة بنسبة 14% على أساس سنوي، لتصبح الآن 6.2 أيام مقارنة بـ7.8 أيام سابقًا. حتى الأفراد ذوي الثروات العالية، يركزون الآن على “القيمة”، حسب ما ذكره جاك إيزون الشريك المؤسس في الشركة.
علاوة على ذلك، حددت شركات الطيران مثل “يونايتد إيرلاينز” و”دلتا إير لاينز” و”سبيريت إيرلاينز” و”فرونتير غروب” أهدافاً مالية أقل طموحة، وأبطأت خطط التوسع، وفقًا لتقرير بلومبيرغ.
دفعت شركات الطيران ذات التكلفة المنخفضة في الولايات المتحدة لإضافة العديد من المقاعد على قوائم الأسعار المنخفضة، مما دفع المنافسين الأكبر لاتخاذ نفس الإجراء أو مخاطرة بفقدان الركاب.
في أوروبا، تواجه شركات الطيران تحديات ناتجة عن زيادة العروض في الطرق الرابحة عبر المحيط الأطلسي، وفقًا لبلومبيرغ.
يُذكر بأن الأسعار الفندقية، التي كانت ترتفع بشكل مطرد، بدأت الآن في الاستقرار، في حين تجد صعوبة الأماكن السياحية التقليدية مثل المتنزهات الترفيهية.
رغم التحديات التي تواجهها، فإن الطلب على الرحلات لم ينهار بالكامل؛ إذ تواصل الشركات العديدة تحقيق إيرادات أقوى مما كانت عليه قبل الجائحة. وبالرغم من ذلك، يزداد وعي المسافرين بالأسعار وغالباً ما يختارون الرحلات التي تناسب ميزانياتهم بشكل أكبر.
يشير اتجاه آخر إلى تقليص مدى فترة الحجز، حيث ينتظر المسافرون لفترة أطول قبل اتخاذ قرار بحجز رحلاتهم أو الإقامة، مما يجعل من الصعب على الشركات مثل “إير بي إن بي” معرفة حجم الطلب.
انخفض متوسط فترة الحجز من 40 يومًا قبل الجائحة إلى أقل من 30 يومًا الآن، وفقًا لشركة “إير دي إن إيه” المتخصصة في تحليل بيانات السفر.
كما أشار التقرير إلى أن نسبة الأميركيين الذين يخططون للسفر إلى الخارج في الأشهر الستة المقبلة وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ نهاية عام 2022، وقد انخفض الإنفاق الفعلي على تذاكر الطيران الدولي بنسبة تقترب من 10% في شهر يونيو/حزيران من أعلى مستوى له في شهر سبتمبر/أيلول، وتباطأ نمو الطلبات الجديدة على جوازات السفر الأميركية في عام 2023 بعد ارتفاعها بسبب الجائحة.
اتجاهات الرحلات العالمية والمحلية
ومن خارج الولايات المتحدة، يؤخر المسافرون أيضًا حجوزاتهم. وقال لوكا كونكوني، الرئيس التنفيذي لشركة “لاست مينيت” السويسرية للرحلات عبر الإنترنت، إن 70% من حجوزات الشركة تكون الآن في غضون 30 يومًا من تاريخ الرحلة، وهذا يعكس نهجًا أكثر حذرًا بين المستهلكين، وفقًا لبلومبيرغ.
ومن المتوقع أن يتجاوز الإنفاق على الرحلات الداخلية في الصين مستويات ما قبل الجائحة، بينما يزداد توجه المستهلكين الصينيين نحو الرحلات لخارجية، خاصة نحو الدول الآسيوية المجاورة.
ومن المتوقع أن يشهد هذا الاتجاه تسارعًا مع تحسن إجراءات الحصول على التأشيرات وتوسع قدرة شركات الطيران على استيعاب المزيد من المسافرين.
وفي وقت كانت فيه صناعة الرحلات تستفيد من حماسة ما بعد الجائحة، فإنها الآن تواجه قاعدة مستهلكين أكثر حذرًا وحساسية تجاه الأسعار. ومع تزايد مستوى عدم اليقين الاقتصادي، تقوم شركات الرحلات بضبط استراتيجياتها، وعرض خصومات، ومراجعة توقعاتها المالية لمواكبة التغيرات في المشهد.