كمال داود والمآسي التاريخية
حصل الكاتب الجزائري كمال داود على جائزة “الغونكور”، التي تُعد من أهم الجوائز الأدبية في العالم الناطق بالفرنسية، مما لم يكن مفاجئًا للكثيرين. فقد كانت هناك توقعات مسبقة بفوز داود، حيث كان قد حقق شهرة واسعة بعد إصدار روايته “مرسو التحقيق المضاد” في عام 2014، التي نالت إشادة كبيرة من النقاد والأدباء، ووُصف أسلوبه بـ”البراقة والمميزة” في بعض المنابر الإعلامية المعروفة مثل “النيويورك تايمز”.
رواية “الحوريات” واسترجاع الذكريات
في روايته الجديدة “الحوريات”، يقدم كمال داود أسلوبًا أدبيًا متميزًا، حيث يبتعد عن الروائي الخيالي ويتناول واقعًا مريرًا. يستعرض الكاتب في هذا العمل تاريخ “العشرية السوداء” في الجزائر، وهي فترة تميزت بالعنف والمعاناة التي مرت بها البلاد في التسعينيات. إذ يرسم داود لوحة سوداوية تجسد الألم المستمر الذي يعايشه منذ زمن بعيد.
شخصية “فجر” والمونولوج الداخلي
تبدأ الرواية بمونولوج داخلي طويل لشخصية “فجر”، الفتاة في العشرين من عمرها، التي تعاني من آثار محاولة ذبح تعرضت لها. تحمل “فجر” جنينًا في أحشائها، وتناجيه بمشاعرها وآلامها، حيث تحكي له عن ذكرياتها ومعاناتها ورغبتها في التحرر من هيمنة الرجال. تقرر العودة إلى مسقط رأسها، حيث تلتقي بشخصية عيسى، بائع الكتب المتجول الذي يعاني آثار الإرهاب ويعيش هوس توثيق مجازر تلك الحقبة والتاريخ المحزن.
استقبال نقدي مختلط
خلال الرحلة السردية، تغوص الرواية في عمق ذكريات الحرب الأهلية، مستعرضة مشاهد صعبة التحمل ومعاناة شخصياتها. تلقى “الحوريات” إشادة واسعة من نقاد ومؤسسات صحفية مثل “لوموند” و”لوفيغارو”، حيث اعتبرت الرواية ذات قوة مدهشة وصورة شعرية معبرة عن المعاناة. ومع ذلك، لم تسلم الرواية من النقد، حيث اعتبر البعض أن استخدام الرموز المفرط أثر سلبًا على السرد، مما أدى إلى تباين ردود الفعل حول قيمتها الأدبية.
اجتمع النقاد في اعترافهم بأهمية الرواية، لكن الانقسامات حول أسلوبها وأسلوب السرد ساهمت في خلق ميول مختلفة في التقييم.