كشف مسؤولون استخباريون أميركيون أن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون قد اقترح توظيف القوات الكورية الشمالية لدعم روسيا في حرب أوكرانيا، بينما تلقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذه الفكرة، دون أن يكون قد طلب الدعم في البداية.
تشير صور الأقمار الصناعية الأميركية إلى أن كوريا الشمالية قد زادت مؤخراً مستوى الدعم العسكري لروسيا، الذي بدأته قبل أشهر، مقابل الحصول على الأموال وشحنات النفط اللازمة بشدة للدولة الشيوعية المعزولة. تقدر التقارير الإيرانية والغربية أن كوريا الشمالية أرسلت ما لا يقل عن عشرة آلاف جندي، اندمجوا بشكل كبير مع الوحدات الروسية، التي شنت هجوماً مضاداً ضد قوات أوكرانية استولت على أراضٍ في منطقة كورسك الروسية منذ الصيف. كما تشير التقارير إلى وقوع عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف الجنود الكوريين الشماليين خلال المعارك.
التوغل الأوكراني في كورسك
التوغل الأوكراني في كورسك في أغسطس قد فاجأ الكرملين وأدهش بعض حلفاء أوكرانيا. في البداية، كان المسؤولون الأميركيون يشكون في جدوى هذا التوغل، معتبرين أنه استنزاف للموارد اللازمة في جبهات القتال. ولكن بعد ذلك، قام بعض المسؤولين بتغيير تقييمهم حين أثبتت القوات الأوكرانية نجاحها في قتل عدد كبير من الجنود الروس.
علق منسق الاتصالات الاستراتيجية لدى مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، قائلاً: “رأينا هؤلاء الجنود الكوريين الشماليين ينتقلون من الخطوط الثانية إلى الخطوط الأمامية، وهو ما لم يكن مفاجئًا. كان من المثير للاهتمام أن يعاني الجنود الكوريون الشماليون من خسائر في ساحة المعركة.”
أعداد الإصابات
ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن مسؤولاً أوكرانياً رفيع المستوى أفاد بأن ما يصل إلى 200 جندي كوري شمالي قد لقوا حتفهم، مع إصابة عدد أكبر. وقد أشار المسؤول إلى أن الروس يحاولون إخفاء هذه الخسائر. كما لاحظ أن الفصائل الكورية الشمالية لا تبدو مندمجة تماماً ضمن القوة الروسية، وفي بعض الأحيان تعمل بشكل مستقل.
أوضحت التقارير أن دعم كوريا الشمالية وإيران، اللتين قدّمتا مساعدة عسكرية خلال هذه الحرب، يعد مهماً لروسيا. حيث ساعد هذا الدعم في استمرار القصف المدفعي الروسي المكثف على الجبهات الأمامية ومهاجمة المدن الأوكرانية بواسطة الطائرات المسيرة.
كما تعهد بوتين خلال مؤتمره الصحافي الأخير بضمان طرد القوات الأوكرانية من غرب روسيا، مؤكداً: “سنستعيد كل شيء، لا شك في ذلك”.
الوضع العسكري والاقتصادي في أوكرانيا
تعاني أوكرانيا من نقص في الأسلحة، بينما يبدو أن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، وحلفاؤه الجمهوريين في الكونغرس أكثر تردداً في الموافقة على المساعدات العسكرية الإضافية. ترمب وعد بالضغط على أوكرانيا وروسيا للتوصل إلى اتفاق سلام. بعض المسؤولين الروس يشعرون أن خسائرهم الكبيرة، التي تتجاوز نصف مليون بين قتيل وجريح، قد تنتهي قريبًا، ولكن المسؤولين الأميركيين يرون أن فرصتهم في السيطرة على أراضٍ جديدة قد تضاءلت.
كما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن صور الأقمار الصناعية الأخيرة تؤكد أن كوريا الشمالية ترسل المزيد من الذخائر إلى روسيا، كما أنها توسع إنتاج الأسلحة محلياً لتلبية احتياجات موسكو العسكرية، وهو ما سيمكنها من مقاومة ضغوط ترمب لإنهاء الحرب.
الإمدادات والتكنولوجيا العسكرية
في المقابل، تتلقى كوريا الشمالية الأموال وشحنات النفط مقابل دعمها العسكري. ويخشى المسؤولون الغربيون من أن كوريا الشمالية ستطلب تكنولوجيا نووية حساسة من روسيا في حال وقوع حرب في شبه الجزيرة الكورية.
يشير المسؤولون الأميركيون إلى أن ملايين القذائف من كوريا الشمالية قد ساعدت روسيا على سد نقص الذخائر الناتج عن الصراع، بسبب عقوبات غرب، وتعطل إنتاج الأسلحة الروسي. تشمل المعدات العسكرية القادمة من كوريا الشمالية أنظمة إطلاق صواريخ متعددة، يتم نقلها بواسطة القطارات.
أفاد ضابط من الجيش الأوكراني، المسؤول عن وحدة حكومية مخصصة لمكافحة التضليل الروسي، بأن 60 في المائة من الذخيرة المستخدمة من قبل روسيا تأتي الآن من كوريا الشمالية، وأن الصواريخ الكورية الشمالية تشكل ثلث عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية الروسية نحو أوكرانيا هذا العام. خلال هذا العام، شحنت كوريا الشمالية 20 ألف حاوية من الذخيرة إلى روسيا، بناءً على تفاصيل قدمتها واشنطن وسيول، وتضمنت ذخائر منخفضة الجودة وأخرى متقدمة مثل صواريخ “هواسونغ 11”. كما أرسلت بيونغ يانغ مدافع هاوتزر ذاتية الدفع عيار 170 ملم وقاذفات صواريخ متعددة عيار 240 ملم.
في سياق متصل، تم تعديل أكبر قاذفات صواريخ عيار 600 ملم في كوريا الشمالية هذا العام بمساعدة فنيين روس. ويقول المسؤولون إن المزيد من الأسلحة في طريقها، عن طريق السفن والقطارات، لإعادة تزويد القوات الروسية التي تتسبب في نفاد أسلحتها. وصرحت جهات في سيول بأن حوالي 200 مصنع ذخيرة في كوريا الشمالية تعمل بكامل طاقتها لتصنيع الذخائر، مع نقل روسيا الوقود والمعدات لدعم هذه العمليات.