كيفية عمل المؤسسات الحكومية في غزة خلال الأوقات الصعبة للحرب والتدمير؟

Photo of author

By العربية الآن



كيف تعمل المؤسسات الحكومية بغزة في ظل الحرب والدمار؟

3-يواجه كتبة العرائض بغزة ظروف عمل صعبة خلال الحرب وخاصة من فقدان الورق اللازم لإنجاز المعاملات
من يكتبون العرائض في غزة يواجهون ظروف عمل صعبة خلال الحرب (العربية الآن)

غزة- في قاعة صغيرة، ينشغل أربعة قضاة شرعيين في مراجعة معاملات قدّمها مواطنون فلسطينيون، معظمها تتعلق بقضايا الزواج والطلاق والميراث.

بينما ينتظر العشرات من المواطنين أمام قاعة المحكمة المؤقتة التي تديرها جمعية أهلية في مدينة دير البلح (وسط)، تُسمع أصوات القذائف والرصاص الثقيل المنطلق من دبابات جيش الاحتلال على بعد كيلومترين.

طلب الجيش الإسرائيلي، يوم الجمعة الماضي، من السكان في أحياء واسعة شرق وجنوب مدينة دير البلح مغادرتها استعدادًا لاجتياح المنطقة، خلال هجوم على مناطق أخرى في مدينة خان يونس المجاورة.

إلى جانب القضاة، يعمل في القاعة مأذون شرعي ومحاسب وكاتب ورئيس قلم وموظفون إداريون، يسهمون في تسريع إنجاز المعاملات.

يواصل القضاة أداء مهامهم “المحفوفة بالمخاطر” رغم استمرار الحرب المروعة منذ 7 أكتوبر 2023، والتي تنفذها إسرائيل ضد القطاع المحاصر، وتستهدف جميع جوانب العمل الحكومي بالقصف والاغتيالات.

بينما تُنفذ القضايا بمزيد من المرونة عما كانت عليه قبل الحرب، يقوم القضاة بتنفيذ مهام متعددة بالتعاون مع الموظفين لتسهيل أكبر عدد ممكن من معاملاتهم.

-كاتب العرائض حسام الشاعر يقول إنه يجهز يوميا نحو 8 معاملات زواج وحوالي 3 معاملات طلاق
حسام الشاعر: نجهز يوميا نحو 8 معاملات زواج وحوالي 3 معاملات طلاق (العربية الآن)

معاملات المحاكم الشرعية

نظرًا لظروف الحرب، فإن القضاة الشرعيين لا يتعرضون للقضايا المرفوعة، بل يكتفون بإصدار الشهادات التي تُسهّل أمور المواطنين، مثل الزواج والطلاق وحصر الإرث، بالإضافة إلى حُجج شرعية مختلفة تخص الوصاية والإعالة والحضانة وصرف أموال القاصرين.

ووفق ما علمت العربية الآن، فقد أتمت المحاكم الشرعية في قطاع غزة خلال فترة الحرب أكثر من 6600 معاملة، شملت توثيق 3920 معاملة زواج و337 حالة طلاق.

بعد ساعات من الانتظار، نجح المحامي الشرعي ماجد سَمّور في إنجاز خمس معاملات لمواطنين كانوا قد كلفوه بها.

والمعاملات التي أنجزها تشمل حجة إعالة (إثبات أن الأب توفي وتوكّل العم أو الجد في إعالة اليتيم) وحجة وصاية (للأم على أطفالها لعدم وجود جد أو عم) وحجة ترمل (إثبات أن الزوج قد توفي) وحجة حصر إرث، وحجة إقرار حضانة، وإذن صرف أموال قاصرين.

يُقدّم القضاة خدماتهم لجميع سكان غزة، سواء كانوا من سكان الوسط أو نازحين من مناطق أخرى.

يقول سَمّور للعربية الآن: “القضاة يعملون بسرعة وجدية وكفاءة، وينفذون مهام متعددة في ذات الوقت.. وضغط العمل عليهم هائل، وجهودهم مشكورة”.

تزيد الأعداد الكبيرة من الشهداء من العبء على القضاة، نظرًا للاحتياجات المرتبطة بحصر الميراث وحضانة الأطفال وإعالتهم، حسب ما أفاد به المحامي سَمّور.

في خيمة صغيرة، يدير كاتب العرائض حسام الشاعر عمله بالقرب من مقر الجمعية الأهلية التي تحتضن المحكمة.

يقول الشاعر للعربية الآن: “نعدّ كل ما يتعلق بالزواج والطلاق، ومعاملات الأيتام، والتأمين، والمعاشات، والأرامل، والمطلقات، وإثبات العزوبية، وإثبات الطلاق، وإثبات الترمّل، وكل الإجراءات المماثلة”.

رغم ظروف الحرب، يقول الشاعر إنه ينجز يوميا نحو ثماني معاملات زواج، وحوالي ثلاث معاملات طلاق.

-مواطنون يتجمهرون أمام مكتب خاص بإصدار شهادات الوفاة بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة
أمام مكتب خاص بإصدار شهادات الوفاة بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة (العربية الآن)

ميلاد ووفاة وبدل فاقد

إلى جانب المعاملات الشرعية، تهتم السلطات الحكومية في غزة بتيسير حصول المواطنين على الوثائق الثبوتية الأخرى، مثل شهادات الميلاد والوفاة، وبطاقات الهوية الشخصية، وبدل “الفاقد” منها.

يقول كاتب العرائض أدهم إبراهيم إن معاملات “بدل الفاقد” تُعتبر من أكثر المهام التي يقوم بها، بسبب فقدان آلاف المواطنين لمستنداتهم الثبوتية نتيجة القصف الإسرائيلي لمنازلهم.

ويتابع: كما أن شهادات الوفاة تحظى بشعبية كبيرة نظرًا لارتفاع عدد الشهداء. ويواجه إبراهيم العديد من التحديات، أبرزها نقص الورق اللازم لطباعة المعاملات.

قبل حوالي أربعة أشهر، فقدت والدة الشاب محمد أبو عبسة وشقيقاته أوراقهم الثبوتية نتيجة تدمير منزلهم من قبل الاحتلال في خان يونس. وبعد شهور من الحادث، قرر أبو عبسة استخراج “شهادات الميلاد” بدل المفقودة لوالدته وشقيقتيه.

يقول أبو عبسة للعربية الآن وهو يحمل ثلاث شهادات ميلاد: “رغم الحرب، تمكنت من استخراج الشهادات، كانت العملية سهلة”. وينوي العودة لاحقًا للحصول على بطاقة هوية شخصية “بدل فاقد”، موضحًا أنه يستخدم صورة لبطاقته السابقة على هاتفه لإثبات هويته.

على النقيض، جاء خالد تايِه (70 سنة) للحصول على شهادة وفاة لشقيقته التي استشهدت في اعتداء نفذته قوات الاحتلال في 27 يوليو الماضي.

يقول تايِه للعربية الآن: “هذا إجراء ضروري لإثبات الوفاة، نحن بشر ويجب تسجيل الأحياء والأموات”. ويضيف: “وجدت الأمور ميسرة، والحكومة تعمل بكفاءة”.

4-تعد "شهادات الوفاة" من المعاملات الشائعة نظرا لارتفاع عدد الشهداء جراء المجازر الإسرائيلية المتواصلة منذ 10 أشهر
شهادات الوفاة من المعاملات الشائعة نظرا لارتفاع عدد الشهداء جراء المجازر الإسرائيلية المتواصلة (العربية الآن)

30 ألف معاملة شهريًا

أوضح إسماعيل الثوابتة، مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن الاحتلال استهدف عمدًا مقرات المؤسسات المدنية، بما في ذلك وزارة الداخلية والمحاكم، التي تقدم الخدمات للجمهور، بالإضافة إلى قتل واعتقال العديد من كوادرها.

ومع ذلك، أكد الثوابتة في حديثه للعربية الآن، أن الحكومة نجحت رغم نقص الموارد واستهداف مقرّاتها وموظفيها في استمرار تقديم الخدمات للجمهور.

وأشار إلى أن وزارة الداخلية تقوم حاليًا، رغم ظروف الحرب، بإتمام أكثر من 30 ألف معاملة شهريًا، مؤكدًا أن الوزارة تحافظ على بيانات المواطنين “بطرق آمنة ومحفوظة، وتحاول قدر الإمكان حمايتها من القصف”.

وقال الثوابتة إن وزارته تصدر حاليًا شهادات الميلاد وبطاقات الهوية الشخصية المؤقتة، وشهادات حسن السير والسلوك، وتغيير الحالة الاجتماعية (الزواج والطلاق).

أوضح أن شهادات الميلاد وبطاقات الهوية الشخصية المؤقتة (بدل الفاقد) هي أكثر المعاملات المطلوبة من قبل المواطنين. وقد وثقت الوزارة حوالي 30 ألف حالة ميلاد على مستوى قطاع غزة منذ بداية الحرب.

بالنسبة للخدمات الحكومية المتاحة رغم ظروف الحرب، تشمل الخدمات الطبية والأمنية، والخدمات الشرطية، بالإضافة إلى خدمات البلديات مثل توفير المياه وتفريغ النفايات وصيانة شبكات الصرف الصحي، وكذلك المساعدات المالية من وزارة التنمية الاجتماعية وتنظيم حركة السلع والأسواق، بالإضافة إلى الخدمات الإعلامية من المكتب الإعلامي الحكومي.

من ناحية أخرى، توقفت العديد من الوزارات مثل التربية والتعليم والزراعة والسياحة بسبب الحرب.

وأشار الثوابتة إلى أن أكثر من 18 ألف موظف حكومي لا يزالون يقومون بمهامهم، يقدمون الخدمات للمواطنين وفق خطة الطوارئ الحكومية التي بدأ العمل بها منذ بدء الحرب.

المصدر : العربية الآن



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.