كيف أثرت حرب غزة على النفوذ الإسرائيلي في أفريقيا؟
سعت إسرائيل لتعزيز نفوذها في القارة الأفريقية، حيث ركزت سياستها الخارجية على الشراكات الاقتصادية والأمنية مع العديد من الحكومات لعقد تحالفات تهدف لكسب المؤازرة في المؤسسات الدولية. ومع ذلك، فإن المجزرة التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي في غزة يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023، غيرت من توجهات الدعم الأفريقي للقضية الفلسطينية، مما أدى إلى تزايد الأصوات المطالبة بانهاء الوجود الإسرائيلي في القارة.
تاريخ العلاقات
لعبت القضية الفلسطينية دوراً محورياً في العلاقات الأفريقية-الإسرائيلية على مر الزمن، حيث كانت تأييد المواقف الأفريقية وارفة لمساندة فلسطين، لكن هذا التوجه تراجع في ظل اتفاقيات كامب ديفيد وأوسلو وظهور التطبيع مع بعض الدول العربية. عادت العلاقات للأضواء مع زيارة السياسي الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان لأفريقيا في 2014، وعقد “اللوبي الأفريقي” بالكنيست الذي استهدف تعزيز التعاون مع الدول الأفريقية. ورغم ذلك، فإن مشروع القرار الأمريكي بشأن حركة حماس في الأمم المتحدة عام 2018 لم يؤيده سوى 8 دول أفريقية.
بموجب سياسة “العودة إلى أفريقيا”، تمكنت إسرائيل من إقامة علاقات مع 46 دولة في القارة، وزاد نتنياهو من وتيرة الزيارات إلى الدول الأفريقية. ومع ذلك، أخفقت إسرائيل في تنظيم القمة الأفريقية الإسرائيلية في توغو عام 2017.
الوجود الاقتصادي
منذ نهاية الخمسينيات، شاركت إسرائيل في التجارة والأسلحة مع أفريقيا، وفتحت غرف تجارة لتعزيز العلاقات مع دول القارة. تستمر إسرائيل بمبيعاتها الأمنية إذ أنها تعد من أبرز المصدرين للسلاح الخفيف وما يلامس 7.5 مليارات دولار في عام 2019، 400 مليون منها كانت موجهة لأفريقيا. تعمل على مشاريع المياه والزراعة في مناطق متضررة من الجفاف، وتقدم دعمها المالي لمشاريع مختلفة في القارة.
رغم استعادة العلاقات مع العديد من الدول، لم تتمكن إسرائيل من نيل صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي، حيث تم طرد وفدها من القمة 36 في أديس أبابا. تتجه إسرائيل لزيادة أنشطتها في المناطق القريبة من لبنان وإيران، متخوفة من انخفاض نسب النفوذ الدبلوماسي الفرنسي والأمريكي في المنطقة.
تأثيرات حرب غزة
جذبت الحرب الحالية اهتمام القيادة الأفريقية، حيث يعكس دعم القضية الفلسطينية القيم التي تأسس عليها الاتحاد الأفريقي. بدأت تداعيات الحرب مع اتخاذ جنوب أفريقيا قرار قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، في وقت دعت فيه إلى رفع دعوى ضدها في محكمة العدل الدولية.
في الأمم المتحدة، عجزت إسرائيل عن الحصول على تأييد أصدقائها الأفارقة، حيث صوتت 120 دولة لصالح قرار يدين اعتداءاتها على المنظمة الأممية، وتؤكد تلك الدول على انسجامها مع مواقف الاتحاد الأفريقي الذي يحتفظ بمبادئه الخصوصية تجاه الشعوب المضطهدة. كما أظهرت العديد من الدول الأفريقية جماهير قوية تدعو لمحاسبة إسرائيل بينما اتخذت دول كتشاد قرار سحب سفرائها في إطار الدعم للشعب الفلسطيني.
وللأسف، فإن التطورات الجارية قد تؤثر سلباً على التبادل الاقتصادي بين إسرائيل ودول شرق أفريقيا، خاصة في ظل تواصل التوترات. يقارب حجم التبادل التجاري مع القارة ملياري دولار في عام 2018، مما يعكس أهمية الاتصالات المستمرة التي قد تتأثر سلبياً بسبب الأحداث الأخيرة.
رابط المصدر