كيف ننظر إلى تقاطعات الحياة بمنظور مختلف؟
يقول الفيلسوف الإنجليزي جون ستيوارت ميل: “الشخص الذي يؤمن يتمتع بقوة تعادل تسعة وتسعين شخصًا غير مؤمن”. هذا هو سر الإيمان الذي يفتح أبواب التفوق.
الإيمان يُعرّف بأنه الطمأنينة والثقة الناتجة عن الاعتقاد، وهو يمنحنا الأمان والراحة. يُعتبر الإيمان في اللغة اعتقادًا جازمًا توافقه القلوب والأعمال. كما قال الحسن البصري: “الإيمان ليس بالتحلي أو الأمنيات، بل هو ما رسخ في القلوب وصدّقته الأفعال”.
لا يقتصر الإيمان على الدين فحسب، بل يمتد ليشمل الإيمان بالأشخاص والأفكار والذات وغيرها. يُعدّ الإيمان حجر الأساس؛ فالعبادة دون إيمان حقيقي تبقى بلا جدوى.
يدرك المؤمنون أنه عند توسيع منظورهم للنظر إلى الحياة من منظور إيماني، يجدون بواكير في كل شيء.
الإيمان يعمل كخريطة وبوصلة تُرشدنا خلال رحلة الحياة، ويقوي عزيمتنا على مواجهة تحدياتها. أحد الاعتقادات الخاطئة حول الإيمان هو أنه مفهوم فكري ثابت، في حين أنه يُعتبر الطريق نحو الفعل والنتائج.
الإيمان يحدد قدراتنا ويُحفّز تدفق الأفكار من عدمه. يقول فيرج: “الناجحون يفعلون ذلك لأن لديهم إيمانًا بقدرتهم على تحقيق أهدافهم”.
من خلال الإيمان، نتمكن من رؤية ما نرغب فيه، مما يمنحنا القوة لتحقيقه. فالتاريخ البشري مليء بالأحداث التي غيّرت مسارها من خلال الإيمان، مما يجعل هذا الأخير أساس التغيير.
إن الحياة مليئة بالأمور التي قد تبدو غير واضحة، لكن الإيمان يمنح الأرواح القدرة على تجاوز ما يصعب فهمه. وهذه هي فلسفة الإيمان: الثقة بما لا يحمل تفسيراً منطقيًا.
المؤمنون يدركون أنه عندما يتم توسيع منظورهم لإدراك الحياة بشكل إيماني، سيشعرون بالتغيير. وهذه القفزة ليست بالسهل تحقيقها، لكنني أؤمن أنه مع الاجتهاد للحصول على رؤية إيمانية، ستأتي المكافآت.
أحد أعظم إنجازات الحياة هو الإيمان بأن الأحداث غير المتوقعة ليست شغوباً في الطريق، بل أدوات يُشكل الله من خلالها قلوبنا ويُعدنا.
البحث من جامعة بوردو أظهر أن الأشخاص الذين يمارسون طقوس دينهم بانتظام يعانون من نصف الأمراض التي تواجه غير المؤمنين. ووجد الباحثون أن الدين يقلص الضغوط على الأفراد معززًا شعورهم بالراحة، لأن الإيمان يمنح الحياة مغزى ومنظورًا ويعزز العلاقات الاجتماعية.
الإيمان يوفر للإنسان القوة والمرونة، فهو لا يُساعد في التغلب على الصعوبات وحدها، بل يُعين أيضًا على مواجهة الحياة بعد الأزمات بنظرة مختلفة. هذا قد يشمل تأييد الأمل والشجاعة.
إن عظمة ما يمكن تحقيقه هو الإيمان بأن الأزمات ليست عوائق، بل هي طرق يوجّهنا الله من خلالها. إن الإيمان يمنح السلام النفسي، وكلما كان قوة إيمانك أكبر، استطعت اجتياز الأوقات الصعبة. كما يقول د. فيكتور فرانكل: “الإيمان الضعيف يتزعزع أمام الأزمات، في حين يقوى الإيمان الراسخ بها”.
هناك أمور لا يكتشفها الإنسان سوى من خلال الإيمان، لأن العلم ليس قادرًا على الإجابة عن جميع تساؤلات الحياة. كثير من المعتقدات العلمية تتغيّر مع مرور الأجيال.
تظهر قوة الإيمان جليًا في ثبات أهل غزة، فالأم التي تفقد أولادها تجدها صامدة، ورغم الفقد تبقى تتمتم بكلمات الرضا والفخر.
مصادر المعتقدات
- البيئة: حيث يمكن أن تكون البيئة مصدرًا قويًا للمعتقدات.
- الأحداث: الأحداث الكبيرة والصغيرة تترك أثرا يُولد الإيمان، وتبقى ذكريات لا تُنسى.
- المعرفة: التجارب الحياتية، القراءة، وتجارب الآخرين تُسهم في تشكيل المعتقدات.
- النتائج السابقة: النجاح في أمور معينة يُعزز القدرة على تحقيق نجاحات جديدة.
- خلق التجربة: رغباتك المستقبلية تُعتبر بمثابة حقيقة في خيالك.
الإيمان بالله يُعين الإنسان على مواجهة تحديات الحياة بثبات وصبر، مهما كانت الظروف.
وأخيراً..
يظهر تأثير الإيمان بوضوح في ثبات أهل غزة، إذ تبقى الأم صامدة رغم فقدان أبنائها، والرجل متماسك رغم فقدان أسرته، والأسرة تجلس فوق أنقاض منزلها في هدوء.
قد فقدوا منازلهم وعائلاتهم، لكنهم علموا العالم دروسًا في الإيمان والصبر والتوكل. إن الإيمان بالله يمنح القوة والثبات في وجه التحديات.
إذا كنت ترغب في تبني الإيمان، فافسح له مجالًا في حياتك، لأن الكفر يبني حواجز بين الفرد والله، أما الإيمان فيضع الله بيننا وبين ظروفنا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
رابط المصدر