كيف يمكن تفسير الكسل الدراسي في كلياتنا؟
<
div class=”wysiwyg wysiwyg–blog-content css-1vkfgk0″ aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>يتميز الحديث في هذه الأيام بالتركيز على تدني الحركة الاحتجاجية للطلاب في العديد من الجامعات والمعاهد الأميركية والأوروبية، حيث تستمر المظاهرات للمطالبة بوقف الاعتداءات الوحشية التي يمارسها النظام الإسرائيلي ضد منطقة غزة. على الرغم من التهديدات وحملات الاعتقال، تظل هذه المظاهرات في حالة استمرار، وتتوسع لتشمل مزيد من الجامعات، مؤكدة للطلاب أهمية النضال من أجل الحفاظ على حقوقهم في التعبير، ومواجهة سياسات حكوماتهم ذات المعايير المزدوجة، وتعزيز دورهم المدني.ليست مجرد موجة عابرة من التعاطف مع المظلومين، بل هي ضرورة حتمية لاحتواء التردي القيمي والحقوقي الذي تمر به بلادهم.
وفي الناحية الأخرى يتسائل البعض عن مكانة الحراك الطلابي الإسلامي والعربي. هل الطلاب الغربيون أكثر شجاعة ووعيًا من طلابنا؟ ولماذا نرى نقصًا في التنظيم بينهم؟
الطلاب في الجامعات الأمريكية والأوروبية ليسوا أكثر جرأة ووعيًا من طلابنا في الدول العربية والإسلامية. كما أثبتت ثورات الربيع العربي ذلك، حيث كان الطلاب في صدارة الاحتجاجات عندما اندلعت تلك الثورات قبل سنوات
ليسوا أكثر شجاعة
تشير الدلائل إلى تدهور حال الحريات وانعدام احترام حقوق التعبير والتظاهر في الدول الإسلامية مقارنة ببلدان شمال أوروبا وأمريكا. ويعود هذا التراجع في الحراك الطلابي العربي والإسلامي إلى عوامل عديدة، بالرغم من أن التهديد بالاعتقال أو العنف ليس السبب الرئيسي بنظري.
ولو عدنا إلى التاريخ، لاحظنا أن طلاب الجامعات والثانويات كانوا القوة الدافعة خلال فترات الاستعمار الغربي. فلماذا نشهد هذا التراجع اليوم؟
لا توجد هياكل طلابية مستقلة قادرة على التحرك والتنظيم، كما في منظمات المجتمع المدني والنقابات. هذا النقص في الحرية والقدرة على التعبير والقيادة هو أحد أسباب تراجع الحراك الطلابي والمجتمعي في بلداننا
ركود له أسبابه
من أهم العوامل التي تحفز نشاط الطلاب لإحداث تغيير في المجتمع هي وجود هياكل تنظيمية توجه وتوجه الطلاب نحو أهدافهم الإيجابية. في الولايات المتحدة وأوروبا، قد أسهمت المنظمات الطلابية في إثراء الحراك الطلابي بمرور الزمن.
وفي عالمنا العربي والإسلامي، تفتقر اتحادات الطلاب إلى الحرية والاعتراف، مما يعيقها عن توجيه وتشجيع الطلاب على التعبير والنضال من أجل قضاياهم.
بجانب آخر، يلاحظ غياب ثقافة التعايش مع التنوع والاختلاف في المجتمع الطلابي، فتبقى الجامعة مكانًا للاختلاف والتعدد الفكري. هذه العوامل مجتمعة تؤدي إلى تعثر الحراك الطلابي في جامعاتنا من الناحية الشكلية والجوهرية.
ضرورة تحدي وتبني الأفكار
<
div>
تتهافت الأفكار الجديدة وحماس الشباب على تبنيها يسفر عن وجود تباين وتصادم في طرق التعبير، مما يتسبب في تشظي وتفرق إذا لم يكن هناك بيئة تعزز حق التعبير، وتدعم أساليبه وتحميها. وفي العديد من الجامعات العربية والإسلامية يفتقد الاعتراف بالتعددية ويختفي تقبل الاختلاف، حيث تجلس السلطات، سواء تلك التابعة للحكومة أو الجامعة نفسها، التي لا تؤمن بالتنوع، على الهامش دون أدارة للتفاوتات ودون تعزيز العناصر المتنوعة في المجتمع الطلابي، الذي يتحول عادة إلى نموذج للتضييق وإسكات الأصوات المنادية بحرية التعبير، بالرغم من الواجب أن يكون حاملاً لمبادئ التبادل الحر وحرية التفكير والرأي.
الشباب هم العلا وحاملو لواء النضال وحزام الأمة، والبناة لمستقبلها، وإذا كانوا منظمين ولهم القدرة على التعبير عن آرائهم، فسوف يكونون قادرين على النضال من أجل القضايا العادلة في أي زمان ومكان. وإلا فسيظلون صامتين، ولكن بالتأكيد ليس للأبد.
تاريخ يتطلب الاقتداء به
في تاريخ بعض الدول العربية والإسلامية كان لتنظيم الطلاب تأثيره في تحفيز النشاط الطلابي وتوجيهه نحو ما يخدم مصلحة المجتمع والأمة. ومن أمثلة ذلك جمعية الشبان المسلمين التي أُنشئت رداً على تفشي الإلحاد الذي كان يهدد دول العالم العربي والإسلامي بشكل عام، ومصر بشكل خاص، بعد سقوط الدولة العثمانية وانتشار الأفكار الغربية.
وقد أُعلن عن تأسيس الجمعية بعد انتخاب مجلس إدارتها في تاريخ 25 نوفمبر 1927 م. وكانت غالبية أعضائها من طلاب الجامعة المصرية في مختلف كلياتها، وتوسعت الجمعية لتنشر فروعًا في العديد من الدول العربية والإسلامية، بما في ذلك فلسطين حيث تأسست الفرع عام 1928 م، لتلعب دوراً هاماً في الحركة القومية الفلسطينية.
وتوسعت الجمعية بسرعة، وأنشأت فروعاً في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وارتفع عدد أعضائها لمليون عضو، حيث سجلت نشاطاتها وطموحاتها في كتب التاريخ.
وفي ثلاثينيات القرن الماضي، عام 1934، أسست جمعية الطلبة الجزائريين الدارسين في جامعة الزيتونة بتونس، والتي كانت تُعرف بجمعية الطلبة الجزائريين الزيتونيين، وازدهرت بتدريب الطلاب وإعدادهم الى أن يصبحوا روادًا في مقاومة الاحتلال الفرنسي وتصدّي له، وتنبيه الأمة للخطر المحدق بها، ومحاربين للأفكار المضللة، ومُحرّضين للنهضة المرتقبة، ورواد في تذكير الأمة بتاريخها وهويتها.
وختامًا، فإن الشباب هم العمود الفقري للنضال، والدروع التي تحمي الأمة، والبناة لمستقبلها. إذا كانوا منظمين وقادرين على التعبير عن أنفسهم، فسيكونون قادرين على النضال من أجل القضايا العادلة في أي مجال، أما إن لم يكونوا كذلك، فيبقى الصمت خيارًا، لكن بالتأكيد ليس للأبد.