لماذا تُعَدُ واتساب تطبيق الرسائل الرقمية الأوّل في العالم؟
أعلن واتساب في عام 2020 أن لديه أكثر من ملياري مستخدم حول العالم. فهو أكبر من آي مسج (1.3 مليار مستخدم) وتيك توك (1 مليار) وتليغرام (800 مليون) وسناب شات (400 مليون)، كما تفوق على منصة إنستغرام التي تستحوذ على نحو 1.4 مليار مستخدم. وبالتالي يتفوق تطبيق واتساب على جميع منافسيه، ويتربع على عرش تطبيقات الرسائل.
لماذا يحظى واتساب بشعبية كبيرة؟
بشعبية كبيرة في مناطق مختلفة من العالم بفضل جمهوره الكبير، إذ يعملوسيلة إتصال رقمية في الهند وأمريكا اللاتينية وأجزاء من أوروبا ومناطق أخرى. بالنقيض من ذلك، تُعَد الولايات المتحدة واحدة من الأقل الدول التي لا تعتمد على واتساب في التواصل، وتستمر في استخدام نظام الرسائل النصية القصيرة.
هناك عدة أسباب تجعل تطبيق الواتساب أكثر شيوعًا من الرسائل النصية القصيرة في جميع أنحاء العالم، والتي تتضمن:
– تكلفة منخفضة: صعد واتساب بسرعة في المنطقة بسبب تكلفته الأقل. في السابق، كان مقدمو خدمات الهواتف في العديد من الدول يفرضون رسوما على كل رسالة نصية، أو يضعون حدًا على عدد الرسائل الممكنة للإرسال. بينما كل ما تحتاج إليه لاستخدام الواتساب هو اتصال بالإنترنت، مما جعله خيارًا أكثر جاذبية للرسائل النصية القصيرة.
في حين قدمت معظم شركات الهواتف المحمولة في الولايات المتحدة رسائل نصية غير محدودة كميزة قياسية لفترة طويلة، مما لم يجعل المستخدمين بحاجة لبديل مثل الواتساب، حيث لم يكون هناك سبب لتحميل تطبيق آخر للقيام بما كانوا يفعلونه بالفعل.
– دعم عدة أجهزة: يستخدم العديد من الأشخاص هواتف آيفون، وبالرغم من أن تطبيق iMessage هو التطبيق الافتراضي للرسائل عند إرسال رسالة إلى شخص يمتلك جهاز آيفون، إلا أن تطبيق الواتساب قدم إمكانية إرسال الرسائل لجميع مستخدميه بغض النظر عن نوع الجهاز الذي يستخدمونه.
مع اعتماد العديد من الدول النامية على الهواتف الذكية، بالإضافة إلى توفر الجيل الثالث من الاتصالات (3G)، جاء تطبيق الواتساب في الوقت المناسب ليصبح شهيرًا كما هو الحال الآن.
– بساطة: مع الرغم من انتشاره الكبير، لا يزال الواتساب معروفًا ببساطته وسهولته، حيث يمكنك إرسال رسالة إلى شخص ما عبر إدخال رقم هاتفه فقط، من دون الحاجة للقلق حول التواصل عبر منصات أخرى أو توفر أجهزة محددة.
–
بالعكس، تُعَد الرسائل النصية “SMS” ورسائل الوسائط المتعددة أكثر تقليدية. إذ تدعم الرسائل النصية فقط 160 حرفًا لكل رسالة وتفرض حدودًا صارمة على حجم المحتوى مما قد يكون مُزْعِجًا لملفات الوسائط الحديثة. إن الواتساب يُعْتَبَر وسيلة تواصل حديثة تواكب التطورات التكنولوجية الحديثة ولا تزال مرتبطة بتقنيات عام 2003.
– خالٍ من الإعلانات: منذ البداية، اعتبر مؤسسا واتساب، جان كوم وبريان أكتون، أنهم يقدمان منتجًا وليس مجرد منصة للإعلانات. بينما تعتمد وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات التواصل الأخرى على الإعلانات كمصدر للدخل، يعمل الواتساب دون الاستعانة بالإعلانات المباشرة للمستخدمين.
بدلاً من ذلك، يجني الواتساب العائدات من خلال خدمة واتساب للأعمال، بالإضافة إلى واتساب باي الذي يسمح بتحويل الأموال عبر التطبيق ولكنه متوفر حاليًا فقط في الهند والبرازيل وسنغافورة.
هذا النهج ساعد الواتساب على التركيز على توفير تجربة مستخدم عالية الجودة، حيث يوفر ميزات متعددة في تطبيق واحد مثل المراسلة والمكالمات والمحادثات الفيديو والمحادثات الجماعية. يتجاوز الواتساب الحدود التقنية والجغرافية، مما يعني أنه يمكنه إيصال الرسالة بسهولة بين مستخدمين من دول مختلفة بلا تأثير عن النظام الذي يستخدمونه.
التسلسل الزمني لتطبيق الواتساب
بدأت فكرة تطبيق الواتساب في عام 2004 عندما كان بريان أكتون وجان كوم يعملان في شركة ياهو. وقد بدأا في تصوّر الفكرة وبناءها.أفكاره تجسيدة على تطبيق يتم فيه تعريفُ كل اسم في قائمة دفتر العناوين بحالته الشخصية، إلا أنه لم يتم العمل بشكل جاد في هذه الآونة، وفي عام 2007 تخلى الاثنان عن شركة ياهو.
حتى وصلنا إلى عام 2009 حيث خلق كوم تطبيق واتساب، وتم إصداره رسمياً لأجهزة آيفون. وعلى الرغم من أن الهدف الأساسي كان تتبع حالات عمل المستخدمين وإخطار جهات الاتصال الخاصة بهم بشأن توفرهم، فقد تحوّل بسرعة إلى نظام مراسلة أساسي، حيث استفادت قاعدة المستخدمين الأولى من قدرة التطبيق على إرسال إشعارات لمستخدمين آخرين.
أقنع أكتون خمسة من موظفيه السابقين في شركة ياهو لتقديم مبلغ 250 ألف دولار في التمويل الأولي للتطبيق، وذلك قبل شهر واحد من إصداره في متجر التطبيقات. وفي نهاية العام، أصبح واتساب مدفوعاً لتغطية تكاليف الخدمة، وتمت إضافة القدرة على إرسال الصور بين المستخدمين. وبالرغم من هذا البداية المتواضعة، أصبح واتساب ضمن أفضل 20 تطبيقاً في متجر التطبيقات بعد عامين فقط.
في عام 2010 تمت إضافة واتساب إلى غوغل بلاي وأصبح يتوافق مع أجهزة أندرويد. وفي إبريل/نيسان 2011 استثمرت شركة “سيكويا كابيتال” حوالي 8 ملايين دولار مقابل حصة 15% في ملكية واتساب، وفي عام 2013 تمت إعادة استثمار 50 مليون دولار بعدما تجاوز التطبيق في تلك الفترة 200 مليون مستخدم نشط ووصلت قيمته إلى 1.5 مليار دولار. وفي هذا العام، أصبح واتساب مجانياً، مع فرض رسوم اشتراك سنوية بقيمة 1 دولار.
في 19 فبرابر/شباط 2014 أعلنت فيسبوك عن استحواذها على شركة واتساب مقابل 19 مليار دولار، وهو أكبر عملية استحواذ حتى ذلك الحين. ورغم تساؤل العديدين حول سبب دفع فيسبوك هذا المبلغ الضخم لشركة تحقق إيرادات سنوية بقيمة 20 مليون دولار فقط! أصبح تطبيق واتساب يشكل تهديداً مباشراً لاستمرارية منصات التواصل الاجتماعي، وكان مارك زوكربيرغ يدرك ذلك. وفي هذا العام، وصل عدد مستخدمي التطبيق إلى أكثر من 600 مليون ليصبح التطبيق الأكثر شهرة في العالم في مجال المراسلة.
في عام 2016، تخلى واتساب عن نموذج الاشتراك وأضاف خاصية المكالمات الفيديو. وبعد ذلك بوقت قصير، تم تنفيذ التشفير التام بين المستخدمين. وفي العام نفسه، أدرك المستخدمون الذين قرؤوا الشروط والأحكام الجديدة بأن واتساب سيبدأ في مشاركة بيانات المستخدم مع فيسبوك، حيث سيستخدمها الأخير في إنشاء إعلانات مستهدفة. ومع ذلك، فإن فيسبوك تمكن من الوصول إلى هذه البيانات منذ عام 2014، وقد تم تغريمه بمبلغ 110 مليون يورو (نحو 122 مليون دولار) من قبل المفوضية الأوروبية.
في عام 2017، غادر أكتون الشركة وتبعه رحيل كوم من منصب الرئيس التنفيذي لتطبيق واتساب في عام 2018. وخلال السنوات القليلة بعد ذلك، أضاف واتساب العديد من المزايا مثل إصدار “الوضع الداكن” لأجهزة آيفون وأندرويد عام 2020، وميزة الرد باستخدام الرموز التعبيرية عام 2022.
أما في عام 2023، فقد شهد العديد من التحسينات والميزات مثل تعديل الرسائل لـ15 دقيقة بعد الإرسال، وتقديم خاصية القنوات الجديدة وإمكانية مشاركة الصور والفيديو بجودة عالية وفرصة إنشاء حساب آخر في التطبيق، بالإضافة إلى إضافة عنوان بريد إلكتروني في حساب واتساب.
من المتوقع أن يُقدم التطبيق في عام 2024 تشكيلة من الميزات الجديدة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي كتعديل الصور والردود على الرسائل وغيرها، ليمنح بذلك عاماً آخر من نجاحات واتساب.