لماذا التقى مستشار نتنياهو بترامب قبل زيارة البيت الأبيض؟
واشنطن- تأكدت التقاليد السياسية الأميركية من ضرورة وجود إدارة وحيدة في البيت الأبيض ورئيس واحد خلال المرحلة الانتقالية بعد الانتخابات، خاصة في حال فوز مرشح الحزب المنافس.
لكن وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، وهو من المقربين لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التقى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في منتجعه بـ”مار لاغو” بولاية فلوريدا، قبل بدأ اجتماعاته الرسمية في واشنطن.
يعتقد بعض المراقبين أن هذا التصرف يعكس تجاوز الحكومة الإسرائيلية للأعراف الأميركية، مشيرة فقط إلى سعيها لتأمين علاقتها الوثيقة مع الإدارة الجمهورية الجديدة وتأثير ذلك على سياساتها تجاه غزة ولبنان. كما أن حكومة نتنياهو لم تأبه بانتهاء المهلة التي منحتها الولايات المتحدة لتحسين الوضع الإنساني في غزة، في وقت تعتزم فيه إدارة بايدن التحفظ في انتقاد السياسات الإسرائيلية.
أهمية اللقاء
تزامن اجتماع ديرمر بترامب مع بدء الأخير في الإعلان عن أسماء مرشحيه لقضايا الأمن القومي، الذين يشتهر دعمهم الكبير لإسرائيل، سواء لأسباب دينية مسيحية أو جيو استراتيجية.
شملت الأسماء المرشحة، مايكل والتز كمستشار للأمن القومي، وماركو روبيو للخارجية، ومايك هاكابي كسفير في إسرائيل، وبيت هيجسيث للدفاع. جميعهم معروفون بدعمهم المطلق لسياسات إسرائيل العدائية تجاه الفلسطينيين ولبنان وإيران.
من خلال اللقاء، سعى ديرمر لتوضيح موقف نتنياهو من مستقبل غزة وخطط إسرائيل تجاه لبنان، وأيضاً عرض طبيعة المواجهات القادمة مع إيران.
في تصريح لمديرية الجزيرة نت، قال السفير الأميركي السابق ديفيد ماك، المساعد السابق لوزير الخارجية، إن “نتنياهو لطالما حاول استغلال التوازنات السياسة الأميركية، وديرمر يعد الأداة الرئيسية في هذه الجهود. أعتقد أنه ضغط أيضاً على الناخبين اليهود للتصويت لصالح ترامب”.
أما غريغوري أفتانديليان، خبير في قضايا السلام بالشرق الأوسط وأستاذ بالجامعة الأميركية في واشنطن، فذكر أن “ديرمر حاول كسب ود ترامب أملاً في الحصول على وعود منه بالتراجع عن أي قرارات قد يتخذها بايدن والتي تضر بمصالح إسرائيل”.
فشل بايدن
بعد الانتهاء من لقاء ترامب في فلوريدا، توجه ديرمر إلى واشنطن حيث التقى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ومسؤول الشرق الأوسط بريت ماكغورك، والمبعوث الخاص للبنان آموس هوكشتاين.
تناولت النقاشات الموعد النهائي الذي منحته إدارة بايدن لإسرائيل لتحسين الوضع الإنساني في غزة، والذي ينتهي اليوم، إضافة إلى التهديد بفرض حظر جزئي على الأسلحة. ومع ذلك، اختارت إدارة بايدن دعم إسرائيل على الرغم من المعلومات الدولية المحايدة التي تشير إلى عرقلة إسرائيل لإدخال المساعدات إلى غزة.
وكالة الأونروا في غزة أفادت بأن إسرائيل لم تتمكن من الوفاء بالموعد النهائي الممنوح لزيادة المساعدات للقطاع.
### تحذير أميركي شديد لإسرائيل
وجه كل من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن رسالة صارمة إلى إسرائيل قبل شهر، جاء فيها إنذار مدته 30 يوماً لضمان زيادة شحنات المساعدات إلى غزة بشكل يومي.
انخفاض حاد في المساعدات
في تطور مقلق، أكدت الأمم المتحدة أن كميات المساعدات التي تصل غزة هي في أدنى مستوياتها منذ عام. وقد حذر تقرير حديث مدعوم من المنظمة من احتمال حدوث مجاعة وشيكة في شمال غزة، نتيجة عدم دخول أي مساعدات تقريباً خلال الشهر الماضي.
زيارة ديرمر: أهداف استراتيجية
ناقش الخبير في الشؤون الدولية آدم شابيرو في حديث خاص مع الجزيرة نت أن زيارة السفير الإسرائيلي إلى واشنطن، مايك ديرمر، ترتكز على الأمد الطويل من خلال تنسيق جدول أعمال مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وأعرب شابيرو عن شكوكه إزاء إمكانية تناول قضايا جوهرية خلال اجتماعات ديرمر مع كبار المسؤولين في إدارة بايدن مثل بلينكن وسوليفان.
ترامب وما بعد بايدن
أضاف شابيرو أن الإسرائيليين يدركون أن أي إجراءات قد يتخذها بايدن خلال الأسابيع القادمة يمكن أن يتم عكسها سريعاً من قبل ترامب، مما يجعل موقف بايدن ضعيفاً.
فرصة وقف إطلاق النار في لبنان
في سياق متصل، أعرب مبعوث البيت الأبيض إلى لبنان عن اعتقاده بوجود فرصة لتحقيق اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان قريباً، مع أمل كبير في أن يُحقق ذلك.
الأهمية الاستراتيجية للبنان
تعي إسرائيل أهمية الوضع اللبناني بالنسبة للرئيس الأميركي القادم، بعد تعهده للجالية اللبنانية الأميركية بأنه سيسعى لإنهاء الصراع وإحلال السلام في لبنان.
تطلعات نتنياهو الأمنية
اعتبر ديفيد دي روش، الأستاذ بجامعة الدفاع الوطني الأميركية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى لتحقيق أهدافه الأمنية تجاه حركة حماس وحزب الله قبل تولي ترامب منصبه. وأوضح أنه لا يرغب في بدء العلاقة مع ترامب من موقع ضعف، بل يريد أن يثبت نجاحاته ضد أدوات إيران القوية في الشرق الأوسط.
غموض مستقبل المبادرات
إذا استطاع نتنياهو تحقيق ذلك، في ظل غياب أي مؤشرات على إمكانية بايدن في إيقافه، فمن الممكن أن يسجل ترامب نفسه كصانع سلام عند توليه المنصب، ما سيكون انتصاراً مشتركاً لكل من نتنياهو وترامب.