لماذا يقل حرق الدهون عندما نصوم؟
أجرى علماء من معهد سكريبس اكتشافًا يتعلق بجزيء يتم إنتاجه في أمعاء الديدان المستديرة، حيث أظهرت الأبحاث أنه يرسل إشارات إلى الدماغ لتقليل فقدان الدهون عند نقص الطعام. يساهم هذا الاكتشاف في فهم أعمق للتواصل المعقد بين الأمعاء والدماغ، كما يسعى لتوضيح أسباب الفوائد الصحية المرتبطة بفترات الصيام، والتي تتجاوز مجرد تقليل السعرات الحرارية.
لماذا تهمنا الديدان المستديرة وأمعاؤها؟
على الرغم من أن هذا الجزيء لم يُدرس بعد في البشر، إلا أنه قد يساعدنا في فهم العمليات التي تحدث في أجسامنا. يقوم العديد من العلماء في جميع أنحاء العالم بدراسة بيولوجيا الديدان المستديرة باهتمام كبير. بين عامي 1994 و1995، صدرت 73 دراسة علمية تتعلق بهذه الكائنات في مجلات علمية دولية.
تعتبر الديدان المستديرة كائنات بدائية، لكنها تشترك في العديد من الخصائص البيولوجية المهمة للبحوث المتعلقة بالبشر. فهي تتكون من خلية واحدة وتخضع لعمليات نمو معقدة، تبدأ من الانقسام الجنيني وتستمر حتى مرحلة البلوغ، ولديها جهاز عصبي يضم “دماغًا”، مما يجعلها مناسبة ككائن دراسي.
صراعات متبعي الحميات
في سياق ما يعانيه متبعو الحميات، أظهرت الأبحاث أن الديدان المستديرة تقلل من فقدان الدهون كلما قل تناولها للطعام. وقد اكتشف العلماء في معهد سكريبس أن جزيئًا صغيرًا تُنتجه الأمعاء أثناء الصيام يُرسل إشارات إلى الدماغ لتعطيل عملية حرق الدهون. هذه النتائج تم نشرها في مجلة “نيتشر كوميونيكيشنز” بتاريخ 11 أغسطس 2024.
تشير الدكتورة سوبريا سرينيفاسان، الباحثة الرئيسية في الدراسة، إلى أن هذا الاكتشاف يفتح الأفق أمام فهم تأثير الصيام على الدماغ ودوره في تحقيق الفوائد الصحية.
كيف تخبر الأمعاء الدماغ بما يحدث حولها؟
حدد الباحثون أن الدماغ يقود عملية إنتاج الدهون وتحللها في جميع الكائنات الحية بما في ذلك البشر. وقد حدد فريق سرينيفاسان في عام 2017 هرمونًا في الدماغ يُعرف باسم “إف إل بي -7″، والذي ينشط حرق الدهون في أمعاء الديدان المستديرة. ومع ذلك، كان هناك تحدي لتحديد كيف ترسل الأمعاء إشارات للدماغ.
يشير فريق البحث إلى أنه من خلال دراسة أكثر من 100 جزيء إشارة من أمعاء الديدان، استطاعوا قياس تأثيرها على إنتاج “إف إل بي -7”.
أنسولين ليس كباقي الأنسولين
وجدوا أن أحد الجزيئات كان له تأثير كبير على “إف إل بي -7″، وهو نوع من الأنسولين يُعرف باسم “آي إن إس 7” (INS-7) في البشر. عوضًا عن المصنع بواسطة البنكرياس، فإن هذا الجزيء الجديد يُنتَج في الأمعاء ويؤثر على عملية الأيض عبر الدماغ.
تتذكر سرينيفاسان أن الفريق شعر بالدهشة عند اكتشافهم لهذا الجزيء الجديد، حيث لم يكن هناك سابقة لجزيء أنسولين يقوم بهذا الدور. ومع ذلك، وجدوا أن “آي إن إس 7” يؤدي وظيفته بالتأثير على مستقبلات الأنسولين بشكل مختلف، مما يجعل خلايا الدماغ تتوقف عن إنتاج “إف إل بي -7”.
ويشير فريق البحث إلى أن “آي إن إس 7” يعتبر إشارة من الأمعاء تنبه الدماغ لوقف حرق الدهون حتى يتوفر طعام جديد.
النقاش حول فترات الصيام يتواصل، ومع تقدم البحث، تبرز الحاجة لكشف النقاب عن كيفية تواصل الأمعاء مع الدماغ في الثدييات. يمكن أن تُدرج الجزيئات المعوية الجديدة ضمن أدوية تحاكي هرمونات الأمعاء المستخدمة حاليًا.
ماذا بعد؟
تشير نتائج هذه الدراسة إلى خطوات إضافية نحو فهم تعقيدات تواصل الدماغ والجهاز الهضمي وطرق تأثيرهما على التمثيل الغذائي. تخطط سرينيفاسان لإجراء مزيد من التجارب لاستكشاف كيفية تحفز خلايا الأمعاء لإنتاج “آي إن إس 7” وكيفية تأثر أنواع الخلايا الدماغية بهذا الجزيء الجديد.
رابط المصدر