### التساؤل عن السلام في العالم
في اليوم العالمي للتسامح الذي مرّ علينا أمس، يجب على العرب أن يتساءلوا: لماذا ينعم العالم بالسلام ويعيش في رخاء بينما نحن ننتقل من حرب إلى أخرى؟ على الرغم من أن الحرب في أوكرانيا قد شكلت استثناءً، إلا أن معظم دول العالم تعيش حياة طبيعية بعيدة عن الصراعات، بعيدة عن الصور المأخوذة من السينما. في هذه المناسبة، نستعرض بعض المحطات التاريخية التي تتعلق بهذا الموضوع.
### سقراط ورمزية التسامح
يُعتبر سقراط رمزًا مبكرًا للتسامح في تاريخ الفكر، كما يتضح من محاوراته في أعمال تلميذه أفلاطون. كان سقراط متسامحًا مع محاوريه، إذ كان يشجعهم على السعي وراء الحقيقة، داعيًا إياهم إلى دحض أفكاره. في إحدى محاوراته، أشار إلى أن سعادته تأتي من تفنيد الآخرين لأقواله بدلاً من دحضه لأقوالهم، لأن النجاة من الشر تُعَدّ أفضل من إنقاذ الآخرين.
### الرواقية ومفهوم التسامح
تظهر الفلسفة الرواقية، كما قدمها إبكتيتوس وماركوس أوريليوس وسينيكا، مفهومًا متطورًا للتسامح. تركز الرواقية على الأشياء التي يمكننا التحكم فيها، مثل آرائنا وسلوكياتنا، وتجاهل ما لا يمكننا السيطرة عليه، خاصة آراء الآخرين. ومع أن صبر المستعبد لا يتقارب مع تسامح المتسامح الذي يمتلك القدرة على الرفض، يُعتبر التسامح فضيلة من يمتلك القوة.
### التسامح في العصور الوسطى
لم يصبح التسامح موضوعًا ذا أهمية فلسفية وسياسية في أوروبا حتى القرنين السادس عشر والسابع عشر. في عصر النهضة، رفع المفكرون مثل إيراسموس ودي لاس كاساس شعار استقلالية العقل ضد دوغمائية الكنيسة. في أعقاب الانقسامات الناتجة عن الإصلاحات الدينية، واجهت أوروبا حروبًا شرسة باسم الدين، مما جعل المفكرين يدركون القوة التدميرية للتعصب.
### تأثير الفلسفة الحديثة
في القرن السابع عشر، مع زيادة التجارة والاجتماعية، نضجت أفكار التسامح. احتوى فكر سبينوزا على دعوات للتسامح، مؤكدًا أن تقييد حرية الفكر مستحيل، ويجب أن تركز السلطة السياسية على الأفعال بدلاً من الأفكار. يعتبر كتاب جون لوك حول التسامح (1689) أحد الوثائق الأساسية التي تعبر عن مطالب التسامح، حيث يؤكد أن الدولة لا تستطيع إدخال الدين بالإكراه.