لماذا يُعَدُّ زيارة بوتين إلى الصين تاريخية وتؤسس لتحالف إستراتيجي؟

Photo of author

By العربية الآن



لماذا يُعَدُّ زيارة بوتين إلى الصين تاريخية وتؤسس لتحالف إستراتيجي؟

005 3 1715880622
زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يسار) إلى الصين تتضمن التوقيع على بيان مشترك لتعميق الشراكة الشاملة بين البلدين (الفرنسية)

موسكو– على النحو المتوقع، اختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الصين لتكون أول بلد يزوره بعد إعادة انتخابه رئيسًا لبلاده، في خطوة تعكس التقدم الكبير نحو تعزيز العلاقات بين البلدين، اللذين سجلا تقدمًا كبيرًا في بناء علاقات ثنائية إستراتيجية خلال السنوات الأخيرة.

قام الرئيس الصيني شي جين بينغ أيضًا بنفس الإجراء، في مارس/آذار 2023 عقب إعادة انتخابه رئيسًا للصين، حيث زار روسيا في أول رحلة خارجية له.

انطلقت الزيارة بترحيب حار ببوتين ووفده مع “مراسم استقبال عسكرية كاملة”، وكان برفقته نواب رؤساء الوزراء ووزراء وحكام 20 إقليمًا روسيًا، بالإضافة إلى مدراء شركات السكك الحديدية وشركة روساتوم وغيرهم، وقد وصفت وسائل الإعلام الروسية هذه الزيارة بأنها تاريخية، خاصة في ظل تعرض روسيا لعقوبات دولية كبيرة، وتعرض الصين أيضًا لضغوطات من الغرب.

005 1 1715880629
الهدف الرئيسي من لقاء قادة الدول يكمن في إيجاد وسائل لتفادي العراقيل الأميركية التي تسببت في تراجع الصادرات الصينية إلى روسيا (الفرنسية)

فتح صفحة جديدة

من المنتظر التوقيع على بيان مشترك يعزز الشراكة الشاملة والتفاعل الإستراتيجي، مما يمهد الطريق لبداية جديدة، وقد تزامنت هذه الخطوات مع احتفال البلدين بالذكرى الـ75 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفياتي وجمهورية الصين الشعبية، بالإضافة إلى توقيع 11 اتفاقية حكومية على الأقل.

إلى جانب الروابط والمصالح المشتركة، يرون الزعيمان أن الولايات المتحدة تعتبر عائقًا أمام تقدمهما، وفي هذا السياق، فإن قادة البلدين أعلنا قبل بضعة أسابيع عن “شراكة بلا حدود” لمواجهة “الهيمنة الأميركية”.

بالإضافة، يطمح كل من فلاديمير بوتين وشي جينبينغ لدورهما كمهندسين لنظام عالمي جديد خالٍ من التدخل الأميركي، وقاما بخطوات لتعزيز التحالفات الدولية مع البلدان النامية، من خلال منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة “بريكس”، كوسيلة تضادية للغرب.

تواصل بكين تقديم الدعم الاقتصادي الرئيسي لموسكو للتخفيف من آثار العقوبات الاقتصادية الغربية، التي قيّدت قدرة روسيا على الوصول إلى سلاسل التوريد العالمية والأسواق العالمية.

وفي الشهور الأخيرة، زادت الولايات المتحدة تحذيراتها للصين بشأن الدور الحيوي الذي تلعبه في دعم روسيا في المجال العسكري، من خلال تعزيز قدراتها الدفاعية وتوريد منتجات ذات استخدامات مزدوجة، غير قاتلة لكنها تلعب دورًا عسكريًا.

الأولوية للأمور الاقتصادية

يؤكد الخبير في العلاقات الدولية ديمتري كيم أن اختيار بوتين لزيارة الصين كأول وجهة بعد إعادة انتخابه كان متوقعًا، ويعكس التزام موسكو بتعزيز شراكتها الإستراتيجية مع الصين، التي لن تتخلى عنها رغم الضغوط الغربية، بل تزداد إصرارًا على “التوجه شرقًا”.

يشير إلى أن التركيز سيكون خاصة على القضايا الاقتصادية والتعاون في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، مع التركيز على التسويات التجارية المتبادلة بين البلدين.

ويلاحظ أن للبلدين إمكانية للتعاون في مختلف المجالات من الاقتصاد والتبادل التجاري والبنية التحتية والطاقة والفضاء، بالإضافة إلى الجوانب الثقافية، مع التركيز الأساسي على تجاوز العقبات الأميركية التي أدت إلى تراجع الصادرات الصينية إلى روسيا خلال العام السابق، خاصة فيما يتعلق بالسلع الاستهلاكية والمنتجات المزدوجة.

تحالف إستراتيجي

يؤكد المحلل السياسي مراد بشيروف أن روسيا تعتبر الصين حليفًا استراتيجيًا، الذي يتفوق على الولايات المتحدة في مجمل الأمور، من الحوسبة الكمية إلى البيولوجيا الاصطناعية والتجسس، مع توفر روسيا على مخزون هام من الطاقة وجيش قوي.

تعززت العلاقات التجارية والعسكرية بين الصين وروسيا في السنوات الأخيرة، خاصة عندما فُرضت عليهما عقوبات من الولايات المتحدة وحلفائها، ويرون أن الصين لعبت دورًا حيويًا في دعم روسيا للتغلب على العقوبات، وقدمت التقنيات الأساسية التي استخدمتها روسيا في ساحة الصراع.

ويؤكد أن زيارة بوتين الحالية للصين ستعزز التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة والبنية التحتية والنقل والإنتاج الصناعي، بالإضافة إلى توجيه الانتباه للاتفاقيات التجارية بالعملات المحلية وزيادة الاستثمارات المتبادلة، وزيادة التفاعل في مجال التكنولوجيا المتقدمة وتكنولوجيا المعلومات والزراعة ومجالات أخرى.

يشير الخبير إلى تأثير متزايد لمجموعة “بريكس” وأهمية زيارة بوتين في تعزيز دور هذه المنظمة وتنشيطها، لرسم رؤى جديدة وجعل الجميع يشعرون بالاستقرار داخلها، وذلك نظرًا لتزايد عدد الدول الراغبة في الانضمام إليها.

المصدر : الجزيرة



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.