ليفربول والذكاء الصناعي: نحو مستقبل خال من المُدربين! | رياضة

Photo of author

By العربية الآن

<

div aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>”هل علمتَ من هو الفتى الجذاب بشكلٍ أكبر في كرة القدم الحديثة؟ ليس من باير ليفركوزن الألماني أو ستاد ريمس الفرنسي، أو حتى بولونيا الإيطالي، بل هو عند غوغل”، هذه هي كلمات افتتاح تقرير نُشِر في مجلة “وايرد” الأميركية تحت عنوان “كيف يستطيع نموذج الذكاء الصناعي الجديد من “غوغل ديب مايند” أن يعين أندية كرة القدم في تحقيق الضربة الركنية المثالية؟”.

قبل أيام تم الكشف عن تعاون تاريخي بين نادي ليفربول الإنجليزي وشركة “ديب مايند” التابعة لغوغل، بهدف استغلال قدرات الذكاء الصناعي في تدبير تكتيكات كرة القدم، ووفقًا للتقرير الذي نُشِر على موقع “نيوساينتيست”، تم تدريب النموذج المُعتمد اسمه “تكتيكال” على مجموعة كبيرة من البيانات، تشمل أكثر من 7176 ضربة ركنية في البريميرليغ، خلال الفترة من 2020 إلى 2021، مما أهله لتحليل الأنماط وتحديد الخيارات البارزة هجوميًا ودفاعيًا، وخاصة عند تنفيذ ضربات الركنية.

وأظهرت الاختبارات قدرة عالية على التنبؤ بنتائج الركنيات بدقة؛ إذ قدم اقتراحات تكتيكية ثبتت نجاعتها في زيادة فرص التسجيل، والأهم من ذلك أن هناك العديد من الخبراء في كرة القدم لم يتمكنوا من التفريق بين تلك التكتيكات الاقترحها، وبين تلك التي وضعها المدربون البشر، مفضّلين تلك التي اقترحها الذكاء الصناعي في 90% من الحالات.

وبالتالي، أعرب يورغن كلوب، مُدرب ليفربول، عن سروره بهذه الشراكة، مؤكدًا أن “الذكاء الصناعي يمكن أن يعزز الفهم للعبة بشكلٍ أفضل، خصوصًا مع تقدم نماذج الذكاء الصناعي الحديثة التي تُغيّر نهج لعب وتحليل كرة القدم جذريًا، الأمر الذي سيُسهم في تعزيز مستوى اللعبة، وتقديم تجربة شيّقة لمُحبي كرة القدم حول العالم”.

تكتيكال

قبل هذه المحاولة، كانت هناك مساعي كثيرة بين نادي ليفربول وغوغل لإنشاء نظام ذكاء صناعي يساعد المُدربين على اتخاذ قرارات تكتيكية أفضل، لكن كانت مساقات يائسة بعض الشيء، ولم تكن ناجحة بسرعة، خاصة مع ضغوط المباريات والمنافسة الشديدة، لذا اتجه الخبراء نحو تقنيّن إجراءات نظام “تكتيكال” في عام 2021، والعمل على تحويله إلى نموذج مخصص لتحليل واستنتاج آلي للآلية التي تعين اللاعبين في مواقف منهجية، لأن تحديد نتائج الركنيات يعد عملية معقدة أيضًا؛ بما في ذلك توفر البيانات المحدودة، كما أنها تبقى أبسط من دراسة الحالات اللعبية المفتوحة، المتقدمة بطبيعتها.

وهكذا، تم تصميم نموذج الذكاء الصناعي لتناول أسئلة أساسية: 

مَن اللاعب الأحتمالي لاستقبال الكرة؟ وهل سيحدث أي تسديد؟ هل من الممكن فهم الأحداث؟ وهل نجحت التكتيكات السابقة بشكل جيد؟ كيف يمكن تعديل التكتيكات لتحقيق نتائج مختلفة؟ وكيفية تغيير توزيع اللاعبين لزيادة فرص التسديد خلال الهجوم، والعكس خلال الدفاع؟ ويتم ذلك من خلال تقديم اقتراحات بناءة للمدربين، مستندة إلى تحليل اللقطات المسبقة “البيانات التاريخية”، واكتساب تكتيكات وحلول مشابهة منها، في نهج يشبه نموذج الأهداف المرجوة المبني على دراسة آلاف التسديدات المتنوعة في المباريات السابقة.

هذا هو بالضبط دور “تكتيكال” الأوتوماتيكي والبسيط، حيث يفتش ويُجاهد قاعدة البيانات المتاحة لديه، وبعد ذلك يُقدم الإجابات على شكل رمز بصري، وتوصيات تكتيكية، فبعد دراسات نوعية مُركّزة، تبين أن اقتراحات النموذج غالبا ما تكون مرتبطة بقاعدة البيانات المتوفرة لديه بالفعل، في 63% من الحالات تحديدا، مما يعني أن هذه التوصيات لم تكن مبتكرة بشكل مطلق، بل اعتمدت أساسا على نقل الأفكار من قاعدة البيانات المتوفرة لديه.مُقدّما أمامكم،

وفقًا للدراسة التي أُجريت، تظهر أن هذا النموذج هو أول معاون ذكاء اصطناعي “قادر على تقديم اقتراحات مفيدة وعملية”، ولا يمكن التفريق بينه وبين أساليب التكتيك البشرية. حيث يستعمل قاعدة بيانات معقدة تتعلق بالمركز والسرعة والوزن والطول، وهذا أمر صعب للغاية، إذ تعتمد النماذج الذكية الاصطناعية عادة على تدريب على مليارات النقاط البيانية، وهذا الأمر غير متوفر في الركنيات نظرًا لندرتها.

لذا، كان من الضروري إيجاد “حلاً سحريًا”، وهو يتمثل في “التعلم الهندسي العميق”، حيث يمكن للآلة من تقليد عملية الدماغ البشري، حسبما أوضح بيتر فيليكوفيتش، الرياضياتي، حيث يسهل هذا الابتكار عملية التخطيط التكتيكي التي تتطلب الكثير من الجهد البشري، وبالتالي، قام محللو الأندية بإعادة مشاهدة العديد من مقاطع فيديو المباريات لدراسة الإجراءات الروتينية السابقة للفرق المنافسة.

تاريخ حافل

هذا ليس التعاون الأول بين الأندية الرياضية والشركات التقنية، إذ أصبح استخدام تحليل البيانات لتحسين النتائج في الرياضة يعرف تقدمًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، خاصة بعد أن لفت الكاتب مايكل لويس انتباه العالم لهذه التقنية من خلال كتابه “مونيبول: فن الفوز بلعبة غير عادلة” صدر عام 2003.

روى لويس في كتابه كيف استخدم فريق “أوكلاند بيسبول” تقنية جديدة مماكنته التنافس مع فرق تملك ميزانيات أفضل، كما طورت الرابطة الوطنية لكرة القدم الأمريكية بالتعاون مع “أمازون ويب سرفيس” أداة تعرف بـ “الرياضي الرقمي” التي تستطيع التنبؤ بالإصابات قبل حدوثها.

وتحدث أيضًا عن تعاون شركة “ماتسر غولف” مع “آي بي إم” لإنشاء تطبيق قادر على تحديد قدرات اللاعبين وتقديم تعليقات لتحسين الأداء، ومع تقدم التكنولوجيا، ظهرت تطبيقات مثل “هوم كورت” و”إي إس بي إن” و”سمارت كوتش” التي تساعد اللاعبين على التحسن و التطور.

ونظرًا لذلك، تطوّر سوق الذكاء الاصطناعي في الرياضة بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، ومن المتوقع أن تصل قيمته إلى 22 مليار دولار بحلول عام 2030، مشيرًا إلى استمرار تقدم سوق “الرياضات العالمية للذكاء الاصطناعي” لتصل قيمتها إلى 19.9 مليار دولار بحلول نفس السنة، مما يظهر أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الرياضة يتوسع ويستمر في النمو.

مستقبل مجهول

أوضح الباحث في “غوغل ديب ماندفيلد” بيتار فيليكوفيتش أن الهدف من النموذج الذكي ليس لاستبدال المدربين البشريين حتى هذا الوقت، بل يهدف قطاع غوغل البحثي إلى تعزيز قدرات البشر وتعزيز كفاءتهم بدلاً من استبدالهم. ومع ذلك، أشار أيضًا إلى أنه يمكن توسيع النظام ليشمل أجزاء أخرى من كرة القدم وحتى الرياضات الأخرى مستقبلاً.

من الواضح أن العالم لا يسير نحو إبعاد الجهد البشري في الوقت الحاضر، ويبدو أن الذكاء الاصطناعي غير قادر على استبدال دور المدربين، خاصة أن المدرب يلعب دورًا مهمًا في الجانب التربوي والاجتماعي والعاطفي. إذ تتضمن الألعاب الجماعية عناصر الانسجام والتفاعل بين اللاعبين، وهذه الصفات الإنسانية تُسَهِّل عملية التواصل مع اللاعبين وفهم مشاعرهم.

ومع ذلك، يثير التطور الكبير لتقنيات الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الماضية تساؤلات حول مستقبل دور المدربين في الملاعب الرياضية، خاصة وأن الذكاء الاصطناعي والروبوتات قد أظهرت قدرتها على تفوق في جميع الاختبارات التقنية. هل سيكون بوسعها في المستقبل أن تفهم مشاعر البشر وتحل محل المدرب البشري نهائيًا؟


أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.