مؤتمر الحوار السوري: المشاركون وأجندته
<
div class=”wysiwyg wysiwyg–all-content css-1vkfgk0″ aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>
دمشق – بعد عقود من منع العمل السياسي للأحزاب والتجمعات المستقلة في سوريا على يد نظام الأسد، جاء سقوط النظام ليتيح للناس التعبير عن أنفسهم من خلال التجمعات السياسية التي ستدعى إلى حوار وطني شامل في العاصمة دمشق، يهدف إلى تحديد ملامح المرحلة الانتقالية والوصول إلى تشكيل حكومة منتخبة.
تعتزم الإدارة السورية الحالية تنظيم مؤتمر حوار وطني شامل في الأيام القادمة بالعاصمة دمشق، بدافع تشكيل مجلس استشاري يمنح الصفة التشريعية ويكون بمثابة الأمانة العامة لمراقبة عمل الحكومة الجديدة.
في حديثه مع الجزيرة نت، أوضح الناشط السياسي محمد راسم قنطار، أحد منسقي المؤتمر، أن سوريا بعد سقوط النظام تعاني من فراغ دستوري يستدعي تأسيس حالة تشريعية. وبالتالي، يهدف المؤتمر إلى تشكيل مجلس استشاري يتولى العمل التشريعي.
حسب قنطار، سيعلن المؤتمر عن حل البرلمان السوري وإلغاء العمل بدستور 2012 المُقر من النظام السابق، إلى جانب اتخاذ إجراءات أخرى. بينما يتلخص الهدف الرئيس للمؤتمر في تشكيل مجلس استشاري ذو صفة تشريعية لصياغة وإقرار إعلان دستوري، مع منح الثقة للإدارة الجديدة برئاسة أحمد الشرع.
فرصة لسوريا جديدة
شكلت المناطق التي كانت خارج سيطرة النظام سابقًا بيئة نمو متعددة للأحزاب السياسية، ومنها “الهيئة السياسية” و”تجمع سوريا الثورة”، إضافة إلى منظمات وشخصيات مستقلة، وكذا “الائتلاف الوطني” وقوى المعارضة التي عملت خارج البلاد.
علق أحمد حسنات، الرئيس السابق “للهيئة السياسية”، قائلاً: “بعد 54 عامًا من الاستبداد والرأي الواحد، نتطلع الآن إلى انتعاش سياسي في سوريا وبدء إنشاء أحزاب سياسية ومنح صلاحيات للنقابات”.
وأكد حسنات أن الدعوة لعقد مؤتمر حوار وطني تمثل خطوة إيجابية تسفر عن فرصة للحوار بين مختلف شرائح الشعب السوري.
ورجح أن يساهم المؤتمر في تحديد هيكل الدولة الجديدة بعد كتابة دستورها، مع الأمل في مشاركة جميع الكيانات السياسية المعارضة.
من جانبه، أعرب عبد الكريم الضاهر، عضو “تجمع سوريا الثورة”، عن تطلعاته بأن يعتمد المسار السياسي القادم على العمل الحر المتعدد وأن يكون المؤتمر خطوة تلبي احتياجات السوريين فيما يخص القوانين الانتخابية والدستور الجديد.
مصير حكومة البشير
أعلنت إدارة العمليات العسكرية تكليف حكومة الإنقاذ السورية، برئاسة محمد البشير، بتصريف الأعمال حتى مطلع مارس/آذار القادم. وقد استلمت الحكومة الجديدة الملفات والحقائب الوزارية من وزراء الحكومة السابقة، استعدادًا للانتقال إلى حكومة تحظى بشرعيتها من مجلس استشاري سيتم تشكيله خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
وأشار المنسق قنطار إلى أن انتهاء عمل حكومة تصريف الأعمال في 1 مارس/آذار المقبل يُبرز أهمية تشكيل المجلس الاستشاري، الذي يجب أن يكون جاهزًا قبل هذا التاريخ لتسمية رئيس وزراء جديد وتحديد الوزراء في الحكومة المقبلة.
وأكد أن هذه المرحلة هي مرحلة انتقالية، وأن مجلس الاستشاري سيكون مؤقتًا ولن يُعوض البرلمان، حيث لا يمكن ملء مقاعد البرلمان إلا عبر الانتخابات وحصول السوريين على حقهم في اختيار ممثليهم.
كان قرار مجلس الأمن رقم (2254) الصادر عام 2015 قد دعا إلى بدء عملية انتقال سياسي عبر التفاوض بين حكومة النظام المخلوع والمعارضة، لكن هذا القرار أصبح غير ذي صلة بعد سقوط النظام.
وشدد قنطار على أن الحوار الوطني لن يكون وفق قرار رقم (2254) بل سيكون حواراً وطنياً يضم جميع أطياف المجتمع السوري.
هوية المشاركين
قال علي سلطان، منسق في مؤتمر الحوار الوطني، إن المشاركة ستقتصر على شخصيات سياسية وثورية ووطنية وممثلي مختلف المناطق السورية، إلى جانب فنانين وكتاب وشخصيات أكاديمية وشيوخ عشائر.
أما بالنسبة لمشاركة “الائتلاف الوطني” في المؤتمر، ذكر سلطان أنها ستكون من خلال أعضائه كأفراد وليس كممثلين رسميين، وذلك بعد أن اعتبر الائتلاف نفسه كياناً مستقلاً ولم يعتد ذاته كجزء من الحالة الوطنية بعد سقوط النظام.
ولقي البيان الختامي لاجتماع الدول العربية المعنية بالملف السوري، الذي شارك فيه كل من تركيا والولايات المتحدة، ردود فعل متشككة من بعض الشرائح السورية، خصوصاً في ما يتعلق بدعوة الأمم المتحدة لتوسيع مهمتها للإشراف على عملية الانتقال السياسي في سوريا.
وأكد سلطان أيضًا أنه ستكون هناك مشاركة لشخصيات من النظام السوري غير المرتبطة بالمنظومة العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى شخصيات معارضة عملت في المناطق التي تسيطر عليها الدولة.
ولفت إلى الدعوات التي وُجهت للطوائف بمشاركة شخصيات وطنية للمساهمة في بناء سوريا الجديدة. كما أشار إلى أهمية دور النساء في هذه المرحلة، والتي ستشهد حضور نساء سوريات ثقافيات ومؤثرات للمساهمة في صناعة مستقبل البلاد.
في الأثناء، أقامت مبادرة “مدنية”، التي تضم نحو 200 مؤسسة مدنية، مؤتمراً صحفياً بالعاصمة دمشق. وصرحت المديرة التنفيذية للمبادرة، سوسن أبو زين الدين، أن القوى المشاركة تعمل على صياغة رؤية لسوريا المستقبل كدولة ذات سيادة، مع تأكيد أهمية دعم الحقوق والحريات ومناهضة التطرف والإرهاب.
وأفادت بأن المبادرة اتصلت بالسلطات الحالية في دمشق بغية العمل كشركاء مدنيين لتشكيل المستقبل السياسي للبلاد، مع تمنياتهم بالتجاوب الفعال.