مقالات,
تأثير الحرب على التراث السوداني
15/9/2024
–
|
آخر تحديث: 15/9/202406:55 م (بتوقيت مكة المكرمة)
عانت السودان كثيرًا من آثار الحرب، حيث سُجلت العديد من الخسارات المؤلمة، من الأثار والمتاحف إلى الأرشيفات التاريخية، كما جلبت النزاعات المسلحة ضياع جزء كبير من التراث الثقافي السوداني. فما هي التداعيات الإضافية لهذه الأحداث على التراث؟
تدمير العمارة السودانية
ترك الدمار أثره على الخرطوم، حيث تم تدمير ما لا يقل عن 33 ألف بناية، بما في ذلك العديد من المعالم المعمارية التاريخية التي تعود للقرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، والتي كانت تمثل حقبة مهمة في تاريخ العمارة السودانية. من بين المباني المتضررة كانت جامعة الخرطوم والقصر الرئاسي القديم.
كشفت تقارير الأثريين عن حدوث انتهاكات مثل السطو والبناء العشوائي في مواقع التراث بوضعيتي نهر النيل والشمالية، بالإضافة إلى تشويه المواقع الأثرية وتحويل بعضها إلى ساحات قتال.
المتاحف تحت التهديد
تُعتبر المتاحف في الخرطوم، مثل المتحف القومي السوداني، في قلب النزاعات. على الرغم من تأسيسه عام 1971، إلا أنه تعرض لأضرار جسيمة، خاصة سقف الهيكل المعدني الذي يحتوي على معبد بوهين القديم. المتحف يضم حوالي 100 ألف قطعة، وقد دُمرت وفُقدت منها كمية كبيرة.
كما تعرّض المتحف الإثنوغرافي الذي أعيد افتتاحه مؤخرًا لأضرار، ويحتوي على مجموعة متنوعة من المقتنيات التي تعكس التراث القبائلي السوداني. وتسبب النزاع أيضًا في تدمير متحف الآلات الموسيقية بالكامل، حيث اختفت جميع مقتنياته التي جمعها ضيف الله الحاج على مدى 32 عامًا.
المواقع الأثرية بين التدمير والنهب
تضررت العديد من المواقع الأثرية في السودان جراء الحرب، ما يعكس قلقًا كبيرًا بشأن فقدان التراث الثقافي. المواقع الأثرية، التي تمثل جزءًا حيويًا من التاريخ السوداني، تواجه تهديدًا مستمرًا نتيجة العمليات العسكرية والنهب. وللأسف، لا تزال التداعيات السلبية تؤثر على مستقبل هذا التراث.
إجمالاً، يعاني التراث الثقافي في السودان من خطر الانقراض نتيجة النزاعات المسلحة، ولا بد من تكاتف الجهود للحفاظ على ما تبقى منه.
## اعتداءات على التراث الأثري في السودان
رصد عدد من الأثريين زيادة في الانتهاكات التي تتعرض لها المواقع الأثرية في ولايتَي نهر النيل والشمالية، ويتضمن ذلك السطو والبناء العشوائي والزراعة في مناطق التراث. يُضاف إلى ذلك تشويه قبور أثرية، حيث تحولت بعض المواقع إلى ساحات للصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، بعد تواجد الأخيرة في مواقع مثل النقعة والمصورات المسجلة ضمن التراث العالمي.
### الموقع الأثري في جزيرة مروي
يحتوي موقع النقعة والمصورات على آثار تعود إلى الحقبة المروية، بما في ذلك جزيرة مروي التي تعتبر من أهم المواقع السودانية المدرجة على قائمة التراث العالمي، والتي تضم أهرامات مدينة مروي الملكية وأفران الفخار. ومع تهديد التصحر وزحف الرمال على الأهرامات، تعرض الموقع إلى أضرار رغم مشروع كان قد تم تنفيذه في السابق لترميمه.
في سياق آخر، تمكن مجهولون من نبش أكثر من 50 مقبرة في جزيرة صاي شمال السودان، والتي تعود آثارها إلى عصور ما قبل التاريخ. صاي، التي تعني “المخزن” بلغة النوبة، كانت تُعتبر مخزنًا للتمور وعُثر فيها على مقبرة مصرية قديمة تشير إلى الروابط التاريخية بين مصر والسودان.
### تهريب الآثار
الشواهد تشير إلى تنامي ظاهرة تهريب الآثار خارج السودان، حيث يركز المهربون على المواقع الأثرية بدلاً من المتاحف التي تحتوي على قطع مسجلة. وبينما يتم الإبلاغ عن حالات محدودة لظهور قطع أثرية سودانية في بعض الدول، لا يزال عرض تلك الآثار في صالات المزادات منخفضًا.
## تدمير الوثائق التاريخية
تعرضت دار الوثائق السودانية، الكائنة بالقرب من منطقة الخرطوم العسكرية، لأضرار جسيمة، مما أدى إلى القلق بشأن فقدان جزء كبير من محتوياتها. فهي تحتفظ بذاكرة السودان من خلال ثلاثة ملايين وثيقة تتوزع على 200 مجموعة، تشمل وثائق مهمة لسلطنات الفونج والفور وحقبة المهدي.
كما تعرّضت مكتبة محمد عمر بشير للدراسات السودانية بجامعة أم درمان الأهلية للتدمير، وهي تضم مخطوطات نادرة. يتجلى الوضع المقلق أيضًا في الأضرار التي لحقت بمبنى “جراب الفول”.
### الجهود الدولية للحفاظ على التراث
بدأت هيئة متاحف قطر، منذ عام 2012، بدعم مشاريع لترميم عدد من المواقع في السودان، حيث ضخّت 135 مليون دولار لهذا الغرض. ومع تصاعد الجهود الدولية، دشنت منظمة “تراث من أجل السلام” في يوليو/تموز 2023 مبادرة للحفاظ على التراث السوداني.
كذلك، تمت الإشارة إلى تجربة جديدة للحفاظ على التراث من خلال “متحف صون تراث السودان الحي”، الذي يعد متحفًا افتراضيًا بدعم من المجلس الثقافي البريطاني، بالتعاون مع خبراء محليين ودوليين من بينهم جامعة نيالا والمتحف البريطاني وجامعة كامبريدج.