التغييرات في “هواوي” بعد الانفصال عن “أندرويد”
أعلنت “هواوي” مؤخرًا عن قرارها بالتخلي عن نظام “أندرويد” والاعتماد كليًا على نظام “هارموني” الذي طورته الشركة منذ عدة سنوات، وذلك بعد فرض العقوبات الأميركية الأخيرة. ومن المتوقع أن تكون هواتف “ميت 70” (Mate 70) هي الأولى التي ستعمل بالنظام الجديد.
وأوضحت “هواوي” في إعلانها نيتها إتاحة خيارين للمستخدمين، إما الاعتماد على الإصدارات السابقة من نظام “هارموني” أو الانتقال إلى النسخة الجديدة. مما يقود إلى تساؤلات حول الفرق بين النظامين، لا سيما أن الشركة استمرت في استخدام هذا الاسم عقب فرض العقوبات.
نظام “هارموني” الجديد
في إعلانها الأخير، اختارت “هواوي” تسمية نظامها الجديد بـ”هارموني أو إس نيكست” (Harmony OS Next)، مما يميز هذا النظام عن النسخ السابقة المعروفة باسم “هارموني أو إس ليغاسي” (Harmony OS Legacy). تعتبر هذه الخطوة تعبيرًا عن التسويق، لكنها تعكس كذلك الاختلاف الحقيقي بين النظامين.
يعد توضيح الفروق بين النظامين مهمًا لـ”هواوي” لعدة أسباب، أهمها تسليط الضوء على الجهود المبذولة في تطوير النظام الجديد وقدراته، بالإضافة إلى الإشارة إلى انتهاء الاعتماد على تطبيقات “أندرويد” القديمة، حيث سيكون المستقبل مخصصًا للنظام الجديد والتطبيقات التي تُطور خصيصًا له. ورغم أن الشركة تتيح للمستخدمين خيار الاستمرار باستخدام النسخة القديمة، فإن هذا العرض من المتوقع ألا يستمر مع تطور النظام الجديد.
ما هي الفروقات بين نظام “هارموني” القديم والجديد؟ وكيف كانت “هواوي” تعمل على تكنولوجيا هواتفها قبل هذه الخطوة؟
الانفصال الجزئي عن “أندرويد”
لفهم الفروق بين النظامين، يجب النظر إلى كيفية تطوير “هواوي” السابق لنظام “هارموني”. فقد كانت الشركة تمكنت من تشغيل بعض تطبيقات “أندرويد” مع الاستفادة من مزايا معينة دون جوانب أخرى.
في عام 2021، ومع تصاعد الأزمة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، وضعت إدارة ترامب “هواوي” على قائمة الشركات الصينية المحظورة، مما أجبر الشركات الأميركية على وقف أي تعاملات تجارية معها.
أثرت هذه العقوبات بشكل كبير على “هواوي”، حيث فقدت قدرتها على الوصول إلى الشرائح الحديثة المستخدمة في مختلف أجهزة منافسيها، وأيضًا خسرت الوصول إلى نظام “أندرويد” الذي كان يدعم كافة هواتفها.
على الرغم من أن نظام “أندرويد” هو نظام مفتوح المصدر يمكن لأي شركة في العالم تحميله، إلا أن “غوغل” دمجت خدماتها بشكل عميق في نواة النظام، مما يجعل استخدام خدمات “غوغل” هو الطريقة الوحيدة للاستفادة من خصائص “أندرويد”.
لذلك، يُعتبر المتجر الرسمي للنظام هو “غوغل بلاي”، كما تعد استخدام حسابات البريد الإلكتروني من “غوغل” الطريقة الوحيدة لتسجيل الدخول. كما أن العديد من خدمات النظام الأمنية تعتمد أيضًا على “غوغل”، مما يعني أن حظر الشركة من قبل “غوغل” يتسبب في حرمانها من الاستفادة الكاملة من “أندرويد”.
### ثغرة النظام القديم
استطاعت شركة “هواوي” العثور على ثغرة بديلة للاستفادة جزئيًا من خدمات “غوغل” ونظام “أندرويد”. قامت بتعديل نسخ من نظام “أندرويد” تدعى “إيه أو إس بي” (AOSP)، وهي نسخة مفتوحة المصدر وتعتبر أيسر في الاستخدام. سمحت هذه التعديلات للمستخدمين بتثبيت خدمات “غوغل” بأسلوب بدائي. استمر هذا الوضع حتى طورت الشركة نسختها الأولى من نظام “هارموني”.
### مميزات نظام “هارموني” الأول
النسخة الأولى من نظام “هارموني” اعتمدت أيضًا على نواة “أندرويد” لكنها أضافت مجموعة من الخدمات الخاصة بـ “هواوي”، متضمنة متجر التطبيقات وطبقات الأمان، بالإضافة إلى دعم المطورين الواسع لبناء تطبيقات خاصة ببيئة النظام الجديدة.
### انفصال كامل عن “أندرويد”
تقوم “هواوي” حاليًا بإطلاق النسخة الجديدة من نظام “هارموني” المستقلة كليًا عن “أندرويد”. رغم أن الواجهة قد تبدو مشابهة، إلا أن آليات تشغيل التطبيقات والمكونات الأمنية مختلفة تمامًا عن النسخ السابقة و”أندرويد”.
### تفاصيل الاختلاف بين “هارموني نيكست” والنظام القديم
بعكس النسخ القديمة، يعتمد “هارموني نيكست” على نظام جديد بالكامل، مما يعني عدم إمكانية تثبيت تطبيقات “أندرويد” كما كان يحدث في السابق. تتميز هذه النسخة الجديدة بتصميم نواة مختلفة، تتميز بصغر حجمها ما يسهل تشغيلها على أجهزة متنوعة، بما في ذلك الأجهزة التي لا تتمتع بقوة معالجة مثل السيارات الذكية والأجهزة المنزلية.
### استراتيجية “هواوي” المستقبلية
تعتمد “هواوي” على نواة مصغرة تتيح تشغيل نظام “هارموني” على مجموعة واسعة من الأجهزة، بما في ذلك الهواتف والأجهزة المنزلية. هذه الاستراتيجية تتماشى مع خطط الشركة للدخول إلى مجالات مثل السيارات الذكية، مما يوسع نظامها البيئي ليشمل جميع منتجاتها.
### تجربة مستخدم متكاملة
تسعى “هواوي” لتقديم تجربة مستخدم متكاملة تتيح التفاعل السلس بين مختلف الأجهزة، ما يسهل التحكم في أي جهاز عبر الهاتف. هذا التكامل لمشاهدة واضحة في الأجهزة اللوحية والمحمولة التي تنتجها الشركة.
### تحديات جديدة تواجه “هواوي”
بينما تتطلع “هواوي” لتقديم نظام مبتكر، ستواجه الشركة تحديات عديدة في سبيل تطوير وتوسيع نطاق نظام “هارموني”.
نظام “هارموني نيكست”: مزايا وتحديات
يوفر نظام “هارموني نيكست” مزايا عدة لأجهزة “هواوي” المتنوعة، مع التركيز على توفير تجربة متكاملة بين مختلف الأجهزة، وهو ما أصبح يشغل بال الكثير من المستخدمين. تسعى الشركات لتلبية هذا الطلب من خلال تحسين تكامل أجهزتها.
ومع ذلك، فإن الانتقال إلى نظام تشغيل جديد مختلف عن “أندرويد” يأتي مع مجموعة من التحديات كما أن المطورين مطالبون الآن بإنشاء تطبيقات جديدة تتماشى مع “هارموني” بدلاً من الاعتماد على تطوير تطبيقات “أندرويد”. ويشكل ذلك عبئاً إضافياً على المطورين، حيث يتعين عليهم الآن بناء تطبيقات تعمل على ثلاثة أنظمة تشغيل رئيسية: “هارموني”، “أندرويد”، و”آي أو إس”.
هذا الوضع يحمل أيضاً عبئاً على المستخدمين، الذين يحتاجون إلى البحث عن التطبيقات الملائمة والتأكد من توفرها في متجر تطبيقات “هارموني” قبل تثبيتها. على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها الشركة في السنوات الأخيرة لتوسيع خيارات الدعم في متجر التطبيقات، إلا أنها تواجه تحديات في ضمان وجود جميع التطبيقات التي يحتاجها المستخدمون، حيث أعلنت عن دعم 100 ألف تطبيق بحلول عام 2025.
هذا لا يعني عدم توفر بعض التطبيقات، مما قد يجعل المستخدمين مضطرين لاختيار التطبيقات التي تناسب “هارموني” بدلاً من الاعتماد على تطبيقات “أندرويد”. وفي المجمل، يصعب الحكم على هذا الأمر حتى يتم إطلاق النظام فعلياً والبدء بتجربته.
هل ينجح “هارموني” في الأسواق العالمية؟
أعلنت “هواوي” عن نظام التشغيل الجديد، مشيرة إلى أن الطرح الأول سيكون في الصين خلال العام المقبل. ورغم الشعبية الكبيرة لشركة “هواوي” في السوق الصيني، إلا أن الاعتماد على السوق المحلي فقط لا يكفي لتحقيق النجاح التجاري.
لذا، يتمثل التحدي الرئيسي أمام “هواوي” في التعريف بالنظام الجديد ومنتجاتها في الأسواق الخارجية. يتجسد ذلك في خطط الشركة بمد نطاق دعمها خارج الصين، كما أثبتت خلال الكشف عن الجيل الأول من النظام في مصر – حيث تعاونت مع كبار المطورين لجلب تطبيقاتهم إلى متجر “هارموني”.