فوائد تعزيز تركيا لنفوذها في أفريقيا
ووفقًا لتقرير نشرته بلومبيرغ، فإن هذه الخطوة التي أكدها مدير وزارة النفط الصومالية محمد حاشي قد تسهم في تنويع إمدادات النفط الخام التركية، وهي جزء من جهود أنقرة المستمرة لتعزيز علاقاتها في منطقة تتنافس فيها القوى العالمية مثل الصين وروسيا ودول الخليج والغرب.
نمو اقتصادي
تعكس التركيزات على أفريقيا بشكل كبير الرغبات التركية في تعزيز نفوذها الدولي، حيث تعد القارة غنية بالموارد المعدنية والسكان المتزايدين، مما قد يساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي، حسب بلومبيرغ.
ونقلت بلومبيرغ عن باتو كوشكون، الباحث في مؤسسة صادق الليبية للأبحاث المقيمة في أنقرة، قوله: “تعتبر أفريقيا مثيرة للاهتمام بالنسبة لتركيا، حيث يمكن عبرها تطبيق كافة أدوات وأهداف السياسة الخارجية النشطة المتجددة، سواء كانت القوة الناعمة من خلال المساعدات التعليمية أو العلاقات التجارية والاقتصادية.”
وأشارت بلومبيرغ إلى أن الصومال تعتبر المكان الأنسب لهذا الاتجاه، إذ تدير تركيا أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج وتقوم الشركات التركية بإدارة ميناء ومطار العاصمة.
كما زودت شركة بايكار التركية، المتخصصة في الطائرات من دون طيار، الصومال بعدد غير معروف من طراز “تي بي2” (TB2)، مما ساهم في تعزيز هجوم الصومال ضد جماعة الشباب المجاهدين.
لعبة القوة
في وقت سابق من هذا العام، وافق البرلمان التركي على مقترح من أردوغان بإرسال دعم بحري إلى المياه الصومالية لمواجهة زيادة القرصنة الناجمة عن تدهور الوضع الأمني في البحر الأحمر.
وقد صرح عمر محمود، المحلل البارز في مجموعة الأزمات الدولية لشرق أفريقيا، بأن “الصومال يمثل موقعًا جيوستراتيجيًا مهمًا لتركيا لتعزيز نفوذها في منطقة القرن الأفريقي والمحيط الهندي، حيث يمثل الارتباط بالصومال اختبارًا رئيسيًا لاستراتيجية تركيا لتعميق العلاقات الدبلوماسية والتجارية والأمنية في أفريقيا.”
منذ أن تسببت المجاعة في تقليص عدد السكان في الصومال عام 2011، دعمت أنقرة الحكومة في مقديشو بشكل كبير.
اليوم، يمكن للطلاب الصوماليين الالتحاق بمدارس تركية تُديرها مؤسسة المعارف في هرجيسا ومقديشو، ووفقاً لوزارة الخارجية التركية، فقد تجاوزت المساعدات المقدمة من تركيا في العقد الماضي مليار دولار، بالإضافة إلى تزويد العاصمة بسلع استهلاكية مختلفة.
محمد عثمان، طالب في مدرسة مؤسسة المعارف بمقديشو، قال: “ارتباطنا بتركيا عميق ويعود لأعوام من الثقافة الإسلامية المشتركة. دعمهم كان نقطة تحول بالنسبة لنا.”
تم تحويل المدرسة سابقًا من مأوى متهالك للنازحين إلى فصول دراسية عصرية مجهزة بأجهزة الكمبيوتر.
منذ عام 1992، حصل أكثر من ألف طالب صومالي على منح دراسية في الجامعات التركية، كما أن القيود المفروضة على تأشيرات دخول الصوماليين إلى تركيا كانت أقل مقارنة بالدول الأفريقية الأخرى.
استراتيجية أوسع
تعتبر العلاقات التركية مع الصومال جزءًا من سياسة أوسع في أفريقيا، حيث بلغت صادرات تركيا إلى القارة 28.6 مليار دولار في عام 2023، بعد أن كانت 30.6 مليار دولار في عام 2022، وفقًا لبيانات بلومبيرغ التي تشير إلى أن مصر والمغرب وجنوب أفريقيا ونيجيريا تستحوذ على الجزء الأكبر من هذه الصادرات.
تجمع تعاملات أنقرة مع الدول الأفريقية بين التعاون في مجالات الاستخبارات والدفاع والصفقات المتعلقة بقطاعات التعدين والطاقة.
في وقت سابق من هذا العام، زار وفد تركي بقيادة وزير الخارجية هاكان فيدان عاصمة النيجر، حيث أبرم مجموعة من الصفقات بعد أن طردت الحكومة العسكرية القوات الفرنسية وأمرت الولايات المتحدة بإغلاق قاعدتها العسكرية.
تعتبر النيجر سابع أكبر منتج لليورانيوم في العالم، وتمتلك شركة التعدين التركية “إم تي إيه” مشاريع للبحث عن الذهب هناك، كما أجرت محادثات مع الجزائر وساحل العاج وزيمبابوي في الأشهر الثلاثة الماضية.
وقعت تركيا اتفاقات مشابهة مع الجزائر، حيث أعلنت شركتا الطاقة الجزائرية والتركية “تركيش بيتروليوم” عن خطط للتنقيب عن النفط والغاز. بينما تسعى شركة “أفرو ترك” للدخول إلى سوق الذهب في بوركينا فاسو، كما بدأت الخطوط الجوية التركية تسيير رحلات إلى بعض المناطق النائية في القارة.
رابط المصدر