استراتيجية إسرائيل في استهداف شبكة المدنيين في حزب الله
عندما أعلنت إسرائيل الشهر الماضي أنها ستستهدف جمعية قروض صغيرة مرتبطة بحزب الله، انطلقت عمليات البحث المحمومة عن قائمة بفروع هذه المنظمة.
حاول الناس في جميع أنحاء البلاد معرفة ما إذا كانوا بحاجة إلى مغادرة منازلهم الواقعة قرب هذه الفروع قبل أن تبدأ إسرائيل قصفها.
جمعية القرض الحسن (AQAH)، وهي جمعية تقدم قروضاً صغيرة بدون فوائد، نمت في prominence على مدار العقد الماضي في ظل العقوبات الأمريكية وانهيار القطاع المصرفي اللبناني.
يعيش حسن مع عائلته في بيروت، على بعد 200 متر (655 قدم) من فرع AQAH.
“سمعنا عن ذلك من هذا الرجل أفيتشاي”، في إشارة إلى أفيتشاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية والذي يعلن أوامر الإخلاء على وسائل التواصل الاجتماعي.
“ثم بدأت الغارات في ضاحية [داهية] الجنوبية في بيروت. كنا نسمعها: ‘بوم، بوم، بوم’. كانت الأطفال يقفزون عند كل ‘بوم’.”
بلا مكان آخر للذهاب، أخذ حسن عائلته إلى الساحل، حيث قضوا ليلة بلا نوم مختبئين في السيارة.
قصفت القوات الجوية الإسرائيلية حوالي 30 فرعاً من AQAH في تلك الليلة، لكن الفرع المجاور لمنزل حسن نجا، وعاد إليها صباح اليوم التالي.
تقوم إسرائيل بشن هجمات على بعض المنظمات المدنية المرتبطة بحزب الله، كجزء من حملتها في لبنان.
بالإضافة إلى AQAH، استهدفت جمعية الصحة الإسلامية (IHS)، التي تمولها حزب الله وتعمل في مجال الخدمات الطبية، بما في ذلك المستشفيات والمراكز الطبية في كافة أنحاء البلاد. كما استهدفت فرق البحث والإنقاذ، مما أسفر عن مقتل العشرات من عمال الإنقاذ. تدعي إسرائيل أن حزب الله “يستخدم الـ IHS كغطاء للأنشطة الإرهابية” بينما تنفي الـ IHS ذلك.
كما قصفت إسرائيل المباني التي تأوي أشخاصًا نازحين جراء قصفها وأوامر الإخلاء.
أثارت مثل هذه الهجمات شكوكاً واسعة حول استهداف إسرائيل للمدنيين الذين يدعمون حزب الله – المعروف هنا باسم “البئة” لحزب الله، وهو مصطلح يُترجم حرفياً إلى “البيئة”، ويشير إلى القاعدة الاجتماعية لهذا الحزب.
هذه المجتمع يتكون من مئات الآلاف من اللبنانيين الذين يدعمون الحزب، ويصوتون له، ويعملون في مختلف المنظمات المدنية المرتبطة به، أو هم من أقارب مقاتلي وأعضاء حزب الله.
علاقة حزب الله بهذه القاعدة الاجتماعية – المتركزة في المناطق ذات الأغلبية الشيعية في الجنوب، وواد البقاع الشرقي، وضواحي بيروت الجنوبية – تعتبر منذ وقت طويل مصدراً للقوة لهذا الحزب.
لكنها وضعت الحزب أيضًا في مرمى خصومه.
تقول إسرائيل إن AQAH تمول الأنشطة العسكرية لحزب الله – وهو ادعاء تنفيه الجماعة، مشيرةً إلى أنها لا تلعب أي دور سوى تقديم قروض صغيرة بلا فوائد للبنانيين العاديين، حسبما ينص الشريعة الإسلامية على تحريم الفوائد.
بعد الضربات على فروع AQAH الشهر الماضي، قال وزير الدفاع الإسرائيلي حينها على منصة “إكس” إن إسرائيل كانت “تدمر قدرة المنظمة الإرهابية على إطلاق وشراء الصواريخ”.
من وجهة نظر القانون الإنساني الدولي، قال الخبراء إن AQAH ليست هدفًا عسكريًا مشروعًا بغض النظر عن مزاعم إسرائيل بأن لها دورًا في تمويل حزب الله.
“القانون الإنساني الدولي لا يسمح بالهجمات على البنية التحتية الاقتصادية أو المالية للخصم، حتى لو كانت تدعم أنشطته العسكرية بشكل غير مباشر”، وفقًا لبن سول، المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب.
قال السيد سول إن القصف “يمحو الفارق بين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية”.
### التصعيد العسكري الإسرائيلي: استهداف المنظمات المدنية المرتبطة بحزب الله
شهدت المناطق اللبنانية، مؤخرا، تصاعدا ملحوظا في الغارات الجوية الإسرائيليّة التي استهدفت منظمات مدنيّة مرتبطة بحزب الله، مما أثار قلق الجماعات الحقوقية الدولية، التي وصفت هذه الهجمات بأنها “أهداف عسكرية” وتشكل “فتحاً لباب للحرب الشاملة ضد المدنيين”.
#### الأبعاد السياسية للهجمات
تسعى إسرائيل من خلال استهداف منظمات مدنية إلى تحقيق أهداف سياسية، بحسب آمال سعد، المحاضرة في السياسة والعلاقات الدولية بجامعة كارديف. ترى سعد أن الهجمات تهدف إلى تفكيك ما يعرف بـ “مجتمع المقاومة” المؤيد لحزب الله، مشيرة إلى أن الحزب يعدّ من أكبر جهات العمل بعد الدولة.
“تؤثر مؤسسات حزب الله المدنية على مئات الآلاف من اللبنانيين، وخاصة الشيعة، وهو ما يشكل وسيلة لتضييق الخناق على هذا المجتمع”، تقول سعد.
#### تاريخ تكرار الاعتداءات
لم تكن هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها قاعدة حزب الله الاجتماعية للاعتداءات. خلال الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006، دمرت إسرائيل العديد من الأحياء، وكشفت في عام 2008 عن استراتيجية عسكرية مستمدة من تلك التجربة تُعرف بمبدأ “داهيه”.
صاغ هذا المبدأ في ذلك الوقت الجنرال غادي إيزنكوت، حيث تمّ الدعوة إلى استخدام “القوة المفرطة” ضد المناطق المدنية التي تعتبر مصدر الهجمات على إسرائيل، بهدف الضغط على الشعب اللبناني للتمرد على حزب الله وتقويض دعمه.
#### استجابة العسكرية الإسرائيلية
تصرّ إسرائيل الآن على استهداف مناطق سكانية بعيدة عن المعارك، مثل وردانية شمال شرق صيدا، فضلاً عن مؤسسات حزب الله المدنية. وأكدت القوات الإسرائيلية للدفاع (IDF) أنها تتعامل فقط مع “منظمة حزب الله الإرهابية”، مشددة على أنها تتخذ تدابير عديدة لتقليل الأذى الذي قد يلحق بالمدنيين، وذكرت أن عملياتها مخططة وفقاً لجمع معلومات استخباراتية واسعة وطبقاً للقانون الدولي.
#### دور المنظمات المرتبطة بحزب الله
من بين المنظمات المستهدفة جمعية “القرض الحسن” التي تعتبر نقطة انطلاق لمئات الآلاف من اللبنانيين، خاصة أولئك الذين يشكلون القاعدة الشعبية لحزب الله. تأسست الجمعية في أوائل الثمانينيات، حيث كانت تقدم القروض للأسر والعائلات الجديدة لتلبية احتياجاتهم الشخصيّة.
في عام 2007، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الجمعية، معتبرة أنها تستخدم كغطاء من قبل حزب الله لإدارة أنشطته المالية. وقد زادت الضغوطات في عام 2019 عندما فرضت عقوبات على بنك “جمال ترست” المرتبط بالجمعية، مما أدى إلى إغلاق البنك بعد فترة قصيرة.
تسببت تلك العقوبات والانهيار في القطاع المصرفي اللبناني في اكتساب الجمعية شهرة غير مسبوقة، حيث أغلقت البنوك اللبنانية حسابات الأفراد المرتبطين بحزب الله خوفاً من العقوبات الأميركية.
### خلاصة
تظهر هذه التطورات أنّ الوقت الحالي يشهد تصعيداً في التوترات بين إسرائيل وحزب الله، والذي يضع المدنيين اللبنانيين في مرمى النيران. المواجهات المستمرة قد تؤدي إلى نتائج أكثر تعقيداً، حيث تتقاطع الأبعاد العسكرية مع الظروف الإنسانية القاسية.### تحولات مالية وصراعات إنسانية في لبنان
#### تدهور الثقة في النظام المصرفي
أدى تدهور الثقة في النظام المصرفي اللبناني إلى زيادة الإقبال على إيداع الأموال في “AQAH”. حيث شهدت لبنان أزمة اقتصادية حادة منذ عام 2019، مما نتج عنه عدم قدرة الناس على الوصول إلى مدخراتهم بعد أن قامت البنوك اللبنانية بحجبها.
#### دعم المجتمعات المتضررة
أصبح “AQAH” ملاذًا للعديد من اللبنانيين الذين تضرروا من النظام المالي بسبب العقوبات الأمريكية، إضافة إلى أولئك الذين لم يجدوا مكانًا لإيداع مدخراتهم بعد الانهيار الاقتصادي.
![صورة للاجئين في ساحة الشهداء، بيروت (30 أكتوبر 2024)](https://ichef.bbci.co.uk/news/480/cpsprodpb/ec80/live/4eb0b7b0-9765-11ef-8538-e1655f5a8342.jpg.webp)
*أكثر من مليون شخص في لبنان تم تهجيرهم بسبب الحرب*
*مصدر الصورة: رويترز*
#### أزمة النزوح
العديد من الأشخاص الذين تم تهجيرهم هم من الجنوب والبقاع وضواحي بيروت، حيث يعيش الآلاف في ملاجئ تديرها الحكومة أو في مبانٍ فارغة. يعانون من مأساة فقدان منازلهم التي تأثرت بالقصف الإسرائيلي.
يعيش أولئك الذين لا تزال منازلهم قائمة في حالة من الخوف والترقب حيال موجات القصف التالية، فيما يشعر الآخرون بالقلق حيال مصير مدخراتهم التي أودعت في “AQAH” في أحلك الأوقات.
#### تصعيد النزاع العسكري
تستمر الاشتباكات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، بعد أن أطلقت إسرائيل غزوًا في بداية شهر أكتوبر. يواجه المجتمع اللبناني ضغوطًا كبيرة نتيجة للهجمات على المؤسسات المدنية مثل “AQAH”، مما يزيد من التوترات في البلاد.
يعتقد البعض أن هذه الهجمات قد تكون جزءًا من استراتيجية تهدف إلى تفكيك النسيج الاجتماعي في لبنان وجعل البلاد بيئة عدائية لحزب الله ومجتمعه المقاوم.