ما هي التحديات التي تواجه المرشحين الثلاثة في الانتخابات الرئاسية الجزائرية؟
يتنافس في هذا الاستحقاق الرئاسي الثاني بعد حراك 22 فبراير/شباط 2019، كل من الرئيس الحالي عبد المجيد تبون كمترشح مستقل، ويوسف أوشيش عن حزب جبهة القوى الاشتراكية (التيار الديمقراطي والأقدم في المعارضة)، وحساني شريف عبد العالي عن حركة مجتمع السلم (التيار الإسلامي وأكبر أحزاب المعارضة الحالية).
كانت السلطة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات والمحكمة الدستورية قد رفضتا ملفات 13 مترشحاً، بينما يوجد 3 منهم حالياً تحت الرقابة القضائية بسبب “التهم المتعلقة بتزوير توقيعات مواطنين ومُنتخبين” وفقاً للقانون الانتخابي.
تنافس هادئ
ويُعتبر وجود 3 مترشحين فقط للتنافس على قصر المرادية هو الأضعف في تاريخ الانتخابات الرئاسية الجزائرية منذ فتح المجال عام 1995، حيث شهدت آخر انتخابات في 2019 مشاركة 5 مرشحين.
بالإضافة إلى ذلك، تجري فعاليات الحملة الدعائية في فصل الصيف بالتزامن مع إجازات الموظفين، مما قد يؤثر سلباً على زخم الحملة الجماهيري، في حين بررت السلطات توقيت الانتخابات المسبقة بمخاطر إقليمية متوقعة.
وفي تحليل لهوية المترشحين الثلاثة وإمكانية تمثيلهم للعمق الشعبي في الجزائر، يرى عبد السلام فيلالي، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة باجي مختار في عنابة، أن المنافسة تعكس طبيعة المشهد الجزائري منذ بداية التعددية السياسية عام 1989 بما يشمل التيارات الوطنية والإسلامية والديمقراطية.
كما يعتقد أيضاً أن هذه التوجهات تؤكد القيم الوطنية والمبادئ الدستورية، مما يعني دخول هذه الانتخابات بهذا الشكل النظامي بعيدًا عن النزاعات الإيديولوجية، مما سيتركز خطاب الحملة على القضايا الاقتصادية والاجتماعية في ظل مؤشرات إيجابية عن الاقتصاد الجزائري.
وأشار فيلالي -للجزيرة نت- إلى أن خطابات المرشحين ستنصب بالأساس على تحسين الحوكمة ومكافحة البيروقراطية والفساد وتعزيز العدالة الاجتماعية.
في المقابل، يُرجح أن تعزز هذه المنافسة الضيقة من حظوظ تبون بناءً على تحليلات موضوعية تتعلق بتجاوز الجزائر حالة الارتباك التي شهدتها خلال حراك 2019، بالإضافة إلى النتائج الملحوظة لمشاريع الانتعاش الاقتصادي، مما يُنتظر أن يُحقق آثاراً إيجابية خاصة على مستويات البطالة والقدرة الشرائية.
رهانات
وحول توقيت الحملة الانتخابية الصيفية، يلفت المحلل فيلالي إلى تأثيره السلبي على متابعة المواطنين لمجرياتها والاطلاع على المحتوى المعروض، مما قد يؤثر على نسب المشاركة في الاقتراع.
وينبغي على الحكومة مواجهة تحديات كبيرة لضمان نسبة مشاركة لا تقل عن 60% على الأقل، لهذا فإن رهان هذه الانتخابات يتمثل في جذب الناخبين إلى مراكز الاقتراع يوم 7 سبتمبر، خاصة في ظل نقص الإقبال في الانتخابات السابقة.
وتوقع قلالة أن يؤثر ذلك على الخطاب السياسي للمرشحين، حيث سيركزون جميعهم على ضرورة إعادة تفعيل أدوات التفاوض التي اعتمدتها الجزائر سابقًا ولها نتائج إيجابية في المنطقة، والتي بدأ التخلي عنها مؤخرًا وخاصة في مالي.
ويشير قلالة أيضاً إلى أن مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين ستبقى أساساً في السياسة الخارجية الجزائرية.
أما على صعيد التعامل مع الدول الأوروبية، فقد شهدت العلاقات الجزائرية تنويعاً واضحاً، مع تراجع ملحوظ في العلاقات السياسية والتجارية مع فرنسا، حيث يتفق المرشحون على ذلك في إطار وحدة النظرة للسياسة الخارجية.
وأضاف أن العالم يشهد تحولاً من الهيمنة الأحادية بقيادة الولايات المتحدة إلى التعددية القطبية، مما يمنح دول الجنوب فرصة أكبر لبناء سياسة داخلية وخارجية تتماشى مع مصالحها.
وهذا ما تسعى الجزائر لتحقيقه، حيث تسعى إلى عدم البقاء تحت سيطرة أي محور سواء كان شرقياً أو غربياً، ويدرك المرشحون هذه التحديات، كما أن المواطنين يأملون في سياسة خارجية متوازنة تعزز التنمية وتقلل من التدخلات الخارجية، حسب تعبيره.
مؤثرات دولية
- العلاقة مع الدول الغربية المبنية على المصالح المشتركة، خاصة في مجالات الطاقة والأمن، خصوصًا في حوض البحر الأبيض المتوسط.
- العلاقة مع القوى الكبرى الشرقية، مثل الصين وروسيا، والتي شهدت ارتفاعاً في مؤشرات التعاون خلال السنوات الأخيرة.
- أهمية العلاقة مع الدول الأفريقية جنوبي الصحراء، التي تسعى لعلاقات مستقلة مع الغرب من حيث إعادة تقييم العلاقات غير المتكافئة مع المستعمر السابق.
- الموقف من القضية الفلسطينية بما تحمله من دلالات جيوسياسية تؤثر على موقف الجزائر الخارجي.
وفي هذا السياق، أكد قلالة على أهمية أن تتحد السلطة والمعارضة في موقفهما الخارجي، وقد يصل هذا إلى تطابق تام في بعض الأحيان، بينما يختلف الأمر بشأن السياسات الداخلية. وبهذا، فإنه من المرجح أن يستمر التناغم بين المرشحين سواء على مستوى إدراك تأثير المتغيرات الخارجية أو الموقف من القضايا الدولية المختلفة.
رابط المصدر