على مدار أكثر من أسبوع، نفذت مئات القوات الإسرائيلية أكثر العمليات دموية في الضفة الغربية المحتلة منذ اندلاع الحرب في غزة. وقد كان التركيز الرئيسي على مخيم جنين للاجئين، الذي يعتبر معقلًا للنشاط الفلسطيني، والذي ازدادت حدة عمليات المقاومة فيه منذ هجوم حماس على إسرائيل الذي أدى إلى اندلاع الحرب.
ارتفاع حصيلة القتلى في جنين
القتال في جنين يمثل 18 من إجمالي 33 فلسطينيًا تقول السلطات الصحية إنهم لقوا مصرعهم، حيث تشير معظم المعلومات إلى أن معظم القتلى هم من المسلحين. تُشير إسرائيل إلى أن جنودها متأهبون لمواجهة حماس ومجموعات أخرى، مما يعني أن الحصيلة قد ترتفع أكثر.
أهداف العملية الإسرائيلية
يؤكد المسؤولون العسكريون الإسرائيليون أن العملية المستهدفة للمسلحين في جنين، طولكرم ومخيم الفارعة للاجئين ضرورية للحد من الهجمات الأخيرة التي تستهدف مدنيين إسرائيليين والتي أصبحت أكثر تعقيدًا وفتكًا. وقد قُتل جندي إسرائيلي واحد خلال العملية.
أثر الهجوم على المدنيين الفلسطينيين
شكلت غارة جنين مأساة أيضًا للمدنيين الفلسطينيين. فقد تم قطع خدمات المياه والكهرباء، وحُصرت الأسر داخل منازلها، وتعرضت سيارات الإسعاف التي تنقل الجرحى للتأخير أثناء توجهها إلى المستشفيات القريبة، بينما يفتش الجنود الإسرائيليون عن المسلحين.
مدينة معذبة في الضفة الغربية
لطالما كانت جنين نقطة اشتعال في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر لعقود. فقد أُسست في الأصل لإيواء الفلسطينيين الذين فروا أو أُجبروا على مغادرة منازلهم خلال الحرب التي أدت إلى تأسيس إسرائيل عام 1948. ولكن على مر الزمن، تطور المخيم ليصبح حيًا حضريًا مزدحمًا، ظل تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي منذ عام 1967.
في عام 2002، خلال ذروة الانتفاضة الثانية، دمرت القوات الإسرائيلية أجزاء كبيرة من المدينة الفقيرة. وأسفرت الاشتباكات التي اندلعت حينها عن مقتل 52 فلسطينيًا و23 جنديًا إسرائيليًا، وفقًا للأمم المتحدة.
في السنوات الأخيرة، تضاءل تأثير السلطة الفلسطينية، التي تدير بعض المناطق الحضرية في الضفة الغربية، في جنين. حيث يُنظر إلى السلطة من قبل العديد من السكان على أنها متعاون مع الاحتلال بسبب تنسيقها مع إسرائيل في المسائل الأمنية. وفي بعض الأحيان، تتصادم قوات السلطة مع المسلحين الفلسطينيين.
زيادة النشاط المسلح في جنين
تعمل الجماعات المسلحة مثل حركة الجهاد الإسلامي وحماس بحرية في جنين، وتقاتل معاً في غزة أيضًا. الشوارع في جنين مزينة بانتظام باللافتات التي تصور مقاتلين قُتلوا باعتبارهم شهداء في الكفاح الفلسطيني، بينما يقوم شباب يحملون أجهزة اتصال بمراقبة الأزقة.
منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر، زادت القوات الإسرائيلية من غاراتها على جنين، وغالبًا ما تقوم بشن ضربات طائرات مسيرة على أهداف هناك. ولكن حتى الغارة الأخيرة، كانت معظم الغارات تقتصر على عدة ساعات، أو في أحسن الأحوال بضعة أيام.
الهجمات المتكررة والتصعيد المتزايد
أيضًا، منذ 7 أكتوبر، شهدت الضفة الغربية موجة من العنف بين المستوطنين الإسرائيليين والفلسطينيين، وزيادة في البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة. ووفقًا لمسؤولي الصحة المحليين، قُتل أكثر من 680 فلسطينيًا بنيران إسرائيلية في الضفة الغربية منذ أكتوبر. ولم يُجب الجيش الإسرائيلي على استفسار يتعلق بعدد الإسرائيليين الذين قُتلوا في الضفة الغربية خلال نفس الفترة.
حملة عسكرية وطول فترة الغارة
في جنين، قامت المركبات المدرعة بإغلاق المداخل والمخارج، وبدأت الجرافات في تجريف الطرق. كما أقام الجنود نقاطًا داخل المباني المهجورة، وقاموا بتفتيش المنازل وتبادل إطلاق النار مع المسلحين. وقد أحاطت القوات الإسرائيلية بالمستشفيات، مانعةً سيارات الإسعاف التي تحمل جرحى من دخولها دون تفتيش.
الأهداف الإسرائيلية في جنين أكثر تواضعًا مقارنة مع غزة، حيث تعهدت إسرائيل بالعمل على القضاء على القدرات العسكرية لحماس بشكل دائم من خلال حملة شهور طويلة.
في الضفة الغربية، لا تهدف إسرائيل إلى القضاء تمامًا على النشاط المسلح في عدة مخيمات للاجئين في المنطقة، وفقًا لمصدر عسكري تحدث بشرط عدم الكشف عن اسمه. وبدلاً من ذلك، تُعتبر الغارات ضرورية لمنع الهجمات المترقبة ضد المدنيين الإسرائيليين، مثل محاولة تفجير في تل أبيب قادتها حماس في أغسطس، وإطلاق النار على مدني إسرائيلي في بلدة قلقيلية الفلسطينية في يونيو.
قال المصدر العسكري إن العملية في الضفة الغربية تشمل جنودًا أقل من تلك التي تمت في المخيم في جنين قبل الحرب والتي أسفرت عن مقتل 12 شخصًا. ولكنه لم يستطع تحديد موعد انتهاء الغارة.
بعض المحللين متشككون في أن تكون غارة جنين الأخيرة ستؤدي إلى تأثير طويل الأمد، من حيث تقليل ضعف إسرائيل أمام النشاط المسلح في الضفة الغربية.
معاينة سيارات الإسعاف وإحاطة المستشفيات
وصف سكان جنينScenes of devastation، قائلين إن بعض الجنود الإسرائيليين يتحركون من منزل لآخر، بينما يقوم آخرون بتجريف الطرق بجرافات مدرعة.
عندما سُئل الجيش، قال إن قواته تعمل على إزالة مراكز القيادة التابعة للمسلحين المنتشرة في المدينة وإزالة المتفجرات المدفونة تحت الشوارع.
قال resident Mohannad Hajj Hussein: “لقد قطعوا الماء، قطعوا الكهرباء، قطعوا الإنترنت. نحن مستعدون للعيش على ضوء الشموع”.
أما عربة الشلبي، فقد هربت من منزل عائلتها في قلب جنين يوم السبت الماضي بعد أن تم احتجازها لفترة قصيرة من قبل القوات الإسرائيلية، وتفصل عن أقاربها الذكور.
قالت: “لقد أقفلوا علينا في غرفة في البداية، وعندما خرجنا (من الغرفة) كان الرجال مربوطين إلى الأرض”. بعد فترة وجيزة، سمح لها بالمغادرة، ولكن دون ذويها رجال العائلة.
قال مسؤول عسكري إسرائيلي إنه لا يوجد حظر تجول في جنين، وأن الجيش يسمح للمدنيين بمغادرة مناطق مختلفة من المدينة إذا رغبوا في ذلك.
لكن العديد من المناطق في المدينة تظل تقريبًا غير قابلة للوصول، وفقًا لنبال فارسخ، المتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، حيث يتوجب على سيارات الإسعاف التنسيق مع السلطات الإسرائيلية قبل أن تتمكن من الانطلاق. خلال الأسبوع الماضي، تلقت المنظمة الإنسانية مئات المكالمات من سكان جنين تطلب الطعام والأدوية وحليب الأطفال.
وقالت: “الناس محاصرون الآن في مخيم جنين….. لا زلنا نتلقى العشرات من المكالمات”.