معالجات إيه آر إم.. النقلة الأهم في عالم الحاسوب
شهد قطاع الحواسيب والمعالجات تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، نتيجة التحسينات الهائلة التي طرأت على الرقائق، سواء تلك المستخدمة في المعالجات الشخصية أو البطاقات الرسومية. وبدلاً من أن تكون هذه التحسينات كافية لتجعل حواسيب اليوم متميزة عن الأجيال السابقة، كان الانتقال إلى معالجات “إيه آر إم” هو النقلة الحقيقية.
يمكن مقارنة هذا الانتقال بلحظة إطلاق هواتف “آيفون” عندما كانت الهواتف الذكية تحوي شاشات صغيرة وأزرار كثيرة، ثم أطلق ستيف جوبز هاتفه ذو الشاشة الكبيرة التي تعمل باللمس، ليحوّل العالم من حوله.
ما الذي يجعل معالجات “إيه آر إم” ذات أهمية كبيرة، رغم وجود معالجات بمعمارية تصل إلى 4 نانومترات؟ وهل سنرى تحولاً واسعاً نحو هذه المعالجات؟
معالجات “إيه آر إم”
تختلف معالجات “إيه آر إم” جذرياً عن المعالجات التقليدية نتيجة نموذج العمل الفريد الذي تتبعه الشركة، والذي يختلف بشكل كبير عن نماذج الأعمال الخاصة بشركات مألوفة مثل “إنتل” و”تي إس إم سي”.
في حين أن هذه الشركات كانت تصنع المعالج فعلياً، تركز “إيه آر إم” على تصميم الهندسة الأساسية لهذا النوع من المعالجات، وتمنح تراخيص تجارية للشركات الراغبة في استخدام تكنولوجيا هذه المعالجات. هذا يعني أن الشركات التي ترغب في استخدام معالجات “إيه آر إم” لا تحتاج إلى الحصول على المنتج الفعلي منها، بل يمكنها تصنيع المعالجات بناءً على التصميمات التي تحصل عليها.
تأسست “إيه آر إم” في عام 1978 بواسطة كريس كاري وهيرمان هاوزر تحت اسم “آكرون كومبيوترز”، وقد كانت الشركة مسؤولة عن مبادرة “بي بي سي مايكرو”، التي أطلقتها الحكومة البريطانية لتزويد كل منزل بحاسوب.
في عام 1990، تم تغيير اسم الشركة إلى “إيه آر إم” اختصاراً لـ (Advanced RISC Machines)، وذلك بعد تعاون ثلاث شركات هي “آكرون” و”آبل” و”إن إكس بي”، وتوسعت الشركة لتضم فريقاً من 12 مهندساً بارزاً في تصميم المعالجات. في عام 1993، تعاونت مع “تكساس إنسترومنتس” لتزويد “نوكيا” بمعالجات لأجهزتها، مما أدى إلى نجاح هاتف “نوكيا 6110” كأول هاتف يعمل بمعالجات “إيه آر إم”، مما مهد الطريق لاحتلال الشركة 90% من سوق معالجات الهواتف الذكية عالمياً.
أكثر من مجرد الجوالات
أثبتت تصميمات “إيه آر إم” قدرتها على تقديم أداء ممتاز في جميع أنواع الأجهزة، وذلك بفضل تقدم الهواتف الذكية وتطور مفهوم “إنترنت الأشياء”. لقد تعاونت شركات عديدة مع “إيه آر إم” لتضمين تصميماتها في أجهزة متنوعة، بما في ذلك تعاونها مع “إنفيديا” لتطوير معالجات الرسوم، مما الغذّي من كفاءة تصميماتها وثقة السوق بها.
توجهت أنتشار “إيه آر إم” بشكل أكبر بفضل استخدام شركة “كوالكوم” لتصميماتها في كافة منتجاتها، وهذا ساعدها في نقل تكنولوجيا المعالجات إلى مستوى جديد.
نتج عن التعاون بين “كوالكوم” و”إيه آر إم” تقنية “النظام في شريحة” (SoC)، حيث يتم دمج 4 معالجات في شريحة واحدة، وتستخدم هذه التقنية في الهواتف الذكية، مما جعلها قوية وصغيرة الحجم وتستهلك طاقة أقل.
غزو قطاع الحواسيب المحمولة مرتفعة الأداء
قبل عام 2020، كانت المعالجات المستندة إلى “إيه آر إم” تُعتبر ضعيفة مقارنة بـ”إنتل” و”إيه إم دي”. ولكن عندما قدمت “آبل” معالجات “إم 1″، أثبتت أن معالجات “إيه آر إم” يمكن أن تعمل بكفاءة عالية، حتى في الأجهزة المكتبية.
أحدث تقديم “آبل” لهذه المعالجات تحولاً، وجاءت علامات من الدهشة من قدرة هذه المعمارية على outperform المعالجات التقليدية. اليوم، يقدم معالج “سناب دراغون إكس إيليت” من “كوالكوم” قوة قريبة من معالجات “آبل”، ليدخل هذا المجال المليء بالمنافسة.
أهم الفروق بين المعالجات المعتادة و”إيه آر إم”
تُظهر الفروق بين المعالجات التقليدية و”إيه آر إم” تفوقها في استهلاك الطاقة والحجم. الشركات تنحاز إلى “إيه آر إم” لأسباب إضافية تتعلق بالتحكم في حقوق المعالجات وتجنب الأزمات في سلاسل التوريد.
يمكّن استخدام “إيه آر إم” الشركات من تخصيص معالجاتها بشكل يتناسب مع أنظمتها، وهذا ما قامت به “آبل” مع معالجاتها. تلك الاعتبارات تُحسن من التنافسية المالية للشركات.
هل يقف المستقبل في صف “إيه آر إم”؟
يظل المستقبل غير مؤكد نتيجة تفضيل المصنعين لمعالجات “إنتل” و”إيه إم دي” في قطاعات معينة. كما تواجه “إيه آر إم” تحديات لدى مطوري البرمجيات الذين يحتاجون لتقديم دعم لهذه المعمارية الجديدة.
ينتظر دعم المطورين لإطار عمل ناجح لأجهزة تعتمد على معمارية “إيه آر إم”، وإذا توقف هذا الدعم، يُحتمل أن تظل هذه المعمارية حكراً على “آبل”.
رابط المصدر