معلومات عن الاستثمارات والتعاون بين الجامعات الأميركية وإسرائيل
واشنطن- ازدهرت الصلات بين العديد من الجامعات والشركات الأمريكية مع نظرائها في إسرائيل ومؤسساتها العسكرية والبحثية على مدى عقودحتى أصبحت النظام مُشتد التعقيد. وتكدست العلاقات بين الجهتين إلى حد فشلت كافة المساعي السابقة لتفكيكها أو إيقافها، سواء في جانبها المالي المباشر، أو في الجانب المرتبط بالشراكة البحثية والتطوير التكنولوجي.
التسبب في عملية الطوفان الكبيرة، والهجوم الإسرائيلي السابق على قطاع غزة، في إعادة فتح النقاش حول روابط الجامعات الأمريكية الدولية والاستثمارية التي تخدم بعضها الجيش الإسرائيلي بأشكال متعددة.
حركة الاحتجاجات الطلابية المتواصلة، دفعت بضغوط واسعة على إدارات الجامعات للكشف عن تفاصيل وطبيعة التعاون بينها وبين إسرائيل وشركاتها المرتبطة. وقد توصلت جامعة براون مؤخرًا إلى اتفاق مع الطلاب المحتجين لإنهاء اعتصامهم داخل الحرم الجامعي على أن تفكر إدارة الجامعة في سحب استثماراتها من إسرائيل.
هذه الخطوة تمثل أول تنازل كبير من جامعة أميركية نخبوية، ذات وقف مالي يصل قيمته إلى 3 مليارات دولار، في وسط احتجاجات الطلاب غير المسبوقة.
أكثر من تريليون دولار
تحتفظ كثير من الجامعات الأمريكية بأوقاف مالية ضخمة تشمل الأصول المُستثمرة في مجالات مختلفة سواء في سوق الأسهم والسندات في “وول ستريت”، أو في مجال العقارات وغيرها من الأدوات الاستثمارية التقليدية.
تعود الاستثمارات بعوائد سنوية هائلة تمول منها الجامعات جزءاً من نفقاتها التشغيلية وتُدعم من خلالها البرامج البحثية والإبتكارات والتطوير. وقد بلغ إجمالي أوقاف الجامعات حالياً أكثر من تريليون دولار.
تقوم الرابطة الوطنية للعاملين في الكليات والجامعات (NACUBO) بنشر معلومات حول الأوقاف في الجامعات المختلفة، ووفقاً للرابطة، فإن تصنيف أكبر 12 جامعة من حيث حجم الوقف المالي العام الماضي هو كالتالي:
ترتبط العديد من الجامعات الأمريكية بشركات ومؤسسات تدعم سياسات إسرائيل وخاصة سياسات العنصرية والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين.
تظهر وثائق لجنة تبادل الأوراق المالية الحكومية، المسؤولة عن مراقبة سجلات الشركات المالية، أن العديد من الشركات التي تدعم التوسع الإسرائيلي وتُخدم سياسات الحكومة الإسرائيلية تندرج ضمن قائمة وضعتها الأمم المتحدة، وترتبط 97 شركة منها بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي وجهات الاستخبارات، وتقوم نشاطاتهم في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، وتُستثمر في بعضها صناديق استثمارية تشارك فيها جامعات أمريكية.
نظام مُعقد
ترتبط الجامعات الأمريكية بمنظومة ساهمت في تحقيقها للريادة عالميًا، خاصة في مجالات التكنولوجيا. وتشجع هذه المنظومة ببساطة على أن تُمول شركة كبرى مثل لوكهيد مارتن أو بوينغ مشروع بحثي طموح في جامعة محددة.
وعلى ذلك، يستفيد الفريق البحثي الجامعي من هذه الموارد في جذب أفضل الطلاب المتميزين في الدراسات العليا من مختلف أنحاء العالم، ويتم بواسطتها تغطية تكاليف دراستهم ومعيشتهم وتجاربهم.
تخدم هذه الآلية استثمارات الشركة،ويعود استفادة من نتائج الجهد البحثي الذي يمتد أحيانًا لعدة سنوات في بعض الحالات. هذه الجهود ترفع بشكل غير مباشر قيمة الشركات وأسهمها في النهاية، مما يعود بأرباح كبيرة على المستثمرين، بما في ذلك الجامعات.
كثيرون من الطلاب يدعون إلى إنهاء التعاون البحثي والاستثمار مع شركة “شيفرون” للبترول. تُعتبر “شيفرون” الشركة الرائدة في استخراج الغاز من حقول شرق البحر المتوسط. وبالتبعية، تسهم شيفرون في توجيه مليارات الدولارات إلى إسرائيل عبر استحواذ تراخيص استخراج الغاز، مما يدعم جهود الاحتلال الإسرائيلي وسياسات التمييز العنصري في الضفة الغربية والإبادة الجماعية في غزة.
بالنسبة للاستثمارات في الشركات، تُوجه الجامعات الأمريكية غالبية مواردها المالية نحو شركات وصناديق متعددة في مختلف المجالات. على سبيل المثال، كشف تحليل نشرته صحيفة “كريمسون” التابعة لجامعة هارفارد أن الجامعة قامت بتوجيه 194 مليون دولار في صندوق استثمارات (“Booking Holdings”)، والذي يُعتبر من ضمن الشركات التي تعتبرها الأمم المتحدة متعاونة مع الشركات التابعة للجيش الإسرائيلي.
بشكل ملحوظ، أيضًا، يتضح أن جامعة كاليفورنيا لديها استثمارات في شركات تشارك في الأعمال داخل الأراضي الفلسطينية والسورية المحتلة. على سبيل المثال، الجامعة تمتلك أسهمًا في شركة “جنرال إلكتريك”، التي تمتلك وحدات للكشوفات الفضائية والطاقة والتصنيع. تقود “جنرال إلكتريك” أيضًا مشروع “غينيسس ويند”، وهو المشروع الأكبر للطاقة المتجددة في إسرائيل، مما يدفع منتجاتها إلى المرتفعات في الجولان.
بالنسبة للعلاقات الأكاديمية، شهد التعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة نموًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، خاصة في مجالات الابتكار العلمي والتكنولوجي. وقام الأكاديميون من البلدين بنشر أكثر من 40 ألف بحث مشترك منذ عام 2006 في مختلف المجالات العلمية والتكنولوجية.
وفي نهاية المطاف، يظهر أن الحركة “بي دي إس” قامت بجهود لفرض عقوبات على إسرائيل خلال السنوات الماضية، لكن الجامعات الأمريكية لم تتخذ إجراءات عملية لتقليل التعاون مع إسرائيل.
توطدت العديد من الجامعات الأميركية علاقات ومبادرات مشتركة مع جامعات وشركات ومؤسسات إسرائيلية.
لنأخذ كمثال، عملت فِرق من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا بالتعاون مع جامعة تل أبيب على تطوير وتصنيع ألياف بصرية متطورة تستخدم الأشعة تحت الحمراء.
بحسب بيانات وزارة التعليم، تلقت أكثر من مئة جامعة أميركية منحًا أو عقودًا مع إسرائيل بقيمة تجاوزت 375 مليون دولار خلال العقدين الماضيين.
قام بعض الطلاب في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا بنشر أسماء العديد من الأساتذة الذين يتلقون تمويلًا من وزارة الدفاع الإسرائيلية لمشاريع يرونها مفيدة في مجال الملاحة الجوية وحماية الصواريخ.
يشير طلاب معهد ماساشوستس للتكنولوجيا المؤيدون للفلسطينيين إلى أن المعهد قبل أكثر من 11 مليون دولار من وزارة الدفاع الإسرائيلية على مدى العقد السابق.
ويُفيد طلاب جامعة ميشيغان بأن جامعتهم تستثمر أكثر من 6 مليارات دولار في صناديق استثمار تدعم شركات إسرائيلية، بما في ذلك الشركات المتخصصة في إنتاج طائرات بدون طيار وطائرات حربية تستخدم في إسرائيل، بالإضافة إلى أجهزة المراقبة المستخدمة في نقاط التفتيش في غزة.
ما هو مطلب الطلاب المحتجين؟
أصدرت الهيئات الطلابية الرسمية في بعض الجامعات قرارات تدعو إلى إنهاء الاستثمارات والتعاون الأكاديمي مع إسرائيل خلال الأيام الأخيرة. وقد تمت هذه القرارات بموافقة الهيئات الطلابية في جامعات كولومبيا وهارفارد وروتجز.
يطالب الطلاب الجامعات بقطع العلاقات مع أي شركات تسهم في النشاط العسكري الإسرائيلي في غزة، وفي بعض الحالات مع إسرائيل نفسها.
حدد الطلاب أهدافًا تشمل التوقف عن التعامل مع مُصنعي الأسلحة التي تورد إسرائيل، وعن قبول تمويل الأبحاث من إسرائيل لمشاريع تعزز النشاط العسكري الإسرائيلي.
ويشمل ذلك توقف الاستثمار من أموال وقف الجامعات في الصناديق المالية التي تحتوي على شركات إسرائيلية، بالإضافة إلى ضرورة زيادة الشفافية حول استخدام الأموال التي تأتي من إسرائيل وكيفية توجيهها.
من الصعب على الجامعات الكبيرة ذات الميزانيات الضخمة أن تلبي هذه الضغوط. فغالبا ما ترد الجامعات بمواقف صارمة تؤكد على حماية استثمارات الجامعة من التأثيرات السياسية.