مفكر فرنسي: نخاف في السودان من وقوع مجزرة في الفاشر بحجم مذبحة الجنينة
وطالب غالوبان بالقيام بإجراءات عاجلة لمنع الأفعال الوحشية التي يتعرض لها السكان في السودان حالياً، مشيراً إلى ضرورة حماية السكان في المناطق المعرضة للاعتداءات المحتملة مثل الفاشر، عاصمة شمال دارفور، التي يمكن أن تشهد هجوماً يؤدي إلى مجزرة مماثلة لتلك التي حدثت في الجنينة.
وشرح المفكر الفرنسي في إحدى لقاءاته مع مجلة “لوبوان” أن السودان ليس هناك مكان آمن حقيقي للمدنيين في الوقت الحالي، مشيراً إلى الانتهاكات الجسيمة التي حدثت في الجنينة وتمثلت في جرائم حرب وانتهاكات ضد الإنسانية، مشيراً إلى تقرير منظمة “حقوق الإنسان والعدالة” الذي وثق التجاوزات بسياق حملة التطهير العرقي.
المتسبب في أحداث غرب دارفور.
اطّلع على المزيد
قائمة من 2 عناصر
تقرير نيويورك تايمز حول تصاعد هجمات إسرائيل وهجوم مئات آلاف الفلسطينييننيويورك تايمز: إسرائيل تصعّد …
خبيرة بريطانية تقول إن حماس لم تهزم بعيداًخبيرة بريطانية: حماس أبعد ما …
نهاية القائمة
بدأت الأحداث -بحسب الباحث- بعد تسعة أيام من اندلاع النزاع بين القوات المسلحة الحكومية السودانية والجماعات المسلحة الشبه عسكرية، عندما اندلعت النيران في العاصمة جنينة بولاية غرب دارفور، حيث “قادت الجماعات المسلحة والميليشيات المتحالفة حملة مدروسة لطرد السكان من مجموعة عرقية منتسبة إلى المساليت عن طريق القتل”، حسب تقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش والذي نشر في تاريخ 9 مايو/أيار الحالي.
تعابير عنصرية
وذكر جان باتيست غالوبان -خلال المقابلة التي أجرتها محررة المجلة أوغسطين باسيلي في أديس أبابا- بأن الجهات المسؤولة عن الانتهاكات في جنينة استخدمت تعابير عنصرية ضد المساليت وغير العرب، وهو الخطاب العنصري نفسه الذي استخدمه الجنجويد أجداد الجماعات المسلحة، عندما شنوا هجمات على القرى التي يسكنها سكان غير عرب في إطار قمع التمرد الذي قادته الجماعات المسلحة من دارفور ضد الحكومة بين عامي 2019 و2021.
وأشار الباحث إلى أن الجيش الحكومي السوداني بدأ يظهر “عجزاً أو عدم اهتمام”، بحسب قوله، خلال كل فترة العنف في جنينة، على تقديم المساعدة للمدنيين، ولم تلاحظ أي جهود ملموسة وفعّالة من جانبه إلا في حالات فردية نادرة، ولم يتدخل خلال الهجمات التي ارتكبت بين عامي 2019 و2021.
وانطلقت عمليات القتل في عدة موجات من الهجمات التي شنتها الجماعات المسلحة والميليشيات المتحالفة معها، استهدفت المخيمات التي تستضيف النازحين وقتلت فيها العديد من الرجال والشباب ولم تُسلم النساء والشيوخ والجرحى.
وعلى الرغم من ذلك، كان مقتل حاكم غرب دارفور، خميس أبكر، الذي يُعتبر من المساليت، نقطة تحوّل هامة في سياق الهجوم الأخير الذي شنته الجماعات المسلحة، حيث أدى إلى تفكيك الدفاع عن أحياء المساليت الذين باتت ذخيرتهم تنقص، بحسب خبير معني.
وصف الشهود حركة الهجرة، حيث خرج جميع سكان الأحياء المُكونة أساساً من المساليت إلى الطريق وغادر عشرات الآلاف من الأشخاص تلك المنطقة في ذلك المساء في قافلة تمتد على عدة كيلومترات، محملة بالجرحى على متن شاحنات وتم نقل آخرين بعربات يدوية، وكانت هناك عائلات تسير سيراً على الأقدام وسيارات مليئة بالمدنيين.
وفي الصباح -كما أفاد الخبير- هاجمت القافلة الجماعات المسلحة وحلفاؤها بعد وصولها الأول إلى أرداماتا على بعد 6 كيلومترات من وسط مدينة الجنينة، وقتلت بشكل متعمد عدداً كبيراً من المدنيين، حيث أفاد شهود العيان بأن الجماعات المسلحة انتقلت من مركبة إلى أخرى لقتل من فيها، دون رحمة تجاه الجرحى، وجمعت العائلات كلها لإعدامها ورمي الجثث في النهر، بالإضافة إلى ارتكاب تجاوزات جسيمة كالاغتصاب والتعذيب.
تأثير وجود يوناميد
وأشار الخبير إلى إجراء مقابلات مع عشر ضحايا اغتصاب، وأشار إلى وجود 78 حالة بالمجمل، ولكن لا تزال الأعداد الحقيقية غير معروفة، على الرغم من أن لجنة خبراء الأمم المتحدة تشير إلى قتل ما بين 10 و15 ألف شخص، في حين قام المحامون المحليين بتحقيق 18 ألف قتيل و7 آلاف مفقود.
وعندما سُئل عن دور انسحاب بعثة اليوناميد المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد) الذي بدأ نهاية عام 2020 في تصاعد التوترات والهجمات الجماعية التي وقعت قبل تصاعد النزاع، أجاب الخبير بأن وجود اليوناميد كان له تأثير رادع بشكل واضح، وأن هناك ارتباطاً مباشراً بين إعلان رحيلها وتصاعد هجمات الميليشيات على المدنيين بين عامي 2019 و2021.
ويرى الخبير أن اتفاقية السلام في جوبا في أكتوبر/تشرين الأول 2020 ساهم بشكل متضارب لأنه جلب بعض الجماعات المسلحة من دارفور إلى الحكومة، ولكن في الوقت نفسه زادت من عمليات التجنيد، خاصة في دارفور، وبالتالي كان له دوره أيضاً في تأجيج الصراع.
وختم جان باتيست غالوبان بدعوة منظمة هيومن رايتس ووتش لحماية المدنيين عن طريق نشر قوات الشرطة ومراقبة انتهاكات القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، والعمل على إعادة النازحين إلى ديارهم في ظروف جيدة.