ملتقى وزان المغربية الدولي للذكر والسماع يعزز الروحانيات
وزان- استضافت مدينة وزان المغربية تحت شعار “روحانية مغربية بأفق كوني” فعاليات النسخة الرابعة من ملتقى دار الضمانة الدولي، التي شهدت أمسيات للذكر والسماع استمرت لمدة ثلاثة أيام، بتنظيم من جمعية الصفا لمدح المصطفى وبرعاية ملك المغرب محمد السادس.
حظيت هذه النسخة بحضور جماهيري كبير ومشاركة فرق معروفة على المستوى العربي والدولي، بما في ذلك المجموعة الوطنية التيجانية ومجموعة رياض الأندلس من إسبانيا، بالإضافة إلى الجمعية العباسية للأمداح والمنشد السوري المعتصم بالله العسلي.
كما تم تنظيم مجموعة من الندوات الفكرية والعلمية، شارك فيها عدد من الأساتذة والعلماء البارزين، من بينهم سفيرة المغرب لدى الفاتيكان الدكتورة رجاء الناجي مكاوي والمشرف على البيت المحمدي بالقاهرة الشيخ الدكتور محمد عبد الصمد مهنا.
ملتقى كوني
يهدف هذا الملتقى إلى تسليط الضوء على الجانب الروحي والبعد الصوفي الذي تشتهر به مدينة وزان، وقد أسست هذه الطريقة الصوفية الجزولية الزروقية الشاذلية نسبة إلى المتصوف الشهير أبي الحسن الشاذلي، الذي كان تلميذًا للعالم المغربي مولاي عبد السلام بن مشيش العلمي.
يعتبر الدكتور محمد التهامي الحراق أن النسخة الرابعة من الملتقى تعزز القيم الروحانية والجمالية للتصوف، حيث تشكل المدينة فضاءً ينطق بقيم الأخلاق والاختيارات الروحية التي تعكس حياة أهلها.
وأشار الحراق -في حديث مع الجزيرة نت- إلى أن هذه الروحانية تحمل بعدًا كونيًا يجسد الثقافة الإسلامية، لنشر قيم المحبة والسلام ومناهضة العنصرية، وذلك من خلال قوالب الجمال والإنشاد.
حكايات الروحانية في وزان
تُستخدم الشِعر باللهجة العامية في مدينة وزان لتبسيط معاني الروحانية والقيم الاجتماعية مثل حسن الجوار والكرم. تتميز هذه المدينة بالتراث الغني بين أشجار الزيتون والتين، إضافة إلى الملابس التقليدية (الجلابة) التي ترمز للتقوى، بحسب ما ذكر المتحدث.
روحانية مغربية بأفق كوني
أشار الدكتور في أحد اللقاءات إلى أن عنوان النسخة الجديدة يعكس الروحانية المغربية التي نمت من خلال الأولياء والزوايا، الذين أثروا في مجال العرفان وكتبوا نصوصًا روحانية تحمل القيم اللازمة للبشرية اليوم.
أرض السماع والأولياء
في إحدى ندوات الملتقى، تناول الدكتور محمد المهدي منصور سيرة الإمام العربي الدرقاوي، الذي يُعتبر من الشخصيات البارزة في الروحانية المغربية. وُلد الدرقاوي عام 1737 في بلاد جبالة، وينتمي إلى الأدارسة.
أبرز الدكتور منصور أن الإمام الدرقاوي يُعتبر مجددًا كبيرًا للمدرسة الشاذلية، حيث أعدّل في مفاهيم التصوف والإحسان. وقد وصف الإحسان بأنه عبادة الله كأنك تراه، وإن لم تكن تراه فإنه يراك.
تابع الدكتور منصور مؤكداً أن التصوف هو أخلاق بالأساس، فكلما زاد الشخص بالأخلاق زاد في تصوفه. وذكر أن ثمار المدرسة الروحية التي أسسها الإمام الدرقاوي تمثلت في تخرج أكثر من 40 ألف طالب وعالم.
كما أشار إلى أن المغرب له دور ريادي في الروحانيات، مستدلاً بأقوال العلماء عن ارتباط المغرب بالأولياء رغم البعد الجغرافي عن النبي محمد.
نوه الدكتور الحراق بدور السماع في نفوس الصوفيين، مشيراً إلى أنّه وسيلة لفتح القلوب لاستقبال القيم الروحية.
دار الضمانة
مدينة وزان معروفة بمعالمها التاريخية مثل مسجد الزاوية، الذي يتميز بتصميمه الفريد. وأكد محمد التهامي الحراق أن وزان تعتبر تمثيلاً لـ”دار الضمانة”، حيث أن كل أرض فيها تصلح لأن تكون زاوية.
كلمات الشرفاء تُتناقل بين سكان وزان، مطالبة الزوار بالتربية الروحية، حيث قال الشاعر مولاي التهامي إن من يدخل إلى هذه العوالم يبرأ من آلامه النفسية.
ختاماً، أشار الحراق إلى أن القيم المستمدة من سيرة الرسول تعزز مكانة وزان كموطن للروحانية والطمأنينة النفسية.