السوريون في ألمانيا: جدل حول مستقبلهم بعد سقوط الأسد
قلق متزايد بعد الاحتفالات
احتفل السوريون في مختلف أنحاء ألمانيا بسقوط الرئيس السابق بشار الأسد، لكنهم بدأوا يشعرون بالقلق حيال مستقبلهم بعد تزايد الأسئلة السياسية حول وجودهم في البلاد. يُقدَّر عدد حاملي جوازات السفر السورية في ألمانيا بحوالي مليون شخص، حيث قدم أغلبهم خلال عامي 2015 و2016، عقب قرار الحكومة الألمانية برئاسة أنجيلا ميركل بفتح الحدود أمام اللاجئين الفارين من الحرب الأهلية في سوريا. كانت الأجواء حينها تعكس تفاؤلاً بأن ألمانيا قادرة على استيعاب هؤلاء اللاجئين، لكن الظروف الحالية تغيرت.
تصاعد الجدل السياسي
بعد ساعات من إعلان سقوط الأسد، اندلعت مناقشات حادة في الأوساط السياسية بألمانيا حول ما إذا كان يجب على اللاجئين السوريين العودة إلى وطنهم أم لا. تُجرى انتخابات مبكرة في ألمانيا في 23 فبراير، ومع رغبة بعض السياسيين في تكريس خطابات صارمة ضد السوريين، يبدو أن المنافسة على الأصوات قد تؤثر على موقفهم.
مواقف سياسية متباينة
يمتد الجدل إلى أقصى اليمين حيث يُدافع المتشددون عن فكرة أن من هربوا من بشار الأسد يجب عليهم أن يعودوا الآن. أطلق بعض الشخصيات السياسية المحافظة، مثل ماركوس زودر، تصريحات تشير إلى أنه إذا زالت أسباب اللجوء، فإنه لا يوجد أساس قانوني لبقاء هؤلاء الأشخاص في ألمانيا. كما اقترح ينس سبان، نائب قائد المجموعة البرلمانية للحزب الديمقراطي المسيحي، فكرة استئجار طائرات لمساعدة السوريين على العودة، مقترحاً تقديم ألف يورو لكل عائد.
ردود فعل متباينة على الأزمة
في المقابل، أدلى بعض السياسيين من اليسار والخضر بتصريحات تعتبر هذه التعليقات غير مسؤولة وتستغل الوضع الحالي. أعربت أليس فايدل، من حزب البديل لألمانيا (AfD)، عن أن السوريين الذين يحتفلون بسوريا الحرة ليس لديهم مبرر للبقاء في ألمانيا ويجب عليهم العودة فوراً. تأكيداتها قوبلت بردود فعل غاضبة من الذين يرون أن الوضع في سوريا لا يزال غير مستقر ومبهم.
مع استمرار الجدل، يبقى مصير السوريين في ألمانيا موضوعًا حيويًا ومركزًا في الأجندة السياسية، حيث تتداخل المشاعر الوطنية مع قضايا العدالة الإنسانية.### انعدام الوضوح في سياسة اللجوء الألمانية
قالت أنالينا بيربوك، وزيرة الخارجية الألمانية من الحزب الأخضر، إن الوضع في الشرق الأوسط أصبح “منفصلًا عن الواقع”. حيث أشارت إلى ضرورة تقييم الأمور بدقة أكبر.
غموض الأوضاع في سوريا
أوضحت بيربوك أنه “لا يمكن لأحد أن يتنبأ اليوم – أو في الأيام المقبلة – بما سيحدث في سوريا وما يعنيه ذلك بالنسبة للسياسة الأمنية”. وقد تزايدت حدة الآراء في الأوساط السياسية، حيث وصف يان فان آكن، زعيم الحزب اليساري المتطرف، من يتحدثون عن ترحيل اللاجئين إلى سوريا بأنهم “شخصيات ساقطة”.
إلغاء الطلبات للحصول على اللجوء
قررت الهيئة الفيدرالية لمكتب الهجرة واللاجئين في ألمانيا تعليق جميع الطلبات المقدمة من المتقدمين السوريين. هذا القرار يؤثر على حوالي 47,270 سوريًا في ألمانيا ينتظرون ردًا على طلباتهم.
التقييم بناءً على الوضع الراهن
وفي بيان خطي لمركز أخبار بي بي سي، صرحت الهيئة بأن القرار جاء بسبب عدم وضوح الوضع الحالي في سوريا. وأكدت أنه “لا يمكن حاليًا اتخاذ قرار نهائي بشأن أي من إجراءات اللجوء”.
مستقبل اللاجئين السوريين في ألمانيا
أضاف المسؤولون أنه إذا تحسن الوضع في سوريا، سيتم إعادة تقييم الطلبات وفقًا لمعايير مختلفة.
الباحثون واللاجئون السوريون
تشير الدراسات إلى أن السوريين الذين وصلوا منذ عشرة أعوام هم غالبًا من الشباب، بمتوسط عمر 25 عامًا، وغالبًا ما يمتلكون مستويات تعليمية عالية ومعدلات توظيف جيدة. في الواقع، سجل الرجال السوريون الذين وصلوا عام 2015 معدلات توظيف أعلى مقارنةً بنظرائهم الألمان.
الحصول على الجنسية وفقدان الحماية
لقد حصل الكثير من السوريين على الجنسية الألمانية، مما يعني أنهم تعلموا اللغة الألمانية وأصبحوا يدعمون أنفسهم مالياً، حيث حصل 143,000 سوري على الجنسية بين عامي 2021 و2023. ومع ذلك، يوجد حوالي 700,000 سوري ما زالوا مصنفين بمختلف أنواع طلبات اللجوء.
الجدل السياسي حول حق العودة
على الرغم من تجميد القرارات المتعلقة بالطلبات الحالية، لا يعني ذلك أن ألمانيا ستتوقف عن استقبال اللاجئين من سوريا بمجرد وضوح الوضع. إلا أن بعض السياسيين يرون أنه يجب أن يعود اللاجئون إلى بلادهم طالما أصبحت آمنة.
اختتام
قبل عشرة أعوام، فتحت ألمانيا أبوابها للاجئين السوريين، ولكن اليوم يساهم الجدل السياسي الشديد في زيادة عدم اليقين الذي يعاني منه العديد منهم.