مها وافي.. ضابط إسعاف، أم نازحة وزوجة معتقل تعمل في ظروف الحرب
غزة- تعمل ضابط الإسعاف الأربعينية “مها وافي” في جهاز “الإسعاف والطوارئ” منذ 24 عامًا بعدما انضمت لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عام 2000، عايشت خلالها مختلف الأحداث بدءًا من “انتفاضة الأقصى” وصولًا لعدة حروب وكوارث، لكنها تصف الحرب الحالية بأنها “الأكثر قسوة ودموية”.
على مدى أكثر من 10 أشهر، لا تزال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة مستمرة بعد اندلاعها في 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي. لم تتوقف مها (44 عامًا) عن دوامها، فهي لا تتولى فقط مسؤولياتها كمسعفة بل أيضًا كأم لأربعة أبناء وفتاة واحدة، وجدت نفسها تتحمل مسؤولية تربيتهم لوحدها بعد اعتقال زوجها أنيس الأسطل، مدير الإسعاف والطوارئ بوزارة الصحة للمنطقة الجنوبية.
تعتبر مها اعتقال زوجها “أنيس الدنيا” من أكبر مصائب الحرب، وتصف حالتها قائلة: “اعتقاله كسر ظهري”. فقدت أيضًا منزلها في خان يونس نتيجة غارة جوية إسرائيلية، واضطرت للنزوح مع أبنائها 10 مرات بسبب القنابل. كانت مسؤولة بشكل كامل عن العائلة.
نداء الواجب
تنطلق مها إلى عملها في الصباح الباكر، تتنازع بين شعور الخوف على أبنائها وبين التزامها بأداء واجبها الإنساني. تقول: “كل صباح أنظر إلى أبنائي وأعي حاجتهم لي، لكنني أثق بالله وأذهب للعمل.. أولادي بخير لكن هناك أطفال جرحى وآخرون بحاجة للمساعدة.”
تعلمت هذه الروح الإنسانية من زوجها أنيس، القائد الذي كانت تعتبره صديقها الأول، حيث كان دائمًا يسعى للأمام في العمل رغم المخاطر، وقد اعتقلته القوات الإسرائيلية أثناء إجلاء أطفال مرضى.
منذ اعتقاله، لم تعلم مها عن أنيس شيئًا، مما يضيف للقلق الذي تعيشه على مصيره. تقول: “أواجه الموت يوميًا في الميدان، إلا أن قلقي على أنيس يظل أكبر”، ومع ذلك، تعمل على زرع الأمل في قلوب أبنائها بعودة والدهم.
جبهات نضالية
حالت ساعات قليلة من اعتقال أنيس دون أن تتمكن مها من الاستقرار، حيث تم إنذارها بالنزوح بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية في خان يونس. وقد شهدت اختفاء العديد من الأحباء، فضلاً عن تدمير منزلها.
تعيش مها مع أبنائها في خيمة، وتصف الحياة فيها بأنها “عذاب”. ومع ذلك، تجدها تلجأ للعمل، حيث تتنقل في مجال الإسعاف وتقدم الدعم النفسي للجرحى، لتعود في نهاية اليوم إلى أبنائها تحت ضغوط نفسية كبيرة.
تلقي ساعات العمل الثقيلة عبئاً على مها، وتقول: “هذا المعطف لا يحميني.. زملائي سبقوني للشهادة، وماذا لو حدث لي شيء؟ من سيهتم بأبنائي؟” هذه التساؤلات تؤرقها.
تشهد مها بشكل يومي المجازر والجرائم المرتكبة، مما يجعلها تتساءل عن قيمة المال والروابط الاجتماعية في ظل حياتها المهددة. “ما قيمة كل ذلك إذا كانت حياتك مهددة كل لحظة؟”.
حرب مجنونة
تصف مها الحرب بأنها “مجنونة بلا أخلاق”، حيث تتعرض طواقم الإسعاف لاعتداءات مستمرة. وقد شهد العاملون في طواقم الإسعاف والطب العديد من الضحايا، ولا يشعرون بالأمان.
تواجه مها وزملائها تحديات كبيرة نتيجة تداعيات الحرب والحصار، من نقص المعدات الطبية إلى الدمار الذي يعوق عمل سيارات الإسعاف. ومع ذلك، لا تتوانى عن مواصلة العمل، مؤمنة بأن “كل دقيقة تعني حياة إنسان”.
بين أشد المشاهد المأساوية التي تراها مها صورة طفل صغير تمزقت أعضاؤه بفعل صاروخ، ملقى بين جثث الضحايا. كما وثق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة استشهاد 885 من الطواقم الطبية وجرح المئات، إضافة إلى اعتقال 310 من الكوادر الصحية.
وأكد إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب، أن Israel تستهدف بشكل ممنهج المرافق الصحية وطواقم الإسعاف، حيث تم إخراج 34 مستشفى و80 مركزًا صحيًا عن الخدمة.
رابط المصدر