مواقعة شباب مغاربة بكمائن العصابات الرقمية في شرق آسيا
يقول لحسن للجزيرة نت إن أخاه سافر للترفيه في تركيا، وخلال رحلته التقى شخصًا عرض عليه عملاً مغريًا في مجال العمل الإلكتروني.تم اتخاذ الإجراءات اللازمة وتم تغطية تكاليف سفره إلى دبي ومن ثم إلى ماليزيا وأخيرًا إلى تايلاند، حيث انقطعت عنه الأخبار ولم يتواصل مع عائلته.
وأفاد بأن هناك شخصًا قابله يوسف عند وصوله إلى بانكوك وقام بنقله إلى مكان عمل يجده نفسه محتجزا في بناية مع أشخاص آخرين من جنسيات مختلفة، حيث كانوا مجبرين على العمل في مجال الاحتيال الإلكتروني والقرصنة في ظروف صعبة ومنعوا من المغادرة.
نداء العون
تمكن يوسف من التواصل مع أخته عبر واتساب ليطلعها على حالته ويحثها على طلب المساعدة من السلطات المغربية لإنقاذه من هذه الشبكة التي يحتجزونه فيها. ووفقًا لـ لحسن، اضطر شقيقه إما للاستمرار في العمل في ظروف عبودية أو دفع فدية بقيمة 10 آلاف دولار من أجل حريته.
قدمت العائلة شكوى لدى الشرطة القضائية في أزيلال، وهناك -وفقًا لحسن- تم تحديد موقع أخيه في بورما، وثم تقديم شكوى أخرى لوزارة الخارجية بالرباط يطلبون فيها التدخل لإنقاذ يوسف من قبضة تلك الشبكة الإجرامية.
وأوضح لحسن أنه تم تسجيل 140 شكوى قبلهم لدى الوزارة من قبل عائلات شباب آخرين تعرضوا للمأساة نفسها، وأن شقيقه “ليس الوحيد المغربي المستعبد لدى هذه العصابات”.
سلطت الصحافة المغربية الضوء على عمليات جذب الشباب المغاربة تحت ستار التجارة الإلكترونية لإجبارهم على القيام بأعمال إجرامية إلكترونية وطلب فدية من أسرهم من أجل إطلاق سراحهم.
طلبت النائبة البرلمانية من وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج توضيحات بشأن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لإنقاذ الشباب المغاربة.
وأفادت النائبة بأن هؤلاء الشباب تلقوا عروض عمل قانونية وغادروا البلاد بشكل قانوني، ثم انقطعت أخبارهم، ليتبين أنهم محتجزون في مبان مغلقة ومجبرون على العمل في شبكات الاحتيال الإلكتروني في ظروف قاسية من دون حق في الراحة أو الخروج أو التواصل مع عائلاتهم.
أضافت للجزيرة نت أن هؤلاء الشباب وجدوا أنفسهم ضحايا لعصابات إجرامية تتاجر في البشر في مناطق في جنوب شرق آسيا.
وقالت النائبة إن وزارة الخارجية معنية بسلامة هؤلاء الشباب كمقيمين في الخارج، وتعمل على التواصل مع عائلات الضحايا لتزويدها بالمعلومات اللازمة.
توضيحات
وجه رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الحركة الشعبية بمجلس النواب سؤال كتابيا إلى وزير الخارجية بشأن اختطاف واحتجاز الشباب على الحدود بين تايلاند وميانمار، مطالبًا بالإجراءات التي ستتخذها الحكومة لإنقاذهم.
طلبت الجزيرة نت توضيحًا من السفارة التايلاندية بالرباط حول ملابسات الاحتجاز الذي زُعم أن مواطنين مغاربة تعرضوا له من قبل شبكات تجارة البشر في تايلاند، وسألت عما إذا كانت بعض العائلات قد استقبلت ضحايا.
وردت السفارة بأنه تم تلقي معلومات عن سقوط مواطنين مغاربة ضحايا لعصابات الجريمة الإلكترونية الدولية من قبل السفارة المغربية في بانكوك، وأنها تلقت طلبات مساعدة من عائلات الضحايا.
أكدت السفارة أنها لا تمتلك معلومات عن موقع تواجد هؤلاء المواطنين المغاربة وتفاصيل احتجازهم أو تهريبهم عبر الحدود إلى ميانمار أو غيرها من الدول، وأنها ليست مشاركة في التحقيق في هذه الحالات.
لكنها أوضحت أنهم قد دخلوا تايلاند بصورة شرعية من خلال تقديم طلب للحصول على تأشيرة دخول للبلاد لدى السفارات التايلاندية في دول أخرى، حيث أكدوا أن هدفهم السياحة.حتى تلك الشبكات الإجرامية العالمية تهدف إلى أهداف عديدة تتعلق بالمواطنين الأفارقة وليس فقط المغاربة، وتعمل في منشآت سرية غير قانونية في ميانمار وكمبوديا، حيث تتشارك تايلاند معهما في حدود برية تمتد لآلاف الكيلومترات. ويشير ذلك إلى أن الأنشطة غير المشروعة أو التهريب تُمثّل تحديًا كبيرًا يواجه الجهات القانونية في تلك الدول.
أفادت الجزيرة نت أن وزارة الشؤون الخارجية المغربية تقوم بتنسيق مع جهات أخرى للتحقق من المعلومات المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام حول ظروف وتفاصيل احتجاز شباب مغاربة، وعندما تتضح الصورة ستتدخل رسميًا في هذا القضية بالطريقة الملائمة.
تحذيرات
في السنوات الأخيرة، زاد انتشار استدراج شبكات الاتجار بالبشر في دول جنوب شرق آسيا للشباب الباحثين عن فرص عمل لاستغلالهم في الجرائم الإلكترونية. ويرى الطيب مضماض من جمعية حقوق الإنسان المغربية أن هذه الشبكات تستخدم وسائل قانونية وإنسانية غير مشروعة لتحقيق أهدافها.
وصرح للجزيرة نت بأن الضحايا المغاربة الذين وقعوا في فخ تلك الشبكة ينتمون للفئات الهشة، وكانوا يبحثون عن فرص عمل برواتب مناسبة لمهاراتهم “وهذه الفرص التي لم يجدوها في بلدهم”.
وأشار إلى أن السلطات التايلاندية أقرت من خلال سفارتها في الرباط بالظاهرة ويجب عليها التحرك لإطلاق سراح المواطنين المغاربة وغيرهم من أيدي تلك الشبكات. وأكد مضماض على المسؤولية التي تتحملها السلطات المغربية في حماية مواطنيها داخل وخارج البلاد.
وأظهر تقرير صادر عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان العام الماضي، أن مئات آلاف من ضحايا العصابات الإجرامية المنظمة يُجبرون بالقوة على ارتكاب جرائم عبر الإنترنت في جنوب شرق آسيا، حيث تتنوع الجرائم بين الاحتيال في العملات الرقمية والمقامرة غير القانونية وحتى “الاستثمار الرومانسي“، وفقًا لتقرير المفوضية الأممية.
نقل التقرير شهادات الناجين من تلك الشبكات، حيث أكدوا أنهم تجندوا بطريقة خادعة ظنوا أنهم سيعملون في وظائف شرعية، وأبلغ العديد منهم أنهم شاهدوا إعلانات العمل على منصات التواصل الاجتماعي أو مواقع عمل شرعية. كما ضمنت الشروط التي عُرضت في الإعلانات النصب وعودًا برواتب كبيرة وحوافز منتظمة وإقامة مجانية ووجبات مجانية.
من ناحية أخرى، ذكر التقرير أن بعض الضحايا كانوا على علم بمشاركتهم في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت ولكن تم استدراجهم بشكل غير مباشر في الظروف، حيث لم يكونوا يعلمون بأنهم سيحتجزون في مجمعات أو سيعملون بأجور زهيدة أو بدونها، وسيتعرضون للضرب وأنواع العنف والاستغلال أو الحاجة لدفع فدية من أجل الرحيل.
أوضح التقرير من مصادر موثوقة أن ما لا يقل عن 120 ألف شخص في ميانمار يُحتجزون في ظروف تضطرون فيها لتنفيذ جرائم عبر الإنترنت، بتقديرات مشابهة في كمبوديا تبلغ نحو 100 ألف شخص، إلى جانب الفلبين وتايلاند كوجهتين رئيسيتين للعبور والوجهة، حيث يقترب عدد الأشخاص من العشرات آلاف.
وأوضح التقرير بأن العديد من الضحايا من ذوي التعليم والثقافة، بعضهم يأتي من مهن محترمة أو أصحاب مؤهلات عالية أو حتى شهادات متقدمة، وهم متعددو اللغات وعلى دراية بأساسيات الحاسوب. ويأتون من مختلف أنحاء جنوب شرق آسيا ومن الصين وهونغ كونغ وتايوان وجنوب آسيا، وكذلك من أفريقيا وأمريكا اللاتينية.