بعد انهيار نظام بشار.. موسكو تحصي الخسائر وتمد الجسور
تعاني روسيا من تداعيات انهيار نظام بشار الأسد، حيث بدأت بإجراء تقييم شامل للخسائر التي تعرضت لها نتيجة في الأحداث الأخيرة. موسكو تتبنى استراتيجية جديدة تهدف إلى تعزيز وجودها في المنطقة.
في إطار مساعيها الرامية لتعزيز نفوذها، تركز روسيا جهودها على بناء علاقات جديدة مع الحلفاء في المنطقة. وتشير التقارير إلى أن روسيا تعمل على توسيع دورها في الشرق الأوسط، مستفيدة من الفراغ الذي خلقه انهيار نظام الأسد.
قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالموافقة شخصياً على منح اللجوء لبشار الأسد، في خطوة تعكس استمرار الدعم الروسي للنظام السوري رغم الأزمات التي عاشها. هذا الدعم يعكس مصلحة روسيا في الحفاظ على موطئ قدم في سوريا.
# تطورات الوضع في سوريا بعد فرار بشار الأسد إلى موسكوأعلنت مديرية المخابرات العسكرية الأوكرانية عبر منصة تليغرام أن القوات الروسية في سوريا قد قامت بسحب سفينتين حربيتين، هما الفرقاطة الأميرال غريغوروفيتش وسفينة الشحن إنجينير تروبين، من القاعدة البحرية في طرطوس. وقد أُشير في البيان إلى أن ذلك جاء بعد فرار الرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو. كما تم ذكر أن طائرات روسية تواصل نقل “بقايا أسلحتها وعتادها العسكري” من قاعدة حميميم الجوية.
جاء هذا الخبر في 8 ديسمبر/كانون الأول، لكن وكالة رويترز أكدت أنه لم يتسنى لها التحقق من المعلومات. رغم ذلك، أظهر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن هذا الانسحاب يأتي ضمن مناورات بحرية مجدولة مسبقا، مما يبين أن القلق بشأن الانسحاب السريع للوجود العسكري الروسي قد يكون مبالغا فيه.
على الرغم من محاولات بعض الأطراف لاعتبار ما يحدث بمثابة انهيار سريع للوجود الروسي في سوريا، إلا أن موسكو أثبتت قدرتها على التعامل مع الوضع. مع تقدم المعارضة المسلحة نحو ريفي حماة وحمص، ومع فرار بشار الأسد، بدأت تتوالى التصريحات المتعلقة بمصير الأسد ووجود روسيا في البلاد.
بعد مغادرة بشار الأسد إلى مكان غير معلوم مساء يوم السبت (7 ديسمبر/كانون الأول)، أدلى بيان لوزارة الخارجية الروسية يوضح أن الأسد قد غادر سوريا وأصدر أوامره بتسليم السلطة سلميا. وقد ذكر البيان أن المفاوضات مع أطراف النزاع أدت إلى هذا التسليم.
لاحقاً، أعلنت مصادر من الكرملين أن الأسد وعائلته وصلوا إلى موسكو، حيث تم منحهم حق اللجوء لأسباب إنسانية. وأكد ميخائيل أوليانوف، المبعوث الروسي لدى المنظمات الدولية، أن الأسرة موجودة في موسكو وأن روسيا لن تخذل أصدقائها في الأوقات الصعبة.
في اليوم التالي، أكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن قرارات منح اللجوء لا تتخذ دون إذن الرئيس الروسي، وأن قرار الأسد بترك السلطة كان قراراً شخصياً.
في البيان الأول الصادر عن وزارة الخارجية الروسية يوم 8 ديسمبر/كانون الأول، تم التأكيد على أن القواعد العسكرية الروسية في سوريا في حالة تأهب عالية ولا توجد تهديدات جسيمة لأمنها. وأُشير إلى أنه تم اتخاذ إجراءات لضمان سلامة المواطنين الروس في سوريا، مع تأكيد جاهزية القواعد للعمل بكامل طاقتها.
كما أشارت قناة “روسيا اليوم” لتصريحات أحمد العسراوي، عضو الهيئة العليا للمفاوضات، حيث أكد أهمية الاتفاقيات مع روسيا التي تخدم مصالح سوريا. وأضاف أن بعض فصائل المعارضة لا تتبنى موقفاً عدائياً تجاه روسيا، بل تسعى لإقامة علاقات على أساس المصلحة الوطنية.
تحليل المشهد السوري الجديد
رغم التوترات، ركزت وسائل الإعلام الروسية على تطورات المشهد، حيث طرحت استطلاعات رأي لمعرفة رؤى الجمهور حول السيطرة المحتملة لجبهة النصرة على دمشق.
وفي هذا السياق، كتب المحلل السياسي ألكسندر دوغين متهما أردوغان بخيانة روسيا، مشيرا إلى أن سقوط الأسد يشكل حدثًا مأساويًا. وأكد أن روسيا ورغم الألم الناتج عن هذا التغير، ستستمر في كفاحها.
وأكد كوزيولين على تحسن أداء هيئة تحرير الشام المدعومة من تركيا، مما يجعلها من الفصائل الأكثر حماسا في الصراع ضد الجيش السوري.
التحرك الروسي في مجلس الأمن
كتبت روسيا طلبًا لعقد جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة التغيرات في سوريا، خاصة في ظل التصريحات الإسرائيلية حول القضم المستمر للأراضي السورية. وفي تصريحاته بعد الجلسة، أكد المندوب الروسي أن أعضاء المجلس فوجئوا بتغير السلطة، وأكدوا ضرورة حماية المدنيين ووحدة الأراضي السورية.
كما تم الإشارة إلى أن روسيا على اتصال دائم مع تركيا ودول أخرى لمعرفة تطورات الوضع. وفقًا لوكالة نوفوستي، يتواصل الروس مع قادة المعارضة لضمان الأمن في القواعد العسكرية.
ويؤكد الباحث وائل علوان أن التحول في سوريا تطلب تغييرات كبيرة في التحالفات، مشيراً إلى أن بقاء روسيا كعضو دائم في مجلس الأمن قد يمنع خروجها الكلي من سوريا. ومع ذلك، يعبر عن قلقه من تغيير النظرة المستقبلية لروسيا في المنطقة.