<
div aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>عُرض خلال شهر رمضان الحالي أول مسلسل ليبي على منصة رقمية عربية بمنافسة “فتيات العم” لعدة مسلسلات عربية، ويُسهم هذا الاختلاف في تحفيز تنوع الأعمال التي يتابعها الجمهور العربي، كما يفتح المجال أمام فهم وتقييم هذه الدراما بنظرة مختلفة تسهم في تطويرها المستقبلي.
مُسلسل “فتيات العم” من اخراج أسامة رزق وتأليف سراج الهويدي وبطولة هند العرفية وآيا شو ومحمد بن ناصر وسعد المهدي، وتعاون الثنائي في عدة مسلسلات ليبية مثل “السرايا” بأجزائها و”غسق”.
التشويق
يتناغم “فتيات العم” مع الدراما الاجتماعية المتوجهة نحو الواقعية، حيث تروي قصة أسرة ليبية من الطبقة الوسطى، حيث الأب (جمال صالح فريخ) موظف متقاعد يُعاني بعد وفاة زوجته وظهور مشاكل صحية.
تعيش العائلة حياة مستقرة، لكن هناك بركان متفجر يهددها، حيث تتصرف البنتان وكأنهما أختان على الرغم من وجود خلافات شديدة بين شخصيتيهما.
“عفاف” تهدف إلى التفوق الأكاديمي والحصول على فرصة دراسية في الخارج، بينما “آية” تسعى جاهدة للزواج من رجل ثري، تاركة خطيبها السابق بالجامعة خلفها.
يتناول المسلسل -كما يوحي عنوانه- علاقة بين “آية” و”عفاف” وتتفجر الصراعات من خلال 3 شخصيات فرعية، الأول هو “محمد” (محمد بن ناصر) مستشار وزير فاسد يلتقي “عفاف” بشكل صدفي وينجذب لها.
في إحدى المرات يجد “محمد” بدلاً منها “آية” التي تستغل سيارته الفخمة لتجذب رجل الأحلام، وتلتقطها بأكاذيبها حتى يتزوجها فعلًا.
بينما تشد انتباه “عفاف” الشاب “أشرف” (سعيد المهدي) القادم من السجن، ورغم رفضها في البداية إلا أن شقيقها “ناجي” يتورط في شبكة إجرامية تؤثر على حياتهما، دفعها هذه الأحداث للزواج من “أشرف” لتهرب من العزلة.
كما اتبع “فتيات العم” نهج الواقعية في تقديم حياة المجتمع الليبي بكل تفاصيلها، إذ تبرز مختلف شخصيات فتيات الطبقة الوسطى بطموحاتهن المختلفة وسعيهن نحو الرفاهية أو الزواج كما هو حال صديقات البطلتين.
ولكن انحدرت الواقعية في حلقات النهاية من المسلسل التي توجهت نحو التشويق والاعتماد على الصدف التي تكشف عن خيانة المحيطين وتبني القرارات الحاسمة في اللحظات الأخيرة لإغلاق السيناريوهات المفتوحة.
تفاصيل ثانوية
على الجهة الأخرى يعرض شخصية “ناجي” الأخ الأصغر لـ”عفاف” وجهة نظر مختلفة في شباب الفصائل العسكرية، فالشاب الفضيل والابن الشريف جذبته صديق فاسد يعرفه في البداية على المخدرات.
ومن العقاقير إلى التدريبات العسكرية التي تلمح له بأنه شخص ذو هيبة لا يمكن أن يكسرها شيء ويغذي أوهامه الرجولية عن ذاته التي تجعله يتعدى على رغبات والده ويتمرد عليه، ويعتقد أنه عضو في تجمع تابع لوزارة الداخلية قبل أن يكتشف أنه ضمن خلية إجرامية.
قصة فرعية أخرى في الواقع أكثر إثارة من السرد الرئيسي تكمن في شخصية “أشرف” الخارج من الزنزانة حديثًا، والذي يكشف الحوار في وقت لاحق أنه تم القبض عليه بعد اتهام إحدى جيرانه بالتحرش بها، يتنصل سكان الحي بالكامل من “أشرف”، فلا أحد يتبادل معه الكلمات أو التحية، ويتم فصله من وظيفته.
ويظل على هذا الحال حتى زواجه من “عفاف” التي تعكس زينة الفتيات المحليات فيكتسب احترامًا بسبب علاقته بها، مما يوضح نوع التعامل الاجتماعي مع قضايا ملحة مثل التحرش بالفتيات، والتي لم يعُد الجيران يرونها حدثًا عاديًا يمكن قبوله أو تجاهله.
وبالتالي تُمثل الحبكات الفرعية قيمة أكبر للمشاهد العربي الباحث عن فهم أقرب للمجتمع الليبي، فحتى لحظات بسيطة مثل حفل زفاف “أشرف” و”عفاف” الشعبي والأغاني والأهازج تتحول إلى عرض لثقافة مختلفة، فعلى الرغم من قربها جغرافيًا من الدول العربية العديدة، إلا أنها لا تزال غريبة تُرمز إلى استكشافها.
وربما يُعتبر المسلسل عيبه اميله إلى أساليب قديمة في التركيب مثل التعتيم على الشاشة في نهاية المشاهد، أو التركيز على وجوه البطلات والأبطال للإيضاح مشاعرهم مع الموسيقى التصويرية، وتكرار استعمال الأخيرة في مشاهد طويلة بلا حوار، فبدت مبالغة.
والنقطة الرئيسية هي أن مسلسل “بنات العم” يكشف دراما تلفزيونية ليبية متقدمة، يمتلك مبدعوه رؤية فنية واستخدامًا واعيًا لوسيط التلفزيون، وعمومًا يُعد المسلسل عملا تقليديا ولكنه جدي خلال حلقاته الـ14، كما يحمل العديد من التحولات في الحبكة ومفاجأة مثيرة تُغيّر اتجاه الأحداث.