الملاعب لم تحمي نجومها
“عندما وطئت قدماي أرض الملعب شعرت بألم كبير في قلبي، لم أشعر في تلك اللحظة بما يحدث، كنت أتخيل أنني ما زلت أرتدي قميص النادي، وأحتفل مع جمهوري بأهدافي. لكن الضجيج والخيام البيضاء التي كانت تمتد في كل مكان قد حلت محل اللاعبين، وأصبحت المدرجات مستودعًا للغسيل، وكانت تلك صفعة قاسية تلقيتها من الحرب، واستفقت على هذا المشهد المؤلم”.
محمود سلمي (27 عامًا)، نجم كرة القدم الفلسطينية المتزوج وأب لطفلتين، عانق حلمه في السماء وتحطم بسبب الواقع المرير الذي يعيشه. شكل دخوله الملعب كنزًا من الذكريات المفقودة، بعدما أصبح نازحًا وشاهدًا على كابوس يؤرق أحلامه.
تحويل الملعب إلى مأوى بعد الحرب
ملعب الشهيد محمد الدرة كان يُعتبر مكانًا يضم ذكريات تسجيل الأهداف واحتفالات النجوم، وفجأة تحول ليكون مأوى للنازحين بعد الحرب على غزة.
يقول محمود: “أُجبرت على مغادرة بيتي في حي الشجاعية خلال فترة الحرب، ولم أتخيل يومًا أن أجد نفسي في المكان الذي عشت فيه أجمل لحظات حياتي، في ملعب كنت أسجل فيه الأهداف وأحتفل مع الجماهير، لكنني الآن أشعر بالضيق والمعاناة كلما دخلته”.
أضيف إلى المعاناة، حيث تحولت المدرجات من أماكن للاحتفال إلى موطن للأوجاع بعد استمرار الحرب القائمة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. غابت أصوات الجماهير واحتفالاتهم وحلت بدلاً منها صرخات النازحين المهجرين من منازلهم.
رحلة سلمي في العمل الكروي
سلمي كان لاعبًا في فريق الأهلي المصري عام 2018، لكنه انتقل بعد فترة قصيرة إلى نادي شباب العقبة في الأردن، ثم عاد لينضم إلى اتحاد الشجاعية الذي حقق فيه وصيف الدوري الفلسطيني ثلاث مرات، قبل أن ينتقل مؤخرًا إلى نادي اتحاد بيت حانون. ومع الوقت، واجه النادي نفس مصير باقي الأندية بسبب التدمير الذي لحق بها، فضلاً عن استشهاد عدد من أصدقائه اللاعبين.
يستذكر كيف أن الحرب قد دمرت كل أحلامه وطموحاته أثر بعد آخر، بدأت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول بينما كانت بطولة الدوري الممتاز في بدايتها، حيث كانت آخر مباراة له ضد اتحاد الشجاعية فريقه السابق، مسجلًا هدفًا فيها، إلا أن أحلامه تحطمت بعد تلك المباراة.
السعي لتوفير الأمان في خيمة نازح
كان سلمي يسعى لتوفير حياة آمنة لطفلتيه، رغم الواقع المخيف الذي فرضته القذائف والصواريخ. يحاول ترميم الحياة في خيمته لتكون أكثر ملائمة للعيش، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة في الصيف.
ألقِي الضوء على الوضع المأساوي الذي يعيش فيه، حيث استذكر تفاصيل حياته قبل الحرب، من التدريبات الفردية للحفاظ على لياقته البدنية إلى روتين الأسرة اليومي، بينما الآن، أصبح يستيقظ باكرًا للبحث عن المياه النظيفة والطعام.
ورغم كل هذه الظروف، لم يتوان سلمي عن تقديم المساعدة للنازحين الآخرين، فالرياضي يشعر بمعاناة الآخرين ويتفهم مشاعرهم، مستشعرًا أن لا أحد يتذكر ما يعانيه هؤلاء.
نشر سلمي صورًا له على حسابه في فيسبوك: صورة له بقميص الأهلي قبل الحرب والأخرى بعد الأحداث الجارية، معلقًا “لا يوجد نادي يتعاقد، فقيمة التعاقد تكمن في إخراجي من هذه الحرب”.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
رابط المصدر