تنافس عسكري ونزوح مستمر في دير الزور السورية
الوضع الحالي في دير الزور
تشهد محافظة دير الزور شرق سوريا، والتي تُعتبر ثاني أكبر المحافظات من حيث المساحة بعد حمص، تعقيدات كبيرة تعكس الوضع السوري المتأزم. تتداخل فيها مصالح القوى المسيطرة، مما يزيد من معاناة السكان المحليين، في ظل محاولات الأطراف المحلية لتعزيز مواقعها. تبقى آفاق المحافظة غير واضحة وتعتمد على التطورات الميدانية المستمرة التي تعيد تشكيل خريطة السيطرة في البلاد.
حسب مصادر خاصة، تم عقد اجتماع في بلدة الصالحية بين الجنرال الروسي المسؤول عن القوات الروسية في المنطقة وقادة قوات سوريا الديمقراطية ومسؤولين من أفرع الأمن التابعة للنظام. وقد أسفر الاجتماع عن اتفاق على التعاون لمواجهة ما يوصف بالإرهاب.
الانسحاب المفاجئ للجيش السوري
بعد الاجتماع، انسحبت الفرقة الرابعة من الجيش السوري إلى دمشق، في حين أخلت القوات الإيرانية مواقعها في دير الزور وتركتها متجهة إلى مدينة البوكمال. هذا الانسحاب السريع خلق حالة من الفوضى في المنطقة. في ذات الوقت، لا زالت الولايات المتحدة تراقب الموقف بعيون حذرة، خصوصًا مع الاتفاقيات المبرمة بين قوات سوريا الديمقراطية وروسيا، والتي يمكن أن تؤثر على استراتيجية التحالف الدولي في المنطقة.
تاريخ النزاع في دير الزور
منذ بداية الثورة السورية في 2011، خرج سكان دير الزور، الذين يبلغ عددهم حوالي 1.3 مليون نسمة، في مظاهرات سلمية ضد النظام، إلا أن تلك المظاهرات تحولت سريعًا إلى مواجهات مسلحة. بحلول عام 2013، كانت المحافظة تحت سيطرة الفصائل المسلحة بالكامل ما عدا المطار العسكري وحيي الجورة والقصور.
في أواخر عام 2013، نشب صراع عنيف بين تنظيم الدولة الإسلامية والجيش السوري الحر وجبهة النصرة، انتهى بسيطرة التنظيم على أجزاء واسعة من المحافظة في منتصف عام 2014. ومع بداية عام 2017، شن الجيش السوري مدعومًا بقوات إيرانية وروسية عمليات لاستعادة السيطرة، بينما تقدمت قوات سوريا الديمقراطية لاستعادة مناطقهم بدعم التحالف الدولي.
أدت هذه العمليات إلى تقسيم المحافظة إلى منطقتين: الغربية تحت سيطرة القوات السورية والإيرانية، والشرقية تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية. وتبقى القرى السبع المتمركزة في غرب النهر تمثل تحديًا استراتيجيًا، حيث أنها جيوب للنظام والفصائل الإيرانية، مما تسبب بنزوح السكان نحو مناطق أكثر أمانًا مثل العزبة.
استمرار النزوح والترتيبات العسكرية
تعتبر إيران وجودها في هذه القرى استراتيجيًا، إذ تستخدمها لتجنيد العناصر وتعزيز نفوذها. وتستمر هذه الأوضاع الأمنية والمعيشية في دفع السكان إلى البحث عن ملاذات آمنة بعيدة عن النزاع.### محاولة للسيطرة على القرى السبع
في الثالث من ديسمبر/كانون الأول، قام مجلس دير الزور العسكري التابع لقوات سوريا الديمقراطية، وبالتعاون مع التحالف الدولي، بشن هجوم للسيطرة على القرى السبع، تحت مسمى “معركة العودة”. وقد بدأ الهجوم بتمهيد مدفعي وتوظيف جرافات لإزالة الحواجز على خطوط التماس، بحسب مصادر خاصة لــ”الجزيرة نت”.
تدخل عاجل يشل الهجوم
لكن الهجوم توقف بعد ساعتين فقط بسبب وصول تعزيزات من قوات النظام والمليشيات الإيرانية، مما أدى إلى رد فعل من التحالف الدولي الذي قام بتنفيذ ضربات جوية استهدفت مواقع تابعة للحرس الثوري الإيراني.
دلالات الهجوم وأهدافه الإستراتيجية
يشير الخبير العسكري العقيد فايز الأسمر في تصريحه لــ”الجزيرة نت” إلى أن الهجوم على القرى السبعة يعكس رغبة التحالف الدولي في تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة. ويضيف: “وجود هذه القرى داخل مناطق سيطرة قسد يشكل تهديدًا مزدوجًا، مما يستدعي تحركًا عسكريًا منسقًا لتحقيق أهداف إستراتيجية”.
تبعات الاشتباكات على السكان
تسبب تصاعد الاشتباكات في نزوح جماعي من القرى السبع، حيث عبر الأهالي جسر الحسينية إلى مناطق أكثر أمانًا، بينما لجأ بعضهم إلى المدارس فقط ليُطردوا منها لاحقًا من قِبل فروع الأمن، مما دفعهم للجوء إلى الحدائق والمساجد.
الوضع الإنساني المتدهور
وصف جاسم العلي، أحد سكان دير الزور، الوضع الإنساني بـ”الكارثي”، مشيرًا إلى المعاناة التي تتكبدها النساء والأطفال مع فصل الشتاء وغياب المساعدات. وأوضح حامد الخلوف أنه بفضل أقاربه في المدينة، تمكن من إيجاد مأوى لعائلته، لكنه أكد أن غالبية النازحين لا يجدون حلولًا لمشكلتهم.
المصدر
المصدر: الجزيرة