نزع الأمومة من قمتها

Photo of author

By العربية الآن



نزع الأمومة من قمتها

%d8%a7%d9%85%d9%88%d9%85%d8%a9 1716037942
الأمومة هي الرحمة والعطاء بلا حدود وبلا مقابل، وهي البذل والحضن الدافئ. (غيتي)
رفع الإسلام شأن الأمومة فجعل برها بعد الأمر بعبادته (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) ]الإسراء: 23[، كما جعل برها طريق مغفرة الذنوب فقد أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا فقال: إني أذنبت ذنبا عظيما فهل لي من توبة فقال هل لك أم؟ قال:لا، قال هل لديك خالة؟ أجاب بنعم، فأجاب: فقم برعايتها كما جاء في رواية أحمد، حتى يخصك الجنة. يُحكى أن جاهمة أتى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: “يا رسول الله، أرغب في المشاركة في الغزو، أستشيرك على ذلك؟” فقال النبي: “هل لديك أم؟” فأجاب: نعم. فقال النبي: “احرص على خدمتها فإن الجنة تحت قدميها”، رواه النسائي

رغم تكريم وتقديس دور الأم في المعتقدات السماوية، إلا أننا نشهد جهود مستمرة لتشويه وتقليل قيمة الأمومة في قلوب الفتيات الصغيرات.

الأمومة تعني العناية والإعطاء بدون حدود أو شروط، وتمثل التضحية والحنان الدافئ، وتعتبر الملجأ الآمن، والدعم والثقة، وهي من أعظم النعم التي يمن الله بها على عباده، وهي مسؤولية عظيمة، ورسالة ذات وزن لا يجب إهمالها أو التقليل من أهميتها، إذ تجمع بين مشاعر وعواطف ومهام تتطلب طاقة وجهد هائلين، مما يتطلب من المرأة قدرة على اليقظة والإصرار المتواصل، لإنشاء أطفال وتهيئة بيت يكون قادراً على تربية أفراد متوازنين.

تلعب الأم دورها العظيم وتحمل رسالتها الثقيلة التي لا يمكن تجاهلها أو التهاون بها، خاصة في ظل الدعوات المنادية بدخول المرأة إلى سوق العمل وتحقيق الذات.

قال الشاعر الكبير حافظ إبراهيم:

الأمُّ مَدرسةٌ إِذا أَعدَدتَها    أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ

الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا     بِالرِيِّ أَورَقَ أَيِّما إيراقِ

الأُمُّ أُستاذُ الأَساتِذَةِ الأُلى   شَغَلَت مَآثِرُهُم مَدى الآفاقِ

وعلى الرغم من التقديس لدور الأم في الديانات السماوية، نشهد جهود مستمرة للنيل من قدر الأمومة في نفوس الفتيات الصغيرات.

تعتبر الأسرة في المجتمع الرأسمالي وحدات تخدم أهدافه، وتوفر اليد العاملة التي تحتاجها لتحقيق ربحها وضمان استمراريتها.

بداية لعبة تشويه وتقليل

بدأت عملية تشويه وتقليل بعد انتهاء الحرب الأهلية الأميركية في القرن التاسع عشر، عندما ثبَّتت الأوضاع وانتهت فترة الفوضى التي أثرت على المجتمع، ظهرت حركات تسعى لتغيير النمط الثقافي والاجتماعي، من بينها حركة نسوية طالبت بالمساواة بين الرجل والمرأة، مما أدى إلى زيادة مشاركة النساء في سوق العمل وإلى ظهور علاقات غير شرعية.

تعمل الرأسمالية على جعل الأسرة وحدة اجتماعية تسهم في تحقيق أهدافها وتقديم اليد العاملة التي تدعم سير عجلتها وتحقيق أرباحها، ولكنها، بطريقة ذكية، لا تعتمد فقط على الضغط المادي بل تعتمد أيضاً على الضغط الثقافي، تعمل على تحويل التصورات وتشكيل القناعات حول العمل وتحويله من وسيلة للبقاء إلى قيمة ذاتية.

ظهرت الكثير من المبادرات والحملات لتشجيع مشاركة المرأة في العمل، وهنا حيث استغلت الحركة النسوية الليبرالية النجاح، حيث تركز على القيمة الشخصية والمادية وتعزز دور المرأة في تحقيق تطلعاتها، دون النظر إلى دورها الفطري والأمومي، إذ يبدو أن الهدف الأسمى هو استغلال المرأة كوسيلة لتحقيق مكاسب المال.

مشكلة الحمل والإنجاب

هذه النقطة تثير تساؤلات حول كيفية التعامل مع طبيعة المرأة وقدرتها على الحمل والإنجاب؟ تقدم الطب التكنولوجي خيارات كثيرة مثل وسائل منع الحمل وعلاجات تعزز الإنجاب وتخزين البويضات وتقنيات التلقيح الصناعي. الهدف هو توفير حلول لكل تحدٍ يواجه المرأة، المهم هو المضي قدمًا بدون عوائق على طريق الاستفادة من المرأة بأي سبيل.

برغم كل المحاولات

هل تلحظون معي كيف تبددت تدريجيًا محاولات النيل من قيمة الأمومة؟ هل ها هي كلمات تلخص ذلك:

في إحدى المقابلات التلفزيونية، قالت نوال السعداوي: “ظروفي دفعتني لمحاربة الحياة الزوجية”، وأضافت: “تخلصت من سجن الأمومة الذي يجعل المرأة عبدة منهزمة تضحي بكرامتها وثقافتها من أجل رعاية الأطفال”.

آراء المؤلف هي شخصية ولا تعكس بالضرورة موقف قناة الجزيرة الرسمي.



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.