موفد خاص

سياسة|السنغال

نساء الغابة المقدسة يتصلن بالسماء لحل أزمات السنغال

سيد أحمد الخضر

21/11/2024
–
|
آخر تحديث: 21/11/202407:58 م (بتوقيت مكة المكرمة)

في مشهد مثير، كانت مجموعة من الرجال في قرية كازامانس مهددين بالذبح، لكن تدخلت قوة روحية غامضة لتسليمهم ذخائر وأسلحة، وهو ما يعكس قدرة “نساء الغابة المقدسة” في التأثير على الأحداث من خلال قواهن الروحية.

تعيش ماري روزالي كولي، إحدى هذه النسوة، في عمق غابة “ديالان بانتانغ”، حيث تحتضن طقوسًا روحانية تعنى بجلب الأمن والسلام والبركة للمجتمعات.

تُظهر روزالي أن هذه النساء ملتزمات بتقاليد وروابط عميقة مع ماضيهن، حيث تتوارث المجتمعات في كازامانس ديانات شعبية تعود لقرون.

التراث والاستقلال

يشير أستاذ التاريخ المتقاعد بانتا لامين جاخو إلى أن الغابات المقدسة ليست مجرد أماكن طقوسية، بل هي رموز للسلطة والنفوذ للنساء في مجتمع ذكوري، كما أنها بمثابة معاقل للحفاظ على المعارف والتقاليد الحية.

النساء في هذه الغابات يتمتعن بمرونة وتكيف مع الأحداث التاريخية الكبيرة مثل الاستعمار وحداثة الأديان.

الرقص والغناء والصلاة

تمارس “حارسات المعرفة” طقوسهن الروحية من صلاة ورقص وغناء في بيئة طبيعية، ما يعكس روحًا قوية تتمتع بها السنغال على مر العصور.

تتمتع السنغال بتنوع ديني، حيث يمثل المسلمون 96% من السكان، ويعمل في الغابة المقدسة مسلمون ومسيحيون جنبًا إلى جنب.

التدخل الروحي الحاسم

تعتبر الغابة المقدسة ملاذًا روحيًا متاحًا للجميع، حيث تُستخدم الطقوس والرموز الروحية لحماية المجتمع في أوقات الأزمات.

تؤكد روزالي أن التقليد مستمر عبر الأجيال من خلال الطقوس التقليدية والعلاجات باستخدام النباتات. كما أن لكل مجموعة عرقية غابتها المقدسة الخاصة بها، مما يعكس التنوع الثقافي للمنطقة.

### دور نساء الغابة المقدسة في كازامانس

تُعتبر نساء الغابة المقدسة في إقليم كازامانس السنيغالي من العناصر الفاعلة في حل النزاعات والمحافظة على السلام في مجتمعاتهن. وفقاً لقول لوي تندينغ، المقاتل السابق في حركة “القوات الديمقراطية لكازامانس”، فإنهن يتدخلن بطرق روحية عند حدوث أزمات في القرى، مما يسهم بشكل فوري في وقف القتال.

### إشارات روحية وتوقعات سياسية

يعتقد الكثيرون في كازامانس أن نساء الغابة يتصرفن بناءً على إشارات روحية، مما يجعل القدر في صالحهن عند اتخاذ مواقف وطنية حاسمة. فعند تنظيمهن مسيرة العام الماضي لدعم المعارض عثمان سونكو، ظن أتباعهن أن هذه المظاهرة كانت رسالة من السماء تدل على انتصاره وانتهاء حكم خصمه ماكي صال.

ومع مرور الأشهر بعد تلك المسيرة، زالت سيطرة ماكي صال وفقد أنصاره الانتخابات الرئاسية وفقدوا أيضاً الأغلبية في البرلمان، بينما أصبح سونكو الوزير الأول القوي في السنغال.

### موقف نساء الغابة من السياسة

تنفي ماري روزالي تورط نساء الغابة المقدسة في الشأن السياسي، مؤكدة على أنهن يركزن على دورهن كمراقبات للأحداث. وتقول: “نحن أمهات لجميع المقاتلين والجنود والسياسيين ولا ننحاز لأي طرف، ورسالتنا هي السلام”. وقد أظهرن حرصهن على البقاء غير منحازات، حيث يتدخلن فقط في الأوقات الحرجة.

### دورهن في الأزمات التاريخية

وقد ساهمت نساء الغابة المقدسة في كثير من الأوقات التاريخية، مثل غزو الجراد الذي أصاب المنطقة في أوائل الألفية، حيث ساعدت صلواتهن في حماية المحاصيل. كما لعبن دوراً في التحضير الروحي للمقاتلين خلال النزاع المسلح في كازامانس.

يتحدث لوي تندينغ عن دورهن في تلك الفترة حيث كُن يزودن المقاتلين بالماء ويعملن على تهدئة الأوضاع خلال الصراعات.

### تجارب شخصية واعتقادات شعبية

تروي سانتا لاندينغ غوجابي معاناتها بعد سنوات من الزواج دون إنجاب، وكيف أنها لجأت إلى التدخل الروحي من نساء الغابة، الذي فيه تحققت معجزة ورزقت بمولود. تنتشر مثل هذه القصص بين النساء في المنطقة، مما يعكس الإيمان العميق بقدرات هؤلاء النسوة.

تذهب الاعتقادات حول قوى نساء الغابة المقدسة إلى ما هو أبعد من إنجاب الأطفال، حيث يُعتقد أنهن أسهمن في تذليل العقبات أمام الوساطة لإنهاء النزاع بين المتمردين والجيش السنغالي في التسعينيات.

### الخاتمة

تتجذر المعتقدات حول نساء الغابة المقدسة في الثقافة الشعبية، حيث يُنظر إليهن كحاميات للسلم المجتمعي ووقف النزاعات، مما يجعل دورهن محوريًا في تاريخ كازامانس.

### دعوة روحية للانضمام إلى نساء الغابة المقدسة

توضح ماري روزالي أن الانضمام إلى نساء الغابة المقدسة ليس مجرد اختيار فردي، بل يعتبر دعوة روحية. حيث أكدت أن “الغابة هي التي تختار المرأة، وغالبًا ما يتم ذلك عبر رؤى أو حالات وجدانية”. وأشارت إلى أن دور النساء في الغابة يتسم بالروحانية البحتة ويعتمد على التواصل مع الأجداد.

### موروث ثقافي مهم في السنغال

في المتحف الذي يقع في أسفل نصب النهضة الإفريقية بدكار، يتم تسليط الضوء على أهمية نساء الغابة في التراث السنغالي. حيث تم إقامة تمثال لإحدى النساء المقدسات، مع امرأة أخرى تبدو وكأنها تتوسل لها من أجل الشفاء أو للوصول إلى غاية معينة.

### أهمية النساء في تاريخ السنغال

تحدث أستاذ التاريخ المتقاعد بانتا لامين جاخو عن تهميش دور نساء الغابات المقدسة في السرديات التاريخية للسنغال. ورغم هذا التهميش، أكد على أنهن لعبن أدوارًا محورية في المجتمع، سواء في مجالات التعليم أو الطب التقليدي أو الطقوس الاحتفالية.

### ضرورة إعادة النظر في الرؤية التاريخية

بين جاخو أن الطبيعة السرية لطقوس الغابات المقدسة تجعل من الصعب توثيقها عمليًا، داعياً إلى تجاوز النظرة الرومانسية أو الاستشراقية لهذه التقاليد، والاهتمام بفهمها ضمن سياقها الثقافي والاجتماعي الحقيقي.

### السعي للسلام والأمن

تظل أولويات النساء المقدسات في كازامانس والسنغال بشكل عام تدور حول تحقيق السلام. حيث يظل هدفهن الأساسي هو السلام، ويؤكدن أنهن لن يتوقفن عن العمل لتحقيق ذلك.