نقاش حول نقطة قوة أم ضعف؟ استعمال اللهجة المصرية في “الحشاشين” | فن

Photo of author

By العربية الآن

أثارت سلسلة “الحشاشين” جدلاً واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي بعد بدء عرض حلقاتها الأولى، حيث تباينت آراء المتابعين بين المؤيد والمعارض لاستخدام اللهجة المصرية العامية خلال سرد أحداث المسلسل في الموسم الرمضاني الحالي لعام 2024.

في إطار أحداث القرن الـ11، تدور قصة “الحشاشين” حول جماعة الحشاشين الدموية التي أثارت الرعب والفزع في زمانها باغتيالها لعدد من الشخصيات البارزة والأمراء، بزعامة مؤسس الجماعة حسن الصباح الذي يجسد دوره الفنان كريم عبد العزيز.

هاجم بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي استخدام اللهجة المصرية العامية واعتبروها تجسيداً غير دقيق للفترة التاريخية التي ينتمي إليها المسلسل، مشيرين إلى أن استخدام هذه اللهجة كان غير شائع في تلك الحقبة، معتبرين ذلك ضِعفًا أثر سلبًا على جودة العمل.

على النقيض، رأى آخرون في اعتماد اللهجة المصرية نقطة قوة للعمل لأن بعض الأحداث جرت في مصر، ولأن اللغة الفصحى لم تكن سائدة في الأحداث الفعلية.

تداخل الممثل المصري نبيل الحلفاوي في الحوار، معبّرًا عبر منصته “إكس”: “نظرًا لاستخدامنا اليومي للهجة العامية في الحديث اليومي، كانت هناك حاجة لاستخدام لغة مختلفة يمكن أن تكون مفهومة للمشاهد لإيجاد تأثير زمني تاريخي أو لغوي فوري دون الحاجة للترجمة، والطريقة المتاحة كان استخدام اللغة الفصحى”.

وأكمل، “لا يمنع ذلك بعض صنّاع الأعمال الفنية من تضمين هذين الجانبين لتسهيل التواصل وزيادة الاندماج بالاعتماد على اللهجة العامية كخيار متفق عليه مسبقًا بينهم وبين الجمهور على اعتبار أننا يمكن أن نعتبر فنانينا المعاصرين كشخصيات تاريخية أو أجنبية”.

أحاط أحد المتابعين على فيسبوك دفاعًا عن استخدام اللهجة العامية قائلاً إن المنتج له الحق في تحديد اللغة المستخدمة دون الحاجة إلى توافق مع الحقبة الزمنية للأحداث، مشيرًا إلى مثال مسلسل “يوسف الصديق” الذي تم إنتاجه باللغة الإيرانية، ومسلسل “صلاح الدين الأيوبي” الذي تم إنتاجه باللغة التركية.

أما الكاتبة الصحفية علا الشافعي – مسؤولة المحتوى الدرامي بشركة “المتحدة للخدمات الإعلامية” – فعلقت على استخدام اللهجة العامية قائلة خلال مشاركتها في برنامج “اليوم” أن الهدف الأسمى هو الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الجمهور الشاب والمراهق، مما يستدعي استخدام لهجة تعبر عن تفاهمهم، وهو اختيار تقديري من قبل الكاتب أو المخرج، وهكذا رُكّز العمل على هذا النهج.

قوة العامية

في سياقها، أوضح الناقد محمد سيد عبد الرحيم لموقع الجزيرة نت أن الأعمال التاريخية “لا تقدم تاريخًا حقيقيًا، حتى كتب التاريخ لا تعرض الحقائق بشكل كامل لأنها تعكس رؤية وتوجهات الكاتب، كما أننا قد نجد كتبًا تاريخية للقرن الـ15 تتحدث عن أحداث في القرن العاشر الميلادي، مما يظهر أن هذه الرؤية لن تكون مطابقة للحقيقة بنسبة 100%، وبهذا فإن الحقيقة التاريخية غير ثابتة وأن اللغات واللهجات متنوعة، فلا يوجد لغة فصحى عربية ثابتة، فحتى في زمن النبي كانت هناك لهجات متنوعة ومدارس لغوية مختلفة”.

وأشار قائلاً، “هذا يدفعنا إلى التساؤل حول اللغة التي يفضلها الجمهور المعني، حيث إن المسلسلات الح

الدراما التاريخية التي عُرضت في فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي كانت مكتوبة بلسانها المناسب لسابق عصرها، لأن تقديم عمل باللغة القديمة يجعله غير مفهوم للجمهور”.

عبد الرحيم أوضح: “الفكرة الأساسية لهذا النوع من الإنتاجات هي استلهام الحقبة التاريخية ليُسلِط الضوء على الواقع الراهن والحياة اليومية بالعبور عبر الأجيال، وبالتالي يتوجب أن يوجد رابط بينها وبين المشاهدين وهو اللسان، لذلك فإن اللهجة العامية هي الاختيار الأنسب، وهذا ما حدث في أعمال يوسف شاهين التي استخدمت اللغة العامية وكذلك في مسلسل (الإمام الشافعي)”.

وشدد الناقد الفني على رفض استعمال اللهجة العامية في “الحشاشين”، موضحًا أنهم “أشخاص محافظين متعصبين يُصرون على تقديم الأعمال بالطريقة التقليدية دون تطوير أو تجديد”.

وحول اعتماد المؤلف لبعض العبارات الحديثة لاستهواء شريحة الشباب مثل “باسم الحب”، أكد: “هذا المبدأ إيجابي في جذب فئة الشباب وهم جزء كبير من الجمهور، ولكن في حالة مسلسل “الحشاشين”، الإشكالية تكمن في التعبير الباهر؛ فالمُشكلة ليست في انتقاء اللسان، بل في طابع الحوار نفسه، حيث يعتمد التواصل على جمل فاضية لا هدف لها، وهو ما يُعيق تقديمها عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

ضياع القيمة الدرامية

أما الناقد الفني إيهاب التركي، فأشار في حديثه مع الجزيرة نت، إلى أن “استعمال اللهجة العامية بحد ذاته ليس مشكلة؛ حيث من المفهوم أن تتحدث الشخصيات بأي لهجة، لكن من دون استعمال مصطلحات وتعابير حديثة تضر بالقيمة الزمانية للعمل، وهنا يجب أن يعتمد الكاتب اللهجة العامية ويحافظ على جوهر العصر القديم، وهذا هو المشكل في حوار “الحشاشين”، حيث تسيء اللهجة واللسان المستعمل إلى تقديم الحالة الدرامية”.

وأضاف التركي أن المظهر الجذاب للمسلسل لم يترجم إلى القيمة الدرامية المطلوبة، خاصة أن العمل يحدث في فترة زمنية ذات ثراء فكري يُغفل عنه تمامًا، مما يُفقده الغنى الدرامي اللازم.

يُشير إلى أن مسلسل “الحشاشين” من تأليف عبد الرحيم كمال وإخراج بيتر ميمي، ويُشارك في بطولته كل من كريم عبد العزيز وفتحي عبد الوهاب وأحمد عيد.

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.