التأثيرات المتزايدة للهجمات الروسية على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا
كييف، أوكرانيا (أسوشيتد برس) – أثارت الهجمات المتجددة التي شنتها موسكو على شبكات الكهرباء في أوكرانيا خلال الشتاء الجاري قلقًا متزايدًا بشأن فشل وزارة الطاقة الأوكرانية في حماية المنشآت الحرجة قرب مواقع الطاقة النووية.
على الرغم من التحذيرات المستمرة التي استمرت لأكثر من عام حول تعرض هذه المواقع لهجمات روسية محتملة، لم تتخذ وزارة الطاقة الإجراءات اللازمة بسرعة، وفقًا لمسؤولين أوكرانيين حاليين وسابقين في كييف تحدثوا إلى وكالة أسوشيتد برس.
أهمية المحطات النووية وحمايتها
تشكل ضربات روسيا على شبكة الطاقة منذ سنتين تحديات كبيرة لأوكرانيا التي تعتمد بشدة على الطاقة النووية لتوليد أكثر من نصف احتياجاتها من الكهرباء. تظل المحطات النووية الضرورية، التي تقع خارج المحيطات الثلاثة للمفاعلات العاملة، معرضة للخطر، حيث أنها تلعب دورًا حيويًا في نقل الطاقة من المفاعلات إلى بقية أنحاء البلاد.
مارسي ر. فاولر، رئيسة مكتب الأبحاث والتحليل في Open Nuclear Network التابعة لمنظمة PAX sapiens غير الحكومية الأمريكية، وصفت هذه المحطات بأنها “عنصر حيوي في بنية الطاقة النووية لأوكرانيا، حيث توفر الطاقة للمنازل والمدارس والمستشفيات والبنية التحتية المدنية الأخرى.” وأضافت أنه على ضوء اعتماد أوكرانيا الكبير على الطاقة النووية، فإن الهجمات العسكرية على هذه المحطات يمكن أن تكون مدمرة.
التحذيرات والتحركات المتأخرة
بعدما حذرت وكالات الاستخبارات الأوكرانية من استهداف روسي محتمل للمحطات النووية، بدأت الحكومة في التحرك لبناء حماية لهذه المحطات، لكن محللين أكدوا أن هذا التحرك جاء متأخرًا للغاية للتحوط ضد أي هجوم محتمل.
أكسندر خارشينكو، خبير في صناعة الطاقة الأوكرانية، أشار إلى أن أي إصابة للمحطات النووية قد تتسبب في انقطاع الإمدادات لفترة زمنية تتراوح بين 30 و36 ساعة، مع تأثيرات حادة على إمدادات الطاقة تستمر على الأقل ثلاثة أسابيع.
الأهمية الكاملة للمحطات النووية
إضافةً إلى دورها في نقل الكهرباء، تقوم المحطات النووية أيضًا بدور محوري في تزويد الطاقة للمحطات النووية من الشبكة الخارجية، وهي ضرورة أساسية لتبريد المفاعلات والوقود المستنفد. وقد أشارت الوكالة النووية التابعة للأمم المتحدة مرارًا إلى أن أي اضطراب في هذه العملية قد يؤدي إلى كارثة.
وعلى الرغم من توافر أنظمة طاقة طارئة في محطات الطاقة النووية، أكدت فاولر على أن هذه الأنظمة مصممة لدعم مؤقت وأنها غير كافية لضمان التشغيل الآمن أثناء انقطاع طويل.
الخلاف حول قيادة وزارة الطاقة
وجه النوّاب في البرلمان الأوكراني اللوم لوزير الطاقة هيرمان هالوشينكو لفشله في حماية المواقع الحيوية، مطالبين بإقالته. وقد تضمن تهم أخرى بالفساد الممنهج وضعف الرقابة على قطاع الطاقة.
وفي مؤتمر صحفي، نفى هالوشينكو هذه الادعاءات واصفًا إياها بأنها “تلاعب”، وأكد أن التحصينات للبنية الكهربائية قد تم إنجازها، لكنه لم يقدم إجابة مباشرة حول حماية المحطات النووية نفسها.
واختتم حديثه قائلاً: “اليوم لدينا ضوء وليس هناك أي قيود على الكهرباء”، مشيرًا إلى أن هذا دليل على أن التحصينات في محلها رغم “الهجمات الكبرى” التي تعرضت لها بنية الطاقة في أوكرانيا.
التحديات الأمنية في مفاعلات أوكرانيا النووية
تتعرض مفاعلات أوكرانيا النووية لأزمة بعد إجبار خمسة من مفاعلاتها التسعة على تقليل إنتاجها الكهربائي جراء هجمات متكررة. ورغم أن هذه الهجمات لم تطل ساحات التحويل النووية، التي تقع على بعد حوالي كيلومتر واحد من المواقع المفاعلات، إلا أن الاقتراب منها بشكل مقلق أثار القلق.
التدابير الدفاعية والتأخير في التنفيذ
بناء الحمايات لمحطات نقل الطاقة، سواء النووية أو غير النووية، أصبح من مسؤولية الشركات الحكومية والخاصة تحت إشراف وزارة الطاقة. حيث تم فرض ثلاث طبقات من التحصينات: كيس الرمل، وبرجونات الأسمنت المُقاومة لهجمات الطائرات المُسيّرة، وصولاً إلى الهياكل ذات التحصين الحديدي والصلب التي تُعتبر الأكثر تكلفة ولم يتم إنجازها بالكامل بعد.
وفقًا لمرسوم حكومي صدر في يوليو 2023، بدأت الشركات الحكومية للطاقة في التعاقد فوراً لبناء التحصينات من الطبقة الأولى والثانية لأهم مرافقها. وفي ربيع عام 2024، كررت الحكومة طلبها لإنجاز العمل.
لكن الشركة النووية الحكومية الأوكرانية “Energoatom” لم تصدر عقودًا لبناء التحصينات الخرسانية من الطبقة الثانية للساحات النووية حتى خريف هذا العام. وفي ذلك الوقت، كانت شركة الطاقة الحكومية “Ukrenergo” التي تُدير المحطات الفرعية ذات الجهد العالي قد أكملت 90% من مواقعها البالغ عددها 43 موقعاً.
مخاوف وتحذيرات غير مستجابة
أُثيرت مخاوف بشأن التأخير خلال اجتماعات سرية ومراسلات رسمية وُجّهت إلى مسؤولين في قطاع الطاقة خلال العام الماضي. حيث قال مسؤولون حكوميون حاليون وسابقون إن هذا التحذير غاب عنه الاهتمام من قِبَل وزارة الطاقة. وأوضح فولوديمير كودريتسكيي، المدير السابق لشركة “Ukrenergo”، أن الوزارة كانت تُخطم بتلك المشكلة طيلة 12 إلى 14 شهرًا الماضية.
ولكن وزير الطاقة الألماني حالوشينكو أبدى طمأنته بأن الوضع تحت السيطرة، وركز على مشاريع أخرى، بما في ذلك الضغط على البرلمان للموافقة على إنشاء مفاعلات نووية جديدة.
ردًا على ذلك، أخبرت أوكرانيا شركاءها الغربيين أن البنية التحتية الحرجة بأكملها محمية، وفقًا لما ذكره دبلوماسيان غربيان مطلعان على الدعم المالي المقدم لقطاع الطاقة في أوكرانيا. كما أن الشركة النووية “Energoatom” رفضت التعليق على تأخيرات العقود بسبب حساسية الموضوع.
تحذيرات دولية من مخاطر السلامة النووية
وفي الصيف وبعد ذلك في ديسمبر، أعربت أوكرانيا عن قلقها دوليًا من هجمات روسية محتملة تستهدف البنية التحتية النووية التي تهدد السلامة النووية. وفي ديسمبر، عُقدت جلسة استثنائية للوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد هجمات أضرت بمحطات كهربائية تُعتبر حيوية لسلامة الطاقة النووية في أوكرانيا. وفي يناير، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رفائيل غروسي، إن الهجمات تؤثر على استقرار الشبكة وتعرض موثوقية إمدادات الطاقة الخارجية للخطر، محذراً من وقوع مخاطر مشابهة في محطة زابوريجيا النووية الخاضعة لسيطرة روسيا.
أعرب مسؤول أوكراني كبير عن أن افتراض أن مواقع البلاد النووية ستكون غير مستهدفة من الهجمات الروسية كان سوء تقدير كبير، حيث فضل عدم الكشف عن هويته للحديث بصراحة حول التأخير في الردود.
سوء تقدير كبير
اتهم كودريتسكي، المدير السابق لشركة “أوكر اينيرجو”، وزارة الطاقة بعدم استجابة سريعة لسلسلة من التحذيرات، قائلاً: “لماذا لم تردوا؟”، مضيفًا بأنه لا يملك إجابة على ذلك.
تقرير مساهم من صحفيي AP
ساهم في هذا التقرير صحفيي وكالة أسوشيتد برس، ديفيد رايزينغ من بانكوك وفولوديمير يورتشوك من كييف.