[ad_1]
### ذكريات من فترة مبكرة
أتذكر جيدًا ظهيرة يوم في أوائل الستينات الميلادية، عندما رافقت والدي إلى الشاطئ الشرقي لنهر دجلة بالقرب من بغداد، لزيارة قبر الصحابي الجليل سلمان الفارسي في (سلمان باك). في موقع الطاق الباقي من طيسفون، التقيت بدوياً عراقياً يعزف على ربابته، دون أن يدرك أن حضارة بابل كانت تعانق هذا الطاق.

### لويس ماسينيون وتجربته في العراق
المستشرق الفرنسي المعروف، لويس ماسينيون، قام بزيارات متكررة للعراق، وفي إحدى عودته من العمارة قرب البصرة، تم اتهامه بالتجسس من قبل واليها حازم بك. تعرض للإساءة والتهديد بالإعدام أثناء نقله إلى بغداد على متن سفينة توقفت قرب سلمان باك. وهناك، وجد نفسه يستمع إلى هديل حمامة محنية، مما ساعده على تجاوز اكتئابه. وقد أسهمت مروءة الألوسيين علي ومحمود شكري في الإفراج عنه واهتمامهم بصحته، مما جعله يستشعر أخلاق الضيافة العربية.
هذه التغيرات قادته إلى قراءة القرآن الكريم، حيث تعلم مبادئ اللغة العربية، مستكشفًا تأثير المسيحية في الإسلام، وتعلق الزهد بين الثقافتين. هذه التجارب كانت دافعًا له لدخول عالم التصوف الإسلامي.
### التعرف على الإسلام والتراث العربي
ولد ماسينيون في قرية قرب باريس عام 1883. كان والده طبيبًا تحوّل إلى فنان، مما زاده شغفًا بين ثقافات متصارعة. بعد إتمام دراسته، دخل جامعة السوربون، حيث حصل على دبلوم الدراسات العليا في الجغرافيا والتاريخ، متأثرًا بأجوائها الفلسفية. كما درس اللغة العربية في معهد اللغات الشرقية، وهو ما ساعده بعد أن جنده الجيش الفرنسي في الجزائر.
دُعي ماسينيون في عام 1905 لحضور المؤتمر السنوي للمستشرقين في الجزائر، حيث التقى بالعديد من الأكاديميين، مما فتح له آفاق جديدة لتعميق معرفته حول الإسلام والثقافة العربية. فيما بعد، أصبح أستاذاً في الجامعة المصرية.

### ماسينيون والسعي لفهم الحلاج
عمل ماسينيون بجهد لإطلاق مشروع بحثي ضخم بعنوان “آلام الحلاج”، مستندًا إلى إيمانه المسيحي وإغوصه في الفكر الصوفي. كرّس حياته لدراسة التراث العربي، وركز على أهمية اللغة العربية كأساس للتواصل بين الإسلام والمسيحية. من خلال دراسته للغة، وجد نفسه قريبًا من الفكر الصوفي.
وجد في آلام السيد المسيح انعكاسًا لآلام الحلاج، وعقد مقارنة بين طهر مريم العذراء وفاطمة الزهراء. هذه التأملات أدى به إلى دراسة القرآن الكريم بعمق.
### التأثير العميق للضيافة والبحث الأكاديمي
كان لكرم الضيافة من الألوسيين تأثير عميق في نفسية ماسينيون، حيث توصل إلى أن التصوف الإسلامي يعكس الغنوصية المسيحية. استمر في العمل على مشروع “آلام الحلاج” ثماني سنوات، حيث تناول فيه حياة الحلاج وتاريخه الفكري والشعري، محققًا بذلك دكتوراه من الكوليج دو فرانس.
رابط المصدر
[ad_2]