هل أصبحت الخدمات أدوات للصراع السياسي في السودان؟

Photo of author

By العربية الآن

هل صارت الخدمات أدوات للصراع السياسي في السودان؟

طلاب سودانيون في بداية العام الدراسي بمدرسة الوحدة غرب بورتسودان في 16 سبتمبر 2024. - اندلعت الحرب في السودان في أبريل 2023 وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص وتهجير الملايين، مما أدى إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. (تصوير AFP)
أكثر من 343 ألف طالب سوداني سجلوا لاجتياز الامتحانات وفق وزارة التربية (الفرنسية)

الخرطوم – مرت أكثر من 20 شهرا من الأزمة السودانية، وبدأت قوات الدعم السريع تهاجم الحكومة، متهمة إياها باستخدام الخدمات التعليمية والمالية كأدوات ضد المواطنين في مناطق سيطرتها. واعتبر مسؤول حكومي هذه الاتهامات تبريرات سياسية لتشكيل حكومة بديلة.

وقد بدأ بنك السودان المركزي منذ 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري، عملية استبدال الفئات الكبيرة من العملة الوطنية (500 و1000 جنيه) لتحل محلها عملات غير مبرئة للذمة. وتم تحديد مراكز في مدن آمنة لهذا الغرض، بعد تعذر عمل المصارف في مناطق الدعم السريع، مما يجعل نقل السيولة النقدية غير ممكن.

استعدادات الامتحانات

وأكد الوزير المكلف أحمد خليفة عمر، خلال مؤتمر صحفي في بورتسودان، استكمال الاستعدادات لإجراء امتحانات الشهادة الثانوية للدفعة المؤجلة (العام 2023) بسبب الحرب. أعلن عن تسجيل 343 ألف و644 طالباً، أي ما يعادل 83% من الطلاب المسجلين قبل الحرب، الذين يصل عددهم إلى أكثر من 570 ألفاً، موزعين على 2300 مركز داخل البلاد و59 مركزا في 15 دولة أخرى بها 46 ألف و553 ممتحناً، بالإضافة إلى 120 ألف و721 طالباً نازحاً من 11 ولاية.

وستكون هناك خطة حكومية لترحيل الطلاب من المناطق المتأثرة بالحرب إلى المناطق الآمنة، مع تكفل الحكومة بالإعاشة خلال فترة الامتحانات التي تستمر 12 يوماً.

ردود أفعال

من جانبها، اعتبرت قوات الدعم السريع أن قرار استبدال العملة يهدف إلى تقسيم البلاد، وقررت منع التعامل مع إجراءات الاستبدال، مع التأكيد على سريان استخدام العملات السابقة. كما أعلنت رفضها إجراء امتحانات الشهادة الثانوية في 28 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

واتهمت بعض المنظمات الحقوقية قوات الدعم السريع بمنع الطلاب في مناطق سيطرتها من الانتقال إلى الولايات الآمنة لأداء الامتحانات، بدعوى فرض رسوم عليهم للسمح بالمغادرة. وأوضح مسؤول في المكتب الإعلامي للدعم السريع، متحدثاً بشرط عدم الكشف عن هويته، أنهم لا يمنعون الطلاب، لكنهم يقلقون من اعتقالهم من قبل الجيش والأمن وتصنيفهم كمتعاونين.

رابط المصدر

اتهامات لقوات الدعم السريع بشأن الامتحانات في السودان

يشير أحد المسؤولين الحكوميين إلى أن قوات الدعم السريع تسعى لتبرير تشكيل سلطة خاصة بها في المناطق التي تسيطر عليها، تحت مزاعم حرصها على حقوق المواطنين، التي يقول إنها تُمنع من الوصول إليها. وأوضح أن امتحانات الشهادة الثانوية في السودان عادة ما تُجري في المناطق الآمنة حتى خلال الحروب، حيث يُنقل الطلاب من مناطق النزاع إلى الأقاليم الآمنة.

كما تم تجهيز مواقع لطلاب إقليم دارفور وبعض مناطق كردفان بعد تسجيل مواقعهم إلكترونيًا. ولكن القوات الأمنية قامت بمنعهم من مغادرة الأماكن التي يتواجدون فيها، مما يثير الشك في أن الهدف هو استخدامهم كورقة سياسية بدلاً من الاهتمام بسلامتهم، وفقًا للمتحدث الذي رفض ذكر اسمه.

واتهم المسؤول قوات الدعم السريع كذلك بنهب وتدمير المدارس والمصارف في المناطق التي تسيطر عليها، مما جعل توفير الخدمات المالية أمرًا صعبًا. وقد تم تحديد مواقع معينة لاستبدال العملة لتفادي الأضرار التي قد تلحق بالمواطنين في الولايات المتأثرة بالحرب.

وبشأن زعم قوات الدعم السريع بحرمان المواطنين من الحصول على جوازات السفر، فقد أوضح المصدر نفسه أن مكاتب إصدار جوازات السفر لا تميز بين المواطنين، وليس من صلاحيتها رفض إصدار الجواز إلا في الحالات التي صدرت بحقها قرارات قضائية.

الامتحانات كأداة للصراع

يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد لطيف أن الامتحانات قد أصبحت أداة من أدوات الصراع في الحرب، مهددةً مصير جيل من الطلاب بسبب توظيفها بشكل سيء. وأشار إلى أن ما يُسمى ب”سلطة الأمر الواقع في بورتسودان” لم تراعي التركيبة السكانية فيما يتعلق بالامتحانات، مما يحرم أكثر من 30% من الطلاب من حقهم في المشاركة.

وفي مقطع مصور نشره على فيسبوك، وصف لطيف الخلاف حول إجراء امتحانات الشهادة الثانوية بأنه اختبار أخلاقي للأطراف المتنازعة حول وحدة السودان، داعيًا إلى تجاوز أسباب النزاع والتوصل إلى اتفاق لضمان إجراء الامتحانات لجميع الطلاب.

وفي سياق متصل، أشار الباحث والمحلل السياسي فيصل عبد الكريم إلى أن تأجيل الامتحانات للدفعة المتأثرة منذ مايو 2023 ينذر بتهديد مستقبل جيل كامل ويؤثر سلباً على التعليم العام والعالي. وكان من المفترض أن تجلس دفعة 2024 للامتحان في يونيو 2023، لكن تم تأجيله إلى مارس 2025.

ووفقًا لعبد الكريم، فإن عملية استبدال العملة تتعلق بالجوانب الاقتصادية والأمنية، بسبب نهب أموال المصارف من قبل قوات الدعم السريع، حيث يُقدر ما نُهب بحوالي 350 مليون دولار، بالإضافة إلى انتشار التزوير. واعتبر أن وجود مناطق غير آمنة لا يعني استهداف المواطنين في مناطق سيطرة الدعم السريع.

ويعتقد عبد الكريم أن قيادة الدعم السريع تسعى إلى استخدام مشكلة الخدمات كوسيلة للضغط على الحكومة، وبذلك تحاول تجاوز الجرائم والانتهاكات التي وثقتها المنظمات الحقوقية، وتأسيس واقع سياسي جديد بعدما فشلت في تقديم أي خدمات للمواطنين أو توفير الأمن.

المصدر: الجزيرة

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.