هل استحوذ الغرب على حق إبادة الآخرين؟

Photo of author

By العربية الآن



هل كرَّس الغرب لنفسه حق إبادة الآخر؟

محكمة مغربية تنظر في شكاية ضد "مجرم حرب" شارك في العدوان على غزة وزار مدينة مراكش
“مجرم حرب” شارك في العدوان على غزة (الجزيرة)

تُظهر وسائل الإعلام بشكل يومي صورًا مروعة من جرائم الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني في قطاع غزة، بما في ذلك قتل المدنيين الأبرياء من شيوخ وأطفال ونساء، وتدمير المساجد والمدارس، ومهاجمة المستشفيات، إلى جانب تدمير البنى التحتية، وتجويع السكان، واغتيال الأطباء ومتطوعي الإغاثة، ومنع المساعدات الدولية.

غموض الحقوق الغربية

بخلاف المفهوم الشائع، فإن ما يروج له الغرب حول دفاعه عن الديمقراطية وحقوق الإنسان هو في الحقيقة تجسيد لحق “الإنسان الأبيض” في إنهاء وجود الآخرين غير الغربيين متى شاء، وهو ما بدأ منذ عام 1492، مع طرد المسلمين من الأندلس واستمر خلال فترات الاستعمار المختلفة. هذه الفكرة تفسر لا مبالاة الغرب بجرائم الكيان الصهيوني في غزة.

يستمر الكيان الصهيوني في استخدام تقنيات “الإبادة” لضمان استمرارية وجوده، معتقدًا أنه يملك حق الوجود الأصلي.

تقنيات الإبادة الغربية

الجرائم ضد الإنسانية التي يقترفها الكيان الصهيوني تُعتبر في نظر الغرب تكتيكات مشروعة للحرب ضد “الآخر” غير الغربي. وبحسب حنة أرندت، فإن هذه العقيدة تتجسد في مبدأ تدمير كل ما يتعلق بالكرامة الإنسانية. ويبدو أن هذه الجرائم تمثل جزءًا من حق الإنسان الأبيض.

الدول الغربية التي تدعم إسرائيل استخدمت هذه التقنيات ضد شعوب أخرى خلال تاريخ الاستعمار. ومن الملاحظ أن هذه الأساليب باتت تُستخدم في الحروب الحديثة.

الحرب في غزة

مع استمرار الحرب في غزة للدخول في شهرها الحادي عشر، يتضح أن الكيان الإسرائيلي والغرب تمكنوا من جعل الإبادة أمرًا طبيعيًا، ونجحوا في تشكيل فعل الإبادة ليبدو مسموحًا ضد الآخرين الذين يُعتبرون، بحسب فكرهم، “غير ذوي كرامة”.

نجحت الحداثة في تحويل جرائم الإبادة إلى سلوك مألوف تجاه الآخر الذي قد يكون مسلمًا أو أفريقيًا، بسبب تصورات الحداثة التي ترى أن الآخر فاقد للكرامة الإنسانية، ما يفتح المجال لتمرير السلوك الإبادي.

الفصل بين إنسان الغرب “صاحب الكرامة” والآخر “فاقد الكرامة” يفسر صمت الغرب تجاه انتهاكات حقوق الإنسان.

النموذج المعرفي للغرب

النموذج المعرفي الحداثي يحدد أن انتهاكات حقوق الإنسان لا تُعَد انتهاكًا إذا كانت موجهة ضد من لا يُعتبرون أصحاب كرامة. لذا، تُمارس الممارسات العنصرية تحت ستار الحقوق وعدم الاعتراف بها.

إن التعامل مع الفلسطينيين يتم على أنهم جزء من الطبيعة المتوحشة، مما يبرر استخدام نفس الأساليب التي تُستخدم مع البيئة. وقد استخدم الكيان الصهيوني نفس التقنيات في مقاومة الفلسطينيين.

بينت الحرب الإبادية على غزة هذا التقسيم اللامرئي للعالم.

الكشف عن التحيز

الصمت الدولي يكشف قصور النموذج الغربي في حماية حقوق الإنسان. بينما تتأثر هذه المعايير بحضور القضية عندما يتعلق الأمر بالإنسان الغربي.

سلسلة الصمت والانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني تكشف عن حقيقة أن العالم يكرس لنفسه حق الإبادة عندما يتعلق الأمر بالآخر، مما يطرح تساؤلات حول مدى مصداقية الحقوق التي يدعو إليها.

ختامًا، تبقى المقاومة هي الأداة الوحيدة القادرة على تمكين الشعوب المضطهدة من استعادة كرامتها وكسر البنية الإدراكية العنصرية التي تُعزز الهيمنة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.